26 مايو، 2024 5:56 م
Search
Close this search box.

هل أتاك حديث الطف (1) 

Facebook
Twitter
LinkedIn

الركن السادس
ما السر الذي جعله يترك مناجات لبيك اللهم لبيك؟ حيث تتسلق الحجيج عرفة، ويقطع آلاف الفراسخ من البراري، قاصداً كربلاء، أي شعيرة أقوى من فريضة الحج؟ ليزهدها أبا عبد الله ويتوجه بعياله ونساءه ليراهن الله سبايا، كما يراه صريعا! أ ليس فريضة الإصلاح؟.
لم يخرج أشراً ولا بطراً، بل خنقته رسائل الاستنجاد، وصلت ربوع الحجاز نتانة الفساد، وكان يعلم علم اليقين ثمن الاصلاح دمه وسبي عياله دماءه، قرباناً تزيل عروش الفساد المتجحفلة بأركان الكوفة، لم يكن طالباً لوزارة أو رئاسة، بل كان مصراً على ان يستأصل شأفة الفساد المتعفنة.
وفود حاولت ان تثني عزيمة الحسين (ع)؛ وإرجاعه عما نوى اليه في كل موطن حلت به رواحله، ممن سمعوا قول رسول الله(ص) “هذا جبريل يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها كربلاء، يقتل فيها ولدي الحسين” لكن دون جدوى! كون الإصلاح بدى لا مناص منه، في ظل حكام أفسدوا في الأرض.
وصل الحسين الى كربلاء، نصب سرادق الإصلاح، لكنها خٌليت من التحزب والتلون، أٌخرج منها الرياء والضحك على الذقون، فكانت كربلاء سماطين، جيش خرج لطلب الإصلاح وآخر ناصراً للفساد، لا يوجد في معسكر الإصلاح شخص تسنم منصباً في حكومة الكوفة، ولم تُبنى خيمة لمحافظها، لم تطأ اقدام مسؤول لجنة الامن والدفاع اليزيدية، سرادق الحسين (ع)، لذلك قدم إصلاحه لوحة مجد وخلود.
كانت كربلاء انطلاقة لخوض معركة حاسمة مع المفسدين، تقطع فيها الرؤوس وتطيح فيها الايدي، فتزيل كل المتشبثين في كرسي ترنحوا عليه دون دراية بخفاياه، فأفسدوا باسم الدين ومبادئ السماء.
خلاصة القول: متى ما وجدنا قائداً يجود بنفسه في سبيل الإصلاح، متخلياً عن كل مغريات الدنيا، من سيارات فارهة وقصور شاهقة، وانتهج أهداف الثورة الحسينية، وتخلى عن حزبه ومناصبهم، عندها سنضحي بين يديه لطلب الإصلاح في أمة النبي الاكرم.
سلام.

 ثورة الإمام الحسين عليه السلامثورة فرد؟ أم ثورة جماعة؟مهدي أبو النواعير.   أضحت شؤون الحياة بكل تفاصيلها في العصر الراهن أسيرة للتقييم والتحليل والتوصيف العلمي المبني على أسس تحليلية صحيحة, من ضمن الموارد التي شملها التحليل والتوصيف هو مفهوم الثورة, حيث كتب في هذا المجال علماء من مختلف الإختصاصات , وأضحى تفكيك هذا المفهوم الشغل الشاغل لمفكري وعلماء السياسة المعاصرين, لأنه يضم في داخله حركة المجتمعات , واختلاط مجمل ما تحمل من وعي وثقافة وأفكار, الممارسات والمواقف الفعلية.   أغلب التعريفات التي تحاول فهم وتفكيك مصطلح الثورة تذهب إلى أن الثورة هي وعي اجتماعي تحصل فيه حالة صحوة ناتجة عن تراكم سلبيات أخطاء السلطات السياسية, فيصل الوعي الجماهيري فيها إلى مرحلة, تكون أجوبة تبريرات السلطة القائمة غير كافية لإقناع الجمهور, بل وتفقد قوتها في كل المفاصل ولدى كل الطبقات, فتبدأ تنهار نتيجة لذلك مصداقية الخطاب السياسي (وبالأخص الاعلامي التبريري), وتتحول أفكار الماسكين بالسلطة وأيديولوجياتهم, إلى حقن تخدير منتهية المفعول.   عند تلمسنا لثورة الإمام الحسين عليه السلام, وأبعادها السياسية والاجتماعية والسياسية, نجد أنها ثورة تحققت فيها مستلزمات نضج الوعي الجماهيري, حيث كانت رسائل أهل العراق إلى الحسين عليه السلام, تمثل حالة إنهيار منظومات الفعل السياسي والاعلامي للطاغية يزيد (بصرف النظر عن بقاء او انقلاب أصحاب هذه الرسائل) , فكان تحرك الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق, مبني على امكانية توفر مفهوم الفعل الجماهيري للثورة والمطالبة بالإصلاح.    لقد مثلت ثورة الإمام الحسين عليه السلام ضد يزيد, بعدا ثنائيا لفهم الدين وأبعاده وتوجهاته, فعلى رأي علي شريعتي, يمثل الدين ” ظاهرة مدهشة تلعب في حياة الناس أدواراً متناقضة. يمكن له أن يُدمر (كدين يزيد مثلا), أو يبث الحيوية (كدين الحسين عليه السلام), يستجلب النوم (كدين يزيد), أو يدعو إلى الصحة (كدين الحسين ع), يستعبد (كدين يزيد) أو يحرر (كدين الحسين ع), يعلم الخنوع (كدين يزيد) أو يعلم الثورة (كدين الحسين عليه السلام) ” .   لا يمكن للثورة أو الإصلاح أو الدعوة إلى العدل أن تتحقق فقط بإقتصارها على وجد القائد! الثورة والإصلاح يحتاج إلى جمهور وصل مرحلة متقدمة من الوعي الأخلاقي والديني والسياسي؛ مشروع الحسين عليه السلام لم يكن له أن يوجد أو ينجح ببعده الإصلاحي الباقي والمستمر, لولا وجود الجماعة الصالحة أو الفريق الواعي المنسجم مع قيادته.    ثورة الحسين عليه السلام لم تكن ثورة فرد واحد (الحسين), بل كانت ثورة مجموعة لكل منها دور : الحسين , زينب, الأنصار, العباس, الإمام زين العابدين, النساء, العبيد … الخ لكل فرد في هذه اللوحة الإلهية الرائعة دورا مرسوم بدقة, بحيث تؤدي إزاحته إلى تخريب المشهد وهدم المشروع ..    ما نحتاجه اليوم في العراق هو ليس قائدا فردا كما يقول ويعتقد اغلب العراقيين (نريد واحد شريف يحكم العراق)! ما نحتاجه اليوم هو قيادة ثورة اصلاح جماعية , يكون كل جزء منها واعيا بالدور المناط به, ثورة لجماعة تمتلك وعياً واضحا بمتطلبات المرحلة وخطورة المفسدين المحيطين بها ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب