12 أبريل، 2024 6:28 م
Search
Close this search box.

هلال متآكل يعلو متحف آيا صوفيا

Facebook
Twitter
LinkedIn

سيادة الدول أمر تقرره الحكومات والشعوب فوق أراضيها بما لا يتعارض مع المصلحة العامة للدول المحيطة بها ولا يؤدي الي المزيد من النزاعات وزعزعة الإستقرار وتهديد الأمن والسلم الدوليين، ويجب ان يكون محط قبول لدى الجميع دون المساس بحقوق الاديان والملل والقوميات ..

إن ما ذهبت اليه الحكومة التركية والسيد أردوغان مؤخرا بعد أن بت القضاء في عائدية كنيسة آيا صوفيا للسلطان محمد الفاتح الذي اشتراه من ماله الخاص من مجموعة الرهبان في حينها عند فتح القسطنطينية ليهبه وقفا ويحوله مسجدا ،إستمر فيه الحال لعدة قرون الى تاريخ سقوط الخلافة العثمانية ودخول عصر الجمهورية التركية ثم قرار مؤسسها الدولة التركية الحديثة ليقرر مصطفى أتاتورك عام 1935بتحويله الى متحف، ليثار اليوم الموضوع ويبت القضاء ببطلان ذلك القرار واعتمادهم على الوثيقة التي تؤكد أنها أوقفت كمسجد ولا يجوز المساس به والتلاعب بالوقف ، مما دفع بالسيد أردوغان من فوره بعرض حكم القضاء على جناح السرعة على البرلمان التركي للتصويت عليه فجاءت النتيجة بالإجماع وسط تصفيق الحضور..
علما أن موقع آيا صوفيا لا يبعد سوى أمتارا عن المسجد محمد الفاتح الكبير في وسط إسطنبول الأوربية..

إن ذلك القرار الذي مرِّر بسرعة كبيرة رسم إبتهاجا وفرحا في أوساط شريحة واسعة من عامة المسلمين في تركيا وغيرها من الشعوب الإسلامية، كما أثار في نفس الوقت موجة من الرفض والترقب لدى أوساط الشعوب والحكومات المسيحية وخاصة روسيا وفرنسا وامريكا وحتى بعضا من الدول الإسلامية..
في الحقيقة أن مسجد أو كنيسة أو متحف آيا صوفيا سمه كما شئت ،حاله كحال أي مكان مخصص للعبادة له خصوصيته وأن أي تجاوز عليه يؤجج المشاعر ولا يمكن التنبوء بتبعاته.

إن اماكن العبادة من بعد تشييدها توكل إدارتها للأوقاف متمثلة بالعلماء والرهبان والقساوسة والأحبار لكنها لا تكون بأي حال من الأحوال ملكا لهم ولا يسعهم هبتها أو التنازل عنها أو بيعها لأحد ، وأن كل ما تم تحويله من مساجد الى كنائس والعكس على مر التاريخ سواء بفتوحات أو حروب أو بقوة السيف وجبروت الحكام والسلاطين يعتبر اغتصابا حتى وإن وثق ذلك بعقود فهو باطل لأنها من بعد تشييدها و وقفها لا، يحق تغيير مسماها و وقفها حتى ان أوقفت مرة أخرى فهي ليست من املاك البشر بل هي من أملاك الله !!
فكل ما حدث من تجاوز على مساجد المسلمين وتحويلها الى متاحف وكنائس مثلما وقع في الأندلس وغيرها من الدول فهو تصرف اخرق عدواني وهو باطل وكذلك من غصب للكنائس ، ولنا في العهدة العمرية نبراسا في إبقاء الكنيسة في القدس ورفضه إقامة صلاة العصر فيها كي لاتكون ذريعة لتحويلها لمسجد من بعده، وبقيت الى يومنا هذا كنيسة تقام فيها الشعائر ..
وعودة لآيا صوفيا
فإن صح ما يدعون من قيام الرهبان ببيع الكنيسة للسلطان محمد الفاتح فهذا حدث في وقته وظرفه .أما اثارته اليوم فهو مدعاة لفتنة كبيرة عالمنا في غنى عنها …
وعلى نفس القياس هل يصح أن يتصرف شيخ الأزهر ويبيعه للأقباط؟ وهل يصح أن يبيع رئيس الوقف السني جامع الكيلاني او ابو حنيفة النعمان في العراق للمسيحين او لليهود أو يتنازل عن ادارتها لإيران؟
أو يقدم من اوقف في الهند وتحت أي ضغط ببيع تاج محل الى الهندوس وقس على ذلك كثير .. ؟؟

إنها باب كبير ومدعاة لفتنة ليست في توقيتها،والأمة في حالة ضعف وهوان وقد تكالبت على قصعتها الأمم .

فهل ينقص تركيا قلة مساجدها لتقدم على هذه الخطوة الغير مدروسة النتائج؟؟

ماذا سيستفيد المسلمون الآن لو عادت كل مساجد الأندلس المغتصبة وسرايفو لعهدتهم؟
وما الفائدة حتى إن تقاسمنا مع الفاتيكان ليخصصوا لنا في أرضهم مسجداً؟

هل كثرة المساجد سيعيد لنا هيبتنا؟؟
هل سيوقف ذلك التآمر علينا وقتلنا في سوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان والسودان والصومال وبورما واغتصاب فلسطيننا؟

هل رفع الأذان في آيا صوفيا سيرعب اليهود ويلقنهم درسا ويجعلهم يعيدون حساباتهم من اغتصابهم للمسجد الأقصى؟

هنالك أمور كان حريٌّ ان تقدم أولا وهي تعود بالنفع وبسط الامن وتعيد للمسلمين مكانتهم .
إن كانت تركيا حريصة على الامة الاسلامية لكان عليها أن تراجع ملفات كثيرة وتبت موقفها منها:
كان عليها اعادة التفكير بعلاقتها مع روسيا والتي تقتل المسلمين وتكيد لهم ليل نهار…

كان عليها أن تعيد التفكير بعلاقتها مع الكيان الصهيوني ووقف التعاون العسكري معه وتضغط بعودة المسجد الأقصى الاسير لأهله واعادة هيبته …

كان عليها ان تبادر من فورها بالكف عن تدخلها العسكري السافر في ليبيا وسحب مرتزقتها التي تعمل على تفتيتها وقتل شعبها المسلم.

كان عليها أن توقف تعاونها الاقتصادي مع إيران بالخفاء والعلن حتى تعود البسمة لشفاه الاطفال واليتامى والارامل في سوريا والعراق..

كان عليها ان تكف عن دك المدن العراقية فوق اهلها بحجة ملاحقة عصابات حزب العمال الكردستاني..
كان عليها ان تقارع الدعارة التي تمزق تركيا التي أصبحت ملاذا ومستنقعا لكل انواع الرذيلة بحجة السياحة.

كم كنا نتمنى على السيد أردوغان ان يعالج الملفات أعلاه بدلا من دغدغة مشاعر البسطاء من المسلمين بتحويله متحف آيا صوفيا لمسجد
وافتعال أزمة لا يحمد عقباها في بلد تكثر فيه المساجد ويقل فيه الراكع والساجد ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب