23 ديسمبر، 2024 4:43 م

هل أتاك حديث المستكفي ؟

هل أتاك حديث المستكفي ؟

-1-

المستكفي بالله هو ابو القاسم عبد الله بن المكتفي أحد ملوك بني العباس، وقد ولى الحكم سنة 333 هجرية، وفي جمادي الأخرة سنة 334 هجرية خُلع، وسملَتْ عيناه ،فمّدة ولايته لم تَطُلْ أكثر من سنة وأربعة أشهر ..!!

تاريخ الخلفاء /ص258

-2-

إنَّ مُدّة حُكْمِهِ القصيرة، لم تخلُ من بعض الأخبار الدّالة على تفضيله العراقيين على بعض أشقائهم …

وأهمُّ ما أراد تسليط الضوء عليه من صفاتهم هو ذكاؤهم .

وهذا الذي أراده ، يُطابق ما انتهت اليه تقارير دولية، أشارت الى شدة ذكاء العراقيين نشرت مؤخراً …

-3-

إنّهم أذكياء ويتناسى الكثيرون ذلك فيتذاكون عليهم ..!!

-4-

قال المسعودي في مروج الذهب ج4 ص282 :

(واقبل المستكفي يوما على محمد بن محمد بن يحيى الكاتب ، فقال له :

أتعرف خبر الحجاج بن يوسف مع أهل الشام ؟

قال :

لا …

قال :

ذكروا أنْ الحجاج بن يوسف، كان قد اجتبى (اي اختار) قوماً من أهل العراق ، وجد عندهم من الكفاية ما لم يجد عند مختصيه من الشاميين ،

فشق ذلك على الشاميين ،

وتكلموا فيه ،

فبلغ اليه كلامهم ،

فركب في جماعة من الفريقيْن (اي أهل العراق وأهل الشام) وأوغل في الصحراء ،

فلاح لهم من بُعْد قطارُ إبل ،

فدعا برجُلٍ من أهل الشام ، فقال له :

امضِ فاعرف ما هذه الأشباح ، واستقصِ أَمْرَها ، فلم يلبثْ أنْ جاء وأخبره انّها إبل ، فقال :

أمحملةٌ هي ؟ أم غير محملة ؟ قال :

لا أدري ، ولكني أعودُ ، وأتعرف ذلك .

وقد كان الحجّاج أتبعه برجل آخر من أهل العراق ، وأمره بمثل ما كان من أمر الشامي ،

فلما رجع العراقي ، أقبل عليه الحجّاج ، وأهل الشام يسمعون :

ما هي ؟

قال :

إبل

قال :

كم عددها ؟

قال :

ثلاثون

قال :

وما تحمل ؟

قال :

زيتا

قال :

ومن أين صدرت ؟

قال :

من موضع كذا

قال :

وأين قصدت ؟

قال :

موضع كذا

قال :

ومن ربُّها ؟

قال :

فلان .

فالتفت الى اهل الشام فقال :

ألامُ على (عمرو) ولو مات أو نأى

لقلَّ الذي يغني غناءَك ياعمرو !!

فقال محمد بن محمد بن يحيى الكاتب :

قال بعض أهل الأدب في هذا المعنى :

شرُّ الرسولين من يحتاج مرسلُه

مِنْهُ الى العود والأمران سيّانِ

كذاك ما قال أهلُ العلم في مَثَل

طريقُ كلّ أخي جهل طريقانِ

قال المستكفي :

ما أحسن ما وصف البحتري الرسول بالذكاء بقوله :

وكأنَّ الذكاء يًبْعَثُ مِنْهُ

في سواد الأمور شُعْلَة نارِ

أقول :

ان ذكاء العراقيين هو الذي جعلهم أصحاب قدرات متميزة في اكتشاف الحقائق ومعرفة الرجال …

ومن هنا صارت النعمة نقمةً عليهم ، في الماضي والحاضر ..!!

إنّ لجوء الحجّاج الى اعتماد رجلين احدهما شامي والاخر عراقي لمهمة واحدة، جعل تفوق العراقي على زميله واضحاً، فلقد استطاع ان يؤدي المهمة بنجاح ملحوظ دون عناء ، وهذا هو الذكاء ..!!

وحين يسرد المستكفي القصة كاملة يعني أنه يتبنى ما قاله الحجاج .

ان العراقيين اليوم يهدّدون بالعقاب الشديد ، لا لشيء إلاّ لأنهم أذكياء ، لاتنطلي عليهم ألاعيب السلطويين .

*[email protected]