18 ديسمبر، 2024 8:21 م

هيفاء عزيز مهندسة قديرة كلفت بإدارة كهرباء جانب الكرخ ببغداد اغتيلت بدم بارد مع بداية الاحتلال.
حسن كاظم رئيس مهندسين وهو خبير في مجال عمله، كان قد كلف بإدارة كهرباء الرصافة ببغداد، قبل الاحتلال، اغتاله مسلحون.
الرحمة الإلهية لهما وسائر الشهداء، وقد تعرض غيرهما الكثير من النجوم المهنية العاملة في قطاع الكهرباء والقطاعات الأخرى لحملات إزاحة وتغييب ليحل محلهم قطيع من الامعات واللصوص غير المؤهلين لإدارة أي من مفاصل المؤسسات ذات العلاقة بحياة المواطن والمجتمع، فبالأضافة الى حملة الاغتيالات المبرمجة، تعددت وسائل إبعاد الطاقات العلمية والمهنية الوطنية عن مواقع العمل، حيث استخدمت القائمين على هذه المهمة القذرة الكثير من الإجراءات الإدارية متذرعين بقرارات المحتل وقوانينه وقد تمكنوا من إقصاء المئات، بل الآلاف من الملاكات العاملة في قطاعات الدولة المختلفة، مستخدمين أساليب رخيصة في التهديد وتوجيه التهم المزيفة البعيدة عن المفاهيم الأخلاقية والسلوك الوطني السليم.
من العوامل الرئيسة لتدني كفاءة عمل المنظومة الكهربائية في العراق هي فقدان المئات من النخب المهنية المتخصصة وضعف إمكانات الملاكات الحالية في إدارة قطاع الكهرباء وتنفيذ المشروعات فكان استهداف هذه الخبرات النوعية العامل المؤثر في تراجع عمل هذا القطاع بجوانبه المختلفة.
تعد الملاكات العاملة في قطاع الكهرباء سابقاً من طراز النوعية المتميزة على صعيد المنطقة والعالم لما تتمتع به من خبرات مكتسبة تراكمت بفعل ظروف العمل غير التقليدية، التي أضافت إلى إمكانياتها عوامل القوة في التنفيذ والإشراف، بملاكات هذا القطاع واكبت العمل مع شركات عالمية متخصصة وتحديدا ًفي حقبة ما قبل تسعينيات القرن الماضي، كما اشتركت في حملات الإعمار، بعد العدوان الثلاثيني على العراق،
واستطاعت إعادة ما يمكن من وحدات توليد ومنظومات مدمرة بحملة شاملة كبرى اشتركت فيها قطاعات الدولة العراقية والقطاع الخاص كلها حيث تحقق التمازج في الخبرات في ميدان عمل واحد وهذه الملاكات نفسها تعايشت مع تداعيات الحصار الاقتصادي قرابة العشر سنوات ملتجئة إلى أساليب بديلة ومبتكرة لضمان ديمومة عمل المنظومة الكهربائية.
كانت تجربة الحشد الوطني لتأهيل محطات إنتاج الطاقة خير دليل على تطور قدرات هذه الملاكات إلى حدودها القصوى.
على اثر إطلاعي على كتاب هزيل (أمر) صادر من هيئة الكهرباء بتأريخ 23/6/2003 (بعد الاحتلال مباشرةً) يقضي بإقصاء العديد من الملاكات المتخصصة وفيه تعبير واضح عن عدم الاكتراث بتأثيرات ذلك على عمل المنظومة الكهربائية مستقبلاً، تيقنت، حينها، أن خدمة الكهرباء في العراق سوف تتراجع وسيشهد قطاع الكهرباء مراحل متتالية من الفشل الإداري والفني.