عندما نفتح النافذة, لِنشمَّ عبيرَ هواء الوطن النقي, فَنُملئ به القلب بالحب والوفاء له, تُصدَم الرئتين بدخول بارود الإنفجارات لها, مصحوبةً بريح العبارات الدخيلة, عند غَلقِنا للنافذة نختنق بتشويش السياسة, وزيف إعلام القنوات المشبوهة, يُرافقها إرتفاع في درجات الحرارة, ويقابلها إنخفاض تدريجي في ساعات الكهرباء, مما يؤدي إلى هستيريا الضمير, وسخونة الظنِّ, ثمَّ ضبابية الرؤيا أو إنعدامها.
لا تأخذوني, فالقلمُ يترنَّح والحروف مُرتبِكة, والكلمات مُبَعثرة والجُمَل بَدَت كأنها هلوسةٌ, لأنَّ في قارعة السياسة, يتسكَّع المنافقون والمجرمون, وسُّراق البسمةِ والفرح, وهم في سُكر النفاق السياسي القذر, فَيدٌ تُطالس؛ ويدٌ تخالس؛ ويدٌ للرجسِ تُمارس…. وأخرى تذبحُ النوارس, مُجتَمِعَةٌ في إخطبوط, يسبحُ في ظلام الباطل, تحتَ عَتمة البصيرة.
وطني جريح ولم أميِّز جرحهُ, من كثرت دمائهِ, وطني ينزف من كل مكان, أحسستُ نزفه بقلبي, لأن نزفهُ داخلي, لَم أُميِّز صوتَ الموسيقى من بينِ أصوات البنادق, وكيف لي أن أرى وجهَ السماء, وَسطَ دخان المنابر وأعمِدة المنصات! أم هل أستطيع أن أسمع صوت الوحدة, وسطَ هتافات التفرقة وصراخ التكفير!.
لقد أصبتُ بعمى الألوان, فما عُدتُ أميِّز الألوان الجميلة, لِتَزاحُم الأسود والأحمر, فمنَ الصعب أن تستخرِج الإبتسامة, من بين رُكامُ الدموع المفجعَة, أو تَضحكَ في عزاءِ الروح, أو تزرع وردَةً في النفايات, أو تَطرِبَ وسطَ صَخَبِ الأغاني السريعة, أو أن تشتهي طعمَ الموت أحياناً, لإزاحةِ حنظل الحياة.
مواطنون بلا مواطنة, ومواطنة بلا مواطنون؛ ومُواطِن بلا موطن, وموطن بلا مواطنون, ومواطنون يطالبون بالتقسيم, ويتَّهمون بالوطنية, وآخرين يُطالبون بالوحدة, ويتهمون بالعمالة, ثمّةَ مجنون لم يفقِد عقلهُ, بل فقد وطنه, ومُبدِعٌ يُقالُ لهُ مُغَفَّل, لأنهُ أبى إلى أن يمشي وسَطَ الطريق.
الكلام كثيرٌ والصدق قليلٌ, والمعانقةُ واضحة والحقدُ دفين؛ التأويلُ في الكلام, والتحريمُ في التأويل, وتُقَطَّع الرؤوسُ على منصات مجلس الرُّعب, وتَنزِفُ الورود بصمتِ الأمم المتفرقة, وَتُهتكُ الأعراض, أمامِ صلافَةِ قِمَّةٍ فاقدةٍ للبكارة.