9 أبريل، 2024 3:21 م
Search
Close this search box.

هل أخطأ ابو بكر ( رض) في تابين رسول الله (ص)

Facebook
Twitter
LinkedIn

 قبل ان ابدا حديثي اقول والله شاهد على ما اقول انا لست طائفيا واترحم على كل صحابة رسول الله باستثناء الذين آذوه ، فهؤلاء لا املك الا ان ابغضهم ، كاي مسلم يحب من احب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ويبغض من ابغضه ، اما حديثي فالحقيقة هو عن الاستفزاز الذي تحدثه لي المقولة المنسوبه الى الخليفة ابي بكر الصديق رضي الله عنه يوم وفاة رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ” أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ ” لا اكاد اجد لها معنى في ادبيات العقيدة الاسلامية سوى انها اجتهاد منه ، وهو اجتهاد خاطيء ، فالمجتهد يصيب ويخطيء ، وهو يؤجر في الحالين.
  ولا عجب ان يخطيء مجتهد مسلم حتى وان كان هو الخليفة ، ولكن العجب ان يؤخذ هذا الخطأ على انه منقبة ، فالكلام سيق لحظة وفاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، حيث يروية البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ، فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ ” فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، اي انه سيق بما يشبه التأبين لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ من احد اكابر صحابته ، ولكنه تأبين يستفز الشاعر ، فالموت مصيبة كما يقول الله تعالى { فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ }  ويقول البوطي رحمه الله: المصيبة التي نعت الله عز وجل الموت بها ليست مصيبة الراحل عن حياتنا الدنيا، وإنما هي مصيبة أقرانه وأحبابه وأقاربه الذين يستوحشون للبعد عنه، فالأحياء الذين يودعون أحباباً لهم أقارب يستوحشون ويتألمون ويحزنون ويجزعون، والمصيبة هي مصيبة الفراق، وقد امرنا الله ان نواجه المصيبة بالاسترجاع في قوله تعالى { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ   الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } ، فكان الاولى بابي بكر ان يجعل موت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ هو اوضح مصاديق المصيبة ، فيكون تأبينه له هو الاسترجاع ، اما قوله من كان يعبد محمدا فان محمد قد مات ، فزيادة على انه لم يات بجديد ، لان الموت حق يجده المسلمون في كتاب الله بقوله تعالى { فانك ميت وهم ميتون } فانه جاء مجفايا لمشاعر الحزن الانساني العام امام مصيبة الموت ، فكيف اذات كان الميت هو حبيب الله المصطفى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الذي احبه الله فصلى عليه هو وملائكته وامر المؤمنين بالصلاة عليه فقال عز وجل { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ، واشفق عليه يوم عبده عبادة تشق على الانسان فخاطبه بقوله تعالى { طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } ، وقرظه بما لم يقرظ احدا من خلقه بقوله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، والتقريض هو مدح الحي ، فهل يؤبن من هو بهذا السمو الذي لا يدانى وبهذا الخلق الذي لا يجارى وبهذه المنزلة التي لا يبلغها احد سواه ، بموته بمقولة الا من كان يعبد محمدا فان محمد قد مات.
   بلا ادنى شك ان وفاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مصيبة المت بالمسلمين الذين احبوه حبا لم يعطى لغيره فكانت الروايات تتحدث عن تعلق الصحابة به ، فاذا جلس مجلسا تحلقوا حوله كالنجوم حول القمر واذا توضا لم تسقط من ماء وضوئه قطرة الى الارض ، اذ كانوا يتلقفونه لمسح وجوههم وايديهم تبركا ، فكان معلمهم وقائدهم ومربيهم ، والمؤكد انهم لا يعبدونه وانما يعبدون الله تعالى الذي امرهم بحبه وطاعته والاقتداء به  وعليه فلا احد يعبد محمدا ، ولكن الجميع يصدقون ما جاءهم به من قرآن كريم جاء في محكمه ما يؤكد سمو محمد وعظمة خلق وخلقه وكمال انسانيته التي اوصلته الى سقف الوجود سيدا لخلق الله تعالى قرنت الشهادة بانه الرسول مع الشهادة بان الله هو الاله ، اما بعد فهل يعقل ان يؤبن بهذا الكلام الذي لو أبن به احدنا ملكا من الملوك او اميرا من الامراء لادين بجرم الاساءة الى الذات الملكية او الاميرية.
   وعليه فانني اشك بنسبة هذا القول الى الخليفة الراشد ابي بكر الصديق رضي الله عنه ، اما اذا صحت روايته عنه فلا تفسير الا القول انه اجتهد فاخطا ولسنا ملزمين باتباع اجتهاد خاطئ ، بل وتحويله الى منقبة تفرض علينا قراءتها وسماعها مع ما يفرضه ذلك من استفزاز لنا باقدس انسان في حياتنا هو سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ
   فهل من حد لهذا ، كأن تحذف هذه المقولة من ادبياتنا بوصفها اجتهادا صدر عن صحابي كبير الا انه اجتهاد خاطئ ، ولا اثم في ان يخطئ المجتهد لكي لا يتحرج المسلمون عن الاجتهاد فتغلق ابوابه

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب