23 ديسمبر، 2024 12:10 م

هل آن أوان عودة أمة اقرأ للقراءة؟

هل آن أوان عودة أمة اقرأ للقراءة؟

تعد اجتماعات تبادل التجارب والخبرات العلمية في البلدان الإسلامية (STEP) ظاهرة موفقة، فبعد أن عقدت النسخة الأولى في طهران، استضافت جامعة بوترا الماليزية النسخة الثانية، لتعاود طهران استضافة النسخة الثالثة، فيما احتضنت جامعة السلطان قابوس العمانية النسخة الرابعة، وأخيراً استضافت جامعة كراتشي الباكستانية النسخة الخامسة.
وتركز هذه الاجتماعات على تأسيس شبكة للتواصل العلمي بين العلماء المسلمين في مختلف أنحاء العالم بالإضافة إلى العلماء غير المسلمين الذين يسكنون البلدان الإسلامية، على أمل تفعيل دور هؤلاء العلماء في حل مشاكل المجتمعات الإسلامية؛ حلول محلية لمشاكل محلية، هكذا ينظر العلماء لهذه الاجتماعات، فالغرب لن يسخر وقته وجهده لحل مشاكل لا تعنيه مباشرة ولا تعود عليه بفوائد مالية جيدة حيث أن الفقر يضرب أغلب الدول الإسلامية.
مؤسسة المصطفى الدولية للعلوم والتكنولوجيا أطلقت هذه المبادرة من طهران، وسرعان ما أخذت بالتحول إلى ظاهرة تتفشى في العالم الإسلامي، استقلال المؤسسة مالياً عن الحكومة وصبغتها الدولية واعتمادها على الأوقاف العلمية والداعمين المستقلين وحصولها على دعم من مؤسسات مرموقة مثل البنك الإسلامي للتنمية بالإضافة إلى تسجيل المؤسسة كمؤسسة دولية في منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي وفي منظمة الأمم المتحدة، استطاع أن يكسر حاجر السياسة والطائفية لتكتسي المؤسسة بالصبغة العلمية الخالصة وترفع شعار العودة بالعالم الإسلامي إلى عصره الذهبي عبر بوابة العلم.
وحتى اليوم استطاعت مؤسسة المصطفى إقامة دورتين ناجحتين لإهداء جائزة المصطفى العلمية بقيمة 500 ألف دولار لكل فائز انطلاقاً من العالم الأردني ذو الأصول الفلسطينية عمر ياغي مروراً بالبروفيسور جاكي رو يينغ السنغافورية ومن ثم إرول غلنبه التركي وأخيراً أمين شكر اللهي الإيراني، حيث تم الإعلان عن فائزين في كل نسخة من جائزة المصطفى للعلوم والتكنولوجيا وأقيمت النسختين في إيران عام 2015 و 2017، فيما تفتح المؤسسة أبوابها أمام جميع الدول الإسلامية لاستضافة النسخ المستقبلية.
اللافت للنظر هو اجتماع العلماء المسلمين من مختلف أصقاع الأرض للتحدث بلغة واحدة ألا وهي لغة العلم والتبادل المعرفي والسعي لتحويل الإنجازات العلمية إلى منتجات تجارية تنفع العالم الإسلامي وتعزز الدبلوماسية العلمية؛ وشهدت اجتماعات تبادل التجارب والخبرات العلمية في البلدان الإسلامية (STEP) بنسخته الخامسة في جامعة كراتشي الباكستانية تركيزاً كبيراً على دور المرأة العالِمة ووضع لمسة نسائية على العلم في مجتمعات يحكمها الرجال، بالإضافة إلى مشاركة واسعة من البلدان العربية والإسلامية في لوحة فنية تجسد فسيفساء العالم الإسلامي من دون طائفية ولا تمييز عنصري حيث لا فضل هناك إلا للعلم.
وأخيراً لا يفوتنا القول، بعد فشل الجهود السياسية والمبادرات الطائفية في لملمة شتات الأمة، نتمنى أن تكون المبادرات العلمية ذات الطابع العملي أوفر حظاً في التقريب بين الشعوب انطلاقاً من العلماء وأساتذة الجامعات وصولاً إلى طلاب الجامعات والتلاميذ الذين هم عماد الأمة ورأس مالها.