7 أبريل، 2024 12:00 م
Search
Close this search box.

هل أنت مقبل على تقاعد ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

هذا السؤال يثير الكثير من الموظفين ويجعلهم أكثر تشاؤما من المستقبل المحفوف بالمخاطر وعدم الثقة بما هو آت من تضخم مالي قد يقضي على الراتب التقاعدي المتدني ويدفع المتقاعد لصرف ما أدخره من مال خلال رحلته الوظيفية  الطويلة التي قد تمتد إلى (30) عام أو أكثر مع قلة الراتب المصروف له كل شهريين .
أن نسبة العاملين في الدولة أو ما يطلق عليه القطاع الحكومي قد يصل اليوم إلى عاملين لكل متقاعد وهذا يعني أهمية معالجة أوضاع المتقاعدين وتشريع قانون موحد للتقاعد يكون منصف وعادل وشفاف…… حيث صادق مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية الثامنة والثلاثين على – مشروع التقاعد الوطني الموحد – عندما راعى القانون الجديد تحقيق العدالة في توزيع رواتب المتقاعدين من خلال ضمان رفع مستوى الدخل لهم وبما لا يقل عن 400 إلف دينار شهريا من ضمنها مخصصات المعيشة , بعد إلغاء القوانين الخاصة كافة التي كانت تمنح راتبا تقاعديا يعادل 80% من الراتب دون الأخذ بنظر الاعتبار مدة الخدمة على إن تكون للموظف في الدولة خدمة لا تقل عن ( 15 ) سنة بغض النظر عن العمر وزيادة مكافأة نهاية الخدمة لتصبح راتب ومخصصات (12) شهر بدلا من ( 6 ) أشهر إذا كانت للموظف خدمة تقاعدية ثلاثين سنة صعودا .
لنفرض أن(نوري) الذي سوف يتقاعد نهاية السنة الحالية – 2014 – يبلغ دخله السنوي ( 36) مليون دينار بمعدل راتب شهري قدره (3) مليون دينار , وهو يتوقع أن يعيش بعد التقاعد عشرون عاما ويحتاج إلى 50% من دخله السابق لكي يعيش عيشة كريمة خلال السنوات المتبقية له أي يحتاج (18) مليون دينار , فإذا كان معدل التضخم 5% سنويا سيكون بعد عشر سنوات بحاجة إلى ( 26) مليون , بينما المتبقي من المبلغ المدخر سوى (18) مليون أي بعجز (8) مليون وهكذا , مما سيضطره إلى طلب العمل مرة أخرى بطريقة التعاقد أو تأجير الشقة التي بناها لأولاده لغرض الزواج , من هنا تبرز القيمة الزمنية للنقود كواحدة من أهم المدفوعات التي يتوجب على المشرعين إن يكونوا ملمين بها تماما للانتقال من القيمة الحالية إلى القيمة المستقبلية دون الدخول بالتوزيعات الاحتمالية المتوقعة والتي تجعل القانون المشرع وقتي وخاضع للتغيير في أية وقت ممكن أسوة بالاحتمالات الجوية للطقس المتوقعة كل يوم 0
وفترة العيش الطويل دليل واضح على التطور في مجالات الصحة والطب والتغذية والرفاهة الاجتماعية فضلا عن زيادة الطلب على نظام التقاعد , هذا ما نلاحظه اليوم في اليابان وأمريكا حيث يشكل المسنون ما نسبته 41% من سكانها بسبب وجود خطط للرعاية الاجتماعية سواء كانت للرجال أو للنساء . واليوم إن تحديد سن التقاعد يعد من القضايا الأكثر سخونة في فنلندا حيث هناك مقترح بان تتراوح هذه السن بين 63 و 65 سنة والحكومة الفنلندية تعمل على عدم التفريط في العمالة المدربة من خلال تقليص سن الإحالة للتقاعد علما إن رواتب العاملين في القطاع العام تستحوذ على 53% من إجمالي بند الأجور في الموازنة العامة في فنلندا و ديون الدولة لا تقل عن 60% من إجمالي الناتج المحلي فيها .
أما عندنا في العراق فمن يحال من الموظفين على التقاعد البعض منهم ينزع زيه الحكومي الرسمي ويرتدي الزى العربي( العقال واليشماغ والدشداشة ) ليصبح كبير عائلته أو كبير قومه ويكون عنصر فعال في منطقة سكناه المليئة بالمشاكل العشائرية و الاجتماعية , لكن الكثير منهم يبقى فقيرا معوزا يبحث عن من يشغل ابنه أو ابنته لتحل محله في العمل وخاصة أولئك الموظفين المصابين بأمراض مستعصية كالسكر وضغط الدم ومن ساكني دور الدولة من الذين يدفعون إيجارات شهرية من رواتبهم المتواضعة كبدل سكن شهري, بينما إيران الدولة المجاورة للعراق تقوم بتمليك الدور السكنية لموظفيها في حالة الإحالة على التقاعد أو الوفاة … أما نحن في العراق لا زلنا نبحث عن مكارم القائد الضرورة لحد هذا اليوم وخاصة أيام الانتخابات الممطرة بالخير الوفير.
أن صناديق التقاعد في اغلب دول العالم وخاصة الأوربية منها ما هي إلا برامج تقاعدية تمولها الشركات أو الوكالات الحكومية لصالح العاملين وتدار من قبل مصرف تجاري أو شركة تامين على الحياة أو مؤسسة مستقلة وتستثمر تلك الأموال في الأسهم والسندات والعقارات والقروض المضمونة وبأسلوب المساهمة المحددة بإضافة مبلغ محدد كل سنة إلى حساب المخصصات التقاعدية للعامل ,فهي غير محددة وتتوقف على المساهمات السنوية لرب العمل والمساهمات التي يرغب العامل بإضافتها وعلى عوائد استثمار المبالغ المتجمعة في حساب المخصصات التقاعدية للعامل نفسه0
من هنا تأتي أهمية الاستثمار في أموال صندوق المتقاعدين بمشاريع عديمة المخاطر لتحقيق زيادة للمتقاعدين في رواتبهم من خلال تنمية تلك الأموال وذلك من خلال توظيفها في سندات خزينة الحكومة وسندات البنك المركزي كونها تعتبر من الاستثمارات مؤكدة الإرباح ولا توجد فيها مخاوف من الاستثمار لأنها مضمونة المكاسب , وعدم الاكتفاء بالاستقطاعات من الرواتب إثناء الخدمة في الدوائر الحكومية .
واليوم وصلت الديون التقاعدية لشركة (General Motors) الأمريكية إلى (9) مليار دولار وشركة (Chevron) النفطية إلى (2,6) مليار دولار والبنك الأمريكي إلى (109) مليون دولار , وهذا يدلل على غرق تلك الشركات بالديون المستحقة لعامليها المتقاعدين مما أدى إلى مخاطر كبيرة نتيجة استثمار أموال المتقاعدين ودفع تلك الشركات إلى استخدام برامج المساهمة المحددة من خلال إضافة مبلغ محدد كل سنة إلى حساب المخصصات التقاعدية للعامل بدلا من استثمارها في مجالات قد تؤدي إلى المخاطر .
ولا يخفى على الجميع إن هناك قوانين أهم واكبر من – قانون التقاعد الموحد الجديد رقم 9 لسنة 2014 – الذي شرعته الحكومة العراقية وأقره البرلمان مؤخراً , لم تشرع لحد ألان وما زالت تبحث عن من يناقشها في رفوفها المغطاة بالتراب والمتوقع ترحيلها إلى الدورة القادمة ثم القادمة لأنها سوف تكشف عن عورتهم وجهلهم بقوانين العصر وترميهم في مزبلة التاريخ منها : قانون الأحزاب وقانون البني التحتية وقانون النفط والغاز الذي ينتظره الشعب العراقي بلهفة شديد ة , وأخيرا قانون الموازنة الاتحادية لعام 2014 الذي تركه البرلمانيون في مجراتهم الشخصية وانشغلوا بالدعاية الانتخابية وراحوا يبحثون عن من ينتخبهم مرة أخرى ولله الحمد.
 شركة نفط ميسان/ مدير حسابات أقدم

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب