لون الدم الاحمر القاني الذي يتوشح به العالم منذ عقود، جُلُّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّهُ هو من دماء المسلمين.
هل نبدأ بافغانستان، وقد غدت ساحة لتصفية حسابات قديمة بين المعسكرين الشرقي والغربي، ولا زالت تُذْبَحُ لحد الان ؟!!…
اذ باشلاء المواطنين الافغان التي يمزقها سلاح الجو الامريكي وحلف الناتو تحت ذريعة محاربة طالبان والقاعدة وابن لادن و …
هل نقف في العراق، وحربي الخليج الاولى والثانية الداميتين ؟!!…
ومن ثم التفجيرات الاجرامية التي كانت تحصد في اليوم الواحد ارواح اكثر من خمسين بريئا، وذلك عقب سقوط الصنم صدام في ٢٠٠٣.
والتي لا زالت تطل علينا بوجهها القبيح بين الفينة والاخرى، كلما تعكر صفو لصوص الخضراء فيما بينهم.
هل نبكي سوريا، وشعبها الذي وقع بين المطرقة والسندان ؟!!…
بين البراميل المتفجرة لبشار وجنوده من جهة، وبين فتاوى الارهابيين التكفيريين، ونيران باقي فصائل المعارضة السورية على اختلاف مسمياتها، من جهة اخرى.
أَمْ نُعْلِنْ الحِدادَ على اليمن الحزين، وكابوس عاصفة الحزم الاجرامية ؟!!…
حيث جثث اطفال اليمن التي لا تكاد تعرف رؤوسها الصغيرة من اقدامها النحيفة لبراءتها وطراوتها، والتي مزقتها قنابل حقد الغرب وغطرسة القيادة السعودية.
بل ماذا عن تلك التصفيات العرقية والمذابح التي يتعرض لها مسلمو بورما ( ميانمار ) على يد البوذيين المتشددين ؟!!…
وذلك امام انظار دعاة الديمقراطية وحقوق الانسان، دون ان يرتد لاحد طرف. وكانهم ليسوا بشرا، وكانهم يعيشون على كوكب اخر.
هذا، ناهيك عن باقي اوجاع العالم الاسلامي الذي مزقته الحروب والازمات ولا تزال.
والصومال وباقي الدول الافريقية المنهكة و …. خير شاهد على ذلك الضمير الانساني الحقير، وكل المنظمات الدولية والانسانية الاحقر.
لكن الذي يحز في النفس اكثر من كل ما تقدم.
هو رد الفعل الخجول ذاك من مثل هذه الانتهاكات، الذي قد يصدر مِنْ قِبَلِ قُطْبَيْ العالم الاسلامي السني والشيعي، المتمثلين في كل من السعودية وايران.
هذا، ان لم تكن لهما في الاساس، اليد الطولى والمصلحة التي تستدعي تاجيج مثل هذه الجرائم والانتهاكات وتغذيتها، بل وحتى مباركتها وهو الاقرب.
….((( مع التاكيد هنا طبعا، وبعيدا عن النَّفَسِ الطائفي.
ان المدرسة الشيعية بخطوطها العريضة، متمثلة بالمذهب الشيعي الاثنا عشري قريبة الى العقل والمنطق، بقدر بعدها عن التشدد والارهاب.
وذلك على العكس تماما من المدرسة السنية، متمثلة بالفكر السلفي الوهابي الذي يلغي الاخر، وقد لا يتردد حتى بتكفيره وقتله بفتوى جاهزة )))….
نعود الى البحث اعلاه، فنقول :
ان كلا من السعودية وايران لم تقتصرا على دعوى امتلاك حق الوكالة وتمثيل اكثر من مليار مسلم في العالم فحسب.
بل قد سرقتا حتى اسم الله ووضعتاه فوق عَلَمَيْهِما، وذلك املا في خداع المزيد والمزيد ممن تغريهم ظواهر الامور دون بواطنها، وما اكثرهم.
اما استنكارهما لما يحدث، وحتى مساعدتهما المادية ان وجدت، فلم ولن تكون خالصة لوجه الله ابدا.
فبين ثنايا تلك البطانيات، وداخل علب الاغذية تلك التي قد ترسل للمنكوبين كمساعدات انسانية و …
يختبئ دعاة كل من السعودية وايران.
فهما في سباق محموم مع الزمن لاستغلال هذه الفرصة التاريخية، والترويج كل للمذهب والفكر الذي ينتمي اليه، انطلاقا من ان :
( مصائب قوم عند قوم فوائد ).
حقا :
ما اشبه هذه الازدواجية الحقيرة في المعايير، بازدواجية الغرب حين يرفع شعارات حقوق الانسان ونبذ العنف والارهاب و ….
في الوقت الذي تغطي بصماته مسرح الجريمة.
بل ما ابشع ازدواجية قطبي الاسلام هذين، حين يتقمص دورهما ملاك الرحمة ومبادئ السماء، لكن لغاية في نفس يعقوب.
قيل :
( إنْ لَمْ تَكُنْ زَهرة، فَلا تكُنْ شوْكَة ).