وكما كان متوقعا، نفذت السلطات السعودية حكم الاعدام برجل الدين الشيعي نمر النمر ، الذي اثار بشكل علني مواقف شجب واستنكار في عواصم عديدة او مواقف معارضة في عدد من البلدان، منها مؤثرة مثل الولايات المتحدة وانكلترا التي ابديتا تحفظا على هذه الخطوة ، واعتبرتاه امرا سيعقد الوضع في المنطقة ويزيد من التوتر الطائفي الموجود اصلا ، وتوقعنا مبني على النهج الذي تسير علية المملكة بعد تولي سلمان الحكم وتنصيبه لابنه وزيرا للدفاع وولي لولي العهد ، وهذا اجراء يراد منه في اخر الامر ان يعتلي الاخير العرش بدلا من ابيه الذي يعاني من مشاكل صحية مزمنة ربما جعلته وكما يبدو غير قادر على اتخاذ القرارات المهمة ، وكما تذكر الصحافة العالمية ان جل القرارات تتخذ من قبل ابنه ولي ولي العهد وهو لا يزال في عنفوان شبابه ، وكغيره ممن هم في عمره ، يتصفون بالاندفاع وتنفيذ المغامرات واحيانا ارتكاب الحماقات دون اجراء حسابات دقيقة للعواقب التي قد تترتب على الكثير من اعمالهم هذه ، ظنا منهم ان شأن ذلك سينالون حظا اوفر في الشهرة وخطف الاضواء او تحقيق مكاسب سيخلدها التاريخ .
وقد حاولت السلطات السعودية تضليل الرأي العام المحلي والعربي وكذلك العالمي من خلال خلط الاوراق بأقران تنفبذ حكم اعدام الشيخ النمر بمجموعة احكام طالت اعضاء في تنظيم القاعدة تم احتجازهم منذ اكثر من خمسة سنوات او ما يزيد، واظهار الامر بانه لا يعدو اكثر من حلقة من حلقات جهود سعودية متزامنة مع الجهود الدولية في مكافحة الارهاب وان المدانيين جلهم سنة ينتسبون للقاعدة وبذلك يخلو الموضوع من توجه طائفي، والمرء المنصف لا يمكنه ان يساوي بين افعال القاعدة التي تتمثل في القتل والتدمير ، وبين الشيخ النمر الذي لم يبتعد في افعاله اكثر من توجيه نقد للسلطات السعودية وبشكل علني لسلوك الاخيرة في تحجيم مشاركة مواطنيها الشيعة وحرمانهم من اية حقوق مدنية وامتهان لكرامتهم حيث يعارض وبشكل صريح التمييز السلطوي ومصادرة الحريات والاستئثار بالثروات والمناصب التي حرم منها سكان المنطقة الشرقية بشكل مطلق اي انه لم يكن اكثر من احد دعاة الاصلاح السياسي في المملكة وكان من دعاة الحوار بين المذاهب وخلت خطبه من الشحن الطائفي ودعت الى التسامح الديني والمذهبي الذي تفتقده المملكة ، مواجها بذلك سيل عرم رسمي وغير رسمي في وصف المكون الشيعي السعودي الذي ينتمي له الشيخ النمر ، بشتى النعوت المسيئة واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية حينما تسمح لخطب الجوامع في السعودية بالانتقاص من الشيعة كمذهب اسلامي ، ويننظر اليهم بعين الريبة وتلصق بهم تهمة العمالة للاخرين وبالتحديد لايران ، وقد كان هذا الموقف العدائي جليا لاحد الوزراء من الطائفة الشيعية الذي عينه الملك الراحل عبدالله لذر الرماد في العيون من ان المملكة سائرة في ركب تمثيل المكونات المجتمعية في الحكومة ، حيث لاقى هذا المرشح اوصافا قاسية من بعض رجال الدين الذين هم موظفين في الدولة السعودية ، وبعض خطباء المساجد ، وقد احدث هذا التعيين جدلا في الصحافة المقروءة ومواقع التواصل الاجتماعية ، وكأن هنالك امرا غير قانوني قد حدث ، مع ان ثروة المملكة الهائلة تتأتى من هذه المناطق ، التي تعاني الاهمال ، ومن هنا لا يمكن مقارنة فعل الشهيد النمر بافعال المنتمين للقاعدة الذين ينتهكون القواعد الانسانية ويقتلون النفس البريئة لمجرد اختلاف انتماءها الديني والمذهبي او السياسي مع عقيدتهم التي اساءت وتسيء للدين الاسلامي ،
هذا النهج التصادمي الذي تتباه السلطات السعودية ، بذريعة محاصرة التهديدات الايرانية والذي اقنعت به الشارع العربي الذي يتبنى بأغلبيته المذهب السني ، سيجعل المنطفة على فوهة بركان وبالتالي سيقود الى مواقف لا تحمد عقباها ، وستكون شعوب المنطقة هي الخاسر الوحيد ، ويبدو ان المخطط الذي اوكل الى المملكة لتنفيذه بالتضامن مع بعض دول الخليج بالتغطية المالية له كما هو شأنها في الحروب السابقة التي اندلعت في المنطقة بدءا من الحرب العراقية الايرانية وحروب الخليج الاخرى ،
ان اقدام السعودية على اعدام الشيخ النمر ، رغم الاعتراضات الدولية التي سبقت التنفيذ ، بدءا من الامم المتحدة ممثلة بأمينها العام ، الولايات المتحدة ، معظم الدول الاوربية ، منظمات دولية مثل منظمة العفو الدولية ، منظمات حقوقية التي كانت تحتج بشدة ، التي ادركت ان فعل الشيخ النمر لا يستحق الاعدام ، كان الهدف منه توجيه المنطقة نحو الاصطفاف الطائفي بعد اشعال اوارها بشكل رسمي من قبل الانظمة التي اوكل اليها تنفيذ مخطط تمزيق المنطقة ، والغريب ان يستنكر البعض رد الفعل الايراني فقط ، دون ان يكترث للذي يجري في المنطقة من دمار وقتل يومي جعل من انسان سكان هذه المنطقة ارخص من الرخيص ، والموقف الايراني ايضا كان متأهبا بانتظار اية قدحة زناد سعودية ليفجر بركان غضبه على خلفية الضحايا الذين سقطوا خلال موسم الحج الاخير والذي كان مقصودا بحسب التحليلات الايرانية بناءا على روايات اختفاء قيادات ايرانية مهمة كانت ضمن الحجيج الايراني ، حيث جرى تصفيتهم كما يؤكد الجانب الايراني ، وبالتالي فان حادثة التدافع ما هي الا رواية سعودية مفتعلة للتغطية على ذلك ويلوح في الافق ما يؤيد هذه الرواية هو حديث سيدة عراقية قالت ان زوجها وهو مدير عمليات مكافحة الارهاب في العراق تم اختطافه او اختفى قبل حادثة التدافع ومن ثم وجد من بين ضحايا هذه الحادثة ، كما ان موقع اليوتيوب تداول مقطعا لاحد الاطباء المصريين يبين فيه ان الحادث مفتعل بناءا على مقابلته لعدد من الضحايا وما وجده من اثار على هؤلاء استبعد فيه فعل التدافع ، وما يزيد من هذه الشكوك ، ان السعودية لم تعطي رقما دقيقا لغاية الان رغم ان مثل هذه الحوادث عادة ما يتم احصاء ضحاياها بعد حدوثها بفترة قصيرة ، كما في حادثة سقوط البرج ، اضافة الى ان ايران تعتبر نفسها مدافعا عن شيعة المنطقة ، تماما كما نصبت السعودية نفسها محاميا عن سنة المنطقة والتي اباحت لنفسها التدخل في العراق منذ الاطاحة بنظام صدام ، حيث ان تصريحات المسؤولين السعودين الرسمية والتي لا تحصى اججت من الصراع الطائفي المؤسف في العراق والذي راح ضحيته مئات الالاف من السنة والشيعة على حد سواء خلال اعمال الفعل ورد الفعل ، كما ان معظم مقاتلي القاعدة وداعش هم من السعوديين الذين يمثلون ما يزيد على نصف منتسبي هاتين المنظمتين الارهابيتين ، و هذا يظهر جليا في التسجيلات التي تُبث من تلك المنظمات على مواقع الشبكة العنكوبتية بعد كل عملية في العراق ( يمكن الاستناد على هذه التسجيلات كوثائق لدى المنظمات الحقوقية او المحاكم الدولية ) ، قد يقول قائل ان هذه العناصر لا تمثل الموقف الرسمي للسعودية ، لكن الوقائع تقول انها تمثل الموقف الرسمي السعودي ليس بالشكل المباشر ، بل من خلال الصمت والسماح للخطب في الجوامع السعودية بلا استثناء وهذه ايضا مثبته في مقاطع فديوية على النت وكلها تدعو لقتل الرافضة في اشارة الى الشيعة الذين هم روافض حسب الفكر الوهابي ، وللتذكير اخر خطبة ومن على منبر الحرم المكي وخلال صلاة التراويح كان الامام يدعولنجاح دولة الخلافة ويدعو الله سبحانه وتعالى للقضاء على اليهود والنصارى والراافضة ، ولا اعتقد ان مثل هذه الدعوات او الخطب خافية على السلطة السعودية وكما يصف فقهاء القانون السكوت هو علامة الرضا والموافقة على ما يقولون ، ويترتب على ذلك استحقاقات قانونية في القوانين السماوية والوضعية ، وما نريد قوله ان سبب وجود نسبة كبيرة من السعوديين في هذه المنظمات هو نتيجة حتمية لهذا التوجه الديني المحلي في المملكة ( ايضا يمكن اعتماد هذه التسجيلات كأدلة لدى المنظمات الدولية والمحاكم)
[email protected]