عندما يصيب الفساد أجهزة الدولة ، تقرع الحكومات في العالم جرس الإنذار ، ويكون معيارا لنجاحها وبقائها في سدة الحكم ، فإما ان تنجح في مكافحته وتبقى، أو تفشل فتقدم استقالتها أو أخرى تتمسك برأيها فيعاقبها الشعب بعدم انتخاباها (طبعا في البلدان الديمقراطية) ولكن عندما يصيب الفساد اداة مكافحة الفساد وهي اجهزة امن الدولة هنا يصبح من الصعب على الدولة ان تمسك بزمام الامور لانه يتطلب اجراءات سريعة ورادعة وهو ما لم ولن يحصل في العراق بسبب انظمته الروتينية التي يعمل بها وهذا ما قادني الى ان اعرف اسباب هروب السجناء في العراق وكيف ان الحكومة تكررت عندها هذه الحوادث من دون ان تقرع اجراس الحرب لحل لهذه الكارثة فعندما يأمن اللص العقاب يكون البلد قد آلَ الى السقوط وهذا ما نخشاه على العراق واليكم نتائج بحثي فيما استطعت الوصول اليه في سجن العمارة المركزي في العراق .
سجن العمارة المركزي بأقسامه التي تشمل المحكومين بتهم مختلفة من ضمنها تهم الإرهاب (قسم الأحداث ، قسم الفتيان ، قسم الكبار ، قسم النساء ) يضم هذا السجن حوالي ألف نزيل ـ مابين سجين ومنتسب ـ تعاقبت على إداراة هذا السجن عدة جهات بمسميات ( سياسية واخرى دينية) وفق آلية المحاصصة ، وللأسف يحيط هذا السجن شبهات كبيرة بأنه مصاب بآفة الفساد من خلال حقائق تؤكد اطلاق سراح مجرمين واخرى لانتهاكات لحقوق الانسان فيه وبعد الاستقصاء وجد ان ادارات هذا السجن نفسه هي مصدر هذه الشبهات واليكم بعض الادلة وماخفي كان اعظم . بطل حكايتنا الاول (عدنان خريبط عجلان): كان مديرا للسجن عام 2006 وحدثت في إدارته عملية تهريب سجناء من ضمنهم محكومين بتهم الإرهاب بحجة تسفيرهم بأوراق وكتب رسمية الى دائرة الإصلاح الكائن مقرها في بغداد ـ اتضح فيما بعد بأنها مزورة ـ وبالاتفاق تم إطلاق سراحهم ـ وهناك مجلس تحقيقي بهذه الواقعة لم تعرف نتائجه الى الآن هذا المدير نقل من منصبه ولكنه لم يغادر السجن فهو يشغل منصب مدير تخطيط وتدريب في سجن العمارة المركزي ذاته !!!! .
والسؤال هنا الى اين انتهى التحقيق في قضية هروب السجناء والجواب قد نجده عن احد الهاربين (او المطلق سراحهم) الذي تم القاء القبض عليه وهو شخص يدعى ( ظاهر حبيب عبد الصاحب ) هو الان محكوم بالسجن (12) عاما بعد ان حصل على فرصة تعيين في سلك الشرطة بعد هروبه…. !! وقبض عليه في قضية ليست لها علاقة بقضية تهريبه من السجن ، وحُكم عليه وهو الآن مودع في سجن العمارة وطبعا تنتظرون الجواب أنا ايضا لم أصل الى جواب لاني لا استطيع لقاءه ولكن جوابي هو لماذا لم تسأله الحكومة عن هروبه أو الرجوع الى المجلس التحقيقي في واقعة هروب السجناء وملابساتها معلومة تقول كان هناك تحفظا في التحقيق معه والسبب واضح لأن مدير السجن الذي حدثت في إدارته عملية تهريب السجناء ـ كما أسلفنا ـ مازال زميل عمل .
البطل الثاني في قصتنا هو (محسن جبار إدريس) وكان مديرا للسجن في عام 2009 وهو شخص ذو مواصفات خاصة استقصاؤنا عنه اثبت انه غير حاصل على شهادة الإعدادية التي تؤهله الى هذا المنصب لذلك عمل على تزوير شهادة تناسب هذا المنصب وعمل أيضا على التلاعب في زيادة مدة خدمته الوظيفية فأصبح مديرا والدلائل بالوثائق مؤكدة هذا الشخص حكم عليه بالحبس لمدة ستة أشهر لسوء إدارته اذ أنه كان يتلاعب بإطلاق سراح المنتهية محكوميتهم رغم أنهم مطلوبون في قضايا أخرى وشكّل مجلس تحقيق رسمي في مديرية شؤون ميسان بهذا الشأن .
ومن بين المطلق سراحهم كان (حبيب حسين علي ) اذ كان محكوما عليه بستة اشهر عن قضية نصب واحتيال اطلق سراحه وهو مطلوب لقضيتين سرقة اخرتين لمركز شرطة حطين ومركز شرطة الصدر.
ولم يختلف حال المدير السابق محسن ادريس عن زميله الاسبق عدنان خريبط اذ يشغل حاليا منصب معاون مدير سجن العمارة المركزي ذاته !!!!
البطل الثالث في قصتنا (هيثم حسن كاطع) شغل منصب مدير سجن العمارة المركزي عقب إقالة المدير( ناظم زاير ) ، أثيرت حول إدارته كثير من الملابسات ويؤكد البعض على أنه تعرض الى مكيدة من قبل مدير السجن الحالي ( أحمد علي خميس العيساوي ) والذي سيأتي دوره في بطولة قصتنا ادناه ونعود لبطلنا الثالث كاطع اذ نشرت الوكالة العراقية للأنباء في 23 حزيران 2011ـ خبر اقالته على النحو التالي
إقالة مدير سجن العمارة المركزي
اعلن عضو مجلس محافظة ميسان ميثم لفته الفرطوسي عن اقالة مدير سجن العمارة المركزي هيثم حسن كاطع وجاء قرار مجلس المحافظة بالاجماع على اقالة مدير سجن العمارة المركزي وذلك بسبب عدم كفاءته وخبرته وكونه لايمتلك شهادة دراسية تؤهله لتولي هذا المنصب . واضاف الفرطوسي ان مجلس محافظة ميسان اختار العقيد ناظم زاير ليتولى ادارة سجن العمارة المركزي بسبب ما يمتلكه من خبرة طويلة في مجال ادارة السجون واضافة الى ذلك ان زاير كان مديراً لسجون بغداد في وقت سابق وقد نظر المجلس بأن ذلك يؤهله تماماً لذلك المنصب المهم ./انتهى
وهذا طبعا دون في سجل الادارات الفاشلة المتعاقبة على سجن العمارة وطبعا لم يتخذ أي اجراء قانوني سوى الاقالة بحقه .
دعونا ننتقل الى بطل رابع في قصة تهريب السجناء وهو (يونس كيطان) كان هذا الشخص يشغل منصب مدير سجن بوكا ومن ثم أصبح مديرا لسجن العمارة المركزي واتهم بالرشوة واطلق سراحه بعد توقيفه لمدة سنة كما نشرت الوكالة الوطنية العراقية للانباء /نينا/ والتابعة لنقابة الصحفيين العراقيين بتاريخ 5 آب 2008 والذي جاء فيه :
جنايات ميسان تبرأ مدير سجن العمارة المركزي من تهم فساد
افرجت محكمة جنايات ميسان عن يونس كيطان مدير سجن العمارة المركزي السابق بعد تبرئته من التهم التي وجهها اليه قاضي تحقيق النزاهة بتعاطي الرشوة حيث لم يثبت التحقيق صحة الاتهامات الموجهة. وقال مصدر في الشرطة بتصريح نقلته /نينا/ للانباء: ان محكمة الجنايات برأت المتهم وقررت إيقاف جميع الاجراءات القانونية وإطلاق سراحه فورا من السجن. يذكر بان يونس كيطان كان يشغل منصب مدير سجن بوكا ومديرا لسجن العمارة المركزي وهو ينتسب إلى دائرة الإصلاح العراقي وقد امضى اكثر من عام في السجن قبل تبرئته من التهم.وطبعا التبرئة جاءت عن طريق (عفى الله عما سلف) او مايسمى في العراق التسوية السياسية .
وختامها مسك اذا ما اعتبرنا ان ما حصل سابقا كان اصلاحات ودعونا نتكلم بالحاضرعند بطل الابطال المدير الحالي (أحمد علي خميس العيساوي) والذي يشغل الآن منصب مدير سجن العمارة المركزي هذا الشخص وبحسب الوثائق ادناه كان ضابط أمن برتبة ملازم في جهاز امن صدام . وكان يعمل بإسم مستعار يدعى( فالح لفته كاظم ) وقد تم اجتثاثه حسبما هو مثبت في الكتب الرسمية الصادرة من الهيأة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة ولكن طبعا لم يتم التنفيذ فبحسب الكتاب المرقم (1771) والصادر من الهيأة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة بتاريخ 13 /9 /2010 الدائرة المعلوماتية يقول الكتاب في ثانيا : احمد علي خميس نعمة العيساوي /ملازم امن اسمه المستعار فالح لفته كاظم – مشمول بالاحالة على التقاعد حسب كتاب المتابعة والتنفيذ قسم المحافظات بالعدد : م ت م/2948 في 5 /7/ 2010 .وممكن ان تشاهدوا نسخة الكتاب
الوثيقة الثانية لهيأة المساءلة والعدالة كتاب بالرقم (6919) بتاريخ 5/9/ 2012 ومعنون كرد الى مكتب تحقيقات ميسان مذكور فيه في اولا : فيما يخص السيد (احمد علي خميس نعمة) فهو مشمول باجراءات قانون المساءلة والعدالةرقم (10) لسنة 2008 استنادا الى المادة (6) الفقرة (ثالثا) (انهاء خدمات جميع منتسبي الاجهزة الامنية – القمعية – واحالتهم على التقاعد بموجب قانون الخدمة والتقاعد ).وممكن ان تطلعوا على نسخة هذا الكتاب ايضا .
هذا فضلا عن ان عوائل الشهداء طالبت باجتثاثه وإقالته برفع لافتات أمام المحافظة ولكن دون جدوى، وحاول رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة ميسان السيد (سرحان الغالبي) تنفيذ وتفعيل اجتثاثه ولم ينجح .. وخاطب عضو مجلس النواب السيد كريم عليوي جاهوش الجهات المختصة لتنفيذ أمر الاجتثاث ولم يفلح أيضا ..وقدم البعض شكاواهم التي تلخصت بخروقات مالية وإدارية وشبهات اتصال بجهات ومجاميع بعثية في مصر بعد زيارته إليها قبل أشهر حيث أن والد زوجته مطلوب للعدالة ويستقر في مصر وأمور أخرى قد لا تصلح للذكر . والادهى كل هذه الادلة وضعت أمام المفتش العام في وزارة العدل فأجاب صراحة وبالحرف الواحد ( أعلم ذلك ولكن ليس بيدي شيء). أمام واقع مرير يتمثل في إدارة سجن رئيسها (ضابط أمن) في عهد النظام المقبور و(مساعدوه) ممن تحوم حولهم الشبهات والتهم القضائية !!!
اخر الاخبار من سجن العمارة ان هناك انتهاكات لحقوق الانسان بدأ يمارسها مدير هذا السجن اخرها كان حجره لنزيل اسمه (كاظم فاضل راضي) محكوم في سجن العمارة المركزي مصاب بمرض التدرن وبدلا من ان يحجر في المستشفى او الحجر الصحي حجر في محاجر العقوبات الانفرادية من تاريخ 8 / 5 / 2013 .
خلاصة القول وكما أسلفت فإن هذا غيض من فيض وقليل من كثير قد خفي ؛ ومالم يصلني ـ وأتحرى عن دقته ـ أعظم وأدهى وأنكى ولكنني أوجزت الأمر بما أسلفت ولكم تقدير الموقف علما انني لست الاول من نادى بالتحري لما يحدث في سجن العمارة وعليكم مراجعة ما جاء في مقال نشر في جريدة الصباح الجديد للكاتب حسب الله يحيى بعنوان ( اتقوا الله في سجن العمارة ) وستعرفون وجها اخر لفساد اداري واضح وفي النتيجة سنسمع قريبا اما عن هرب مدير السجن او ترقيته او عملية هروب جديدة وحالما اصل الى معلومات جديدة سوف اوافيكم بها .