23 ديسمبر، 2024 5:50 ص

هل أخطأت المرجعية بدعمها لحراك تشرين؟

هل أخطأت المرجعية بدعمها لحراك تشرين؟

انطلقت نهاية العام 2019 تظاهرات شعبية في جميع المحافظات العراقية, افضت هذه التظاهرات الى استقالة الحكومة العراقية برئاسة الدكتور عادل عبد المهدي.
شهدت التظاهرات احداث عنيفة, وراح فيها عدد من الضحايا, سواء من المتظاهرين ام من القوات الامنية, ثم تحولت التظاهرات لتصبح عبارة عن موجة عنيفة تكتنف المشهد العراقي, فتم تعطيل المدارس والدوائر واحراق الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرق واحراق مقرات الاحزاب وبيوت المسؤولين في الوسط والجنوب.
تدخلت المرجعية بكل ثقلها في هذه التظاهرات, وايدت العتبات وطلبة العلم هذه التظاهرات, بل وصل الامر بالمرجعية ان تسمي التظاهرات بالطريق المشرف!
ولكن ونتيجة ما حدث من احداث اجرامية رافقت التظاهرات في الوسط والجنوب, وقطع للطرق واغلاق للمدارس واطلاق الشعارات المعادية للحشد ولكل ما هو شيعي, هنا اندهش الجمهور الشيعي عموما والجمهور المرجعي خصوصا من تأييد المرجعية لهذه التظاهرات المنحرفة, والتي بانت نواياها واضحة في استهداف كل مقدس شيعي, وبالتالي ضرب كل ما هو شيعي وبأدوات شيعية للأسف.
وللإجابة عن هذا التساؤل هو لابد ان نقول: ان المرجعية وعلى مر المراحل التي مر بها العراق كانت في صف الشعب, فهي لم تدعم ولم تؤيد الحكومات المتعاقبة, وسعت وطالبت من خلال خطبها بضرورة التغيير, واوصدت ابوابها بوجه السياسيين, كما انها استشعرت الخطر قبل التظاهرات, حيث اكدت –المرجعية- ان الاستمرار بهذا السلوك الفاسد في قيادة البلد سيجر الى ما لا يحمد عقباه ولات حين مندم.
موقف المرجعية كان نابعا من رؤيتها بأكثر من زاوية, ويبدو ان المرجعية اطلعت على خطة او وصلها تأكيدات ان وراء التظاهرات اصابع خفية تقودها اسرائيل ومخابرات دولية ويعينها خط سياسي متمثلا بإحدى الرئاسات – اكثر التحليلات اشارت الى اتهام رئيس الجمهورية برهم صالح- لخلق حالة من الفوضى من خلال قمع التظاهرات, وتصعيد حالة العنف والعنف المضاد, مما يهدد بحرب اهلية مفتوحة, لذا كان نزول المرجعية بكل ثقلها هو لحفظ المتظاهرين السلميين, وقطع الطريق امام اي مخطط من بعض الاجهزة الامنية –كالفوج الرئاسي- المتعاونة مع إسرائيل وبقية اجهزة المخابرات الاجنبية من ان يُمْعِنُوا في العنف, وبنفس الوقت كان ايضا قطع للطريق امام المندسين الذين يعملون ضمن اجندات معادية داخل صفوف المتظاهرين لتصعيد العنف المضاد.
لذا من يتابع خطاب المرجعية يجده كان واضحا في توجيهه الى المتظاهرين, قائلة ان عليهم ان يميزوا صفوفهم من غير السلميين, وقد ادانت وشجبت بكل قوة حادثة مقتل السيد الشاب الشهيد هشام البطاط والتمثيل بجثته في ساحة الوثبة, وكذلك ما حصل للشهيد وسام العلياوي واخيه في محافظة ميسان.
كان تدخل المرجعية تدخلا دقيقا, وهو سحب البساط من تحت ارجل الاجندات التي سعت الى اشعال حرب اهلية في الوسط والجنوب, وافشال مخططاتهم الخبيثة التي وصفتها المرجعية في احد خطبها قائلة “إن الأعداء وأدواتهم يخططون لتحقيق أهدافهم الخبيثة من نشر الفوضى والخراب والانجرار الى الاقتتال الداخلي ومن ثَمّ إعادة البلد الى عصر الدكتاتورية المقيتة، فلا بد من أن يتعاون الجميع لتفويت الفرصة عليهم في ذلك”.
وبعد ان تأكدت المرجعية من افشالها لمخطط الاقتتال, وان الامور خرجت باقل الاضرار, اتجهت لتكرار حديثها مع المتظاهرين للابتعاد عن الاضرار بالمال العام والخاص, وان يطرد السلميون كل غير سلمي في صفوفهم, حيث قالت ويجب ” رعاية حرمة الأموال العامة والخاصة، وضرورة أن لا تترك عرضة لاعتداءات المندسين وأضرابهم، وعلى المتظاهرين السلميين أن يميّزوا صفوفهم عن غير السلميين ويتعاونوا في طرد المخربين ـ أياً كانوا ـ ولا يسمحوا لهم باستغلال التظاهرات السلمية للإضرار بممتلكات المواطنين والاعتداء على أصحابها” ومع هذا النداء ويئس المرجعية من ان يقوم المتظاهرين بتمييز صفوفهم -والتي اراها انها اشارة للانسحاب من التظاهرات بالنسبة للسلميين- فان المرجعية اغلقت ابوابها بوجهة المتظاهرين وقالت ان مهمتها فقط النصح والارشاد واوقفت الحديث بشأن التظاهرات.