22 مايو، 2024 7:05 ص
Search
Close this search box.

هكذا كتبَ التاريخ

Facebook
Twitter
LinkedIn

عندما نقلب صفحات التاريخ ونقرأ ما كتب لنا الأسلاف من أحداث وما نقلوا من روايات وأخبروا عن أحوال القيادات والشعوب ، نلاحظ التناقض والتضارب حتى أصبحت كتب التاريخ مصدراً لنشر الفوضى الفكرية والعقائدية نتيجة الإختلاف الكبير في نقل المعلومة من مصدر تاريخي لأخر ، حتى أصبح المنافق والمجرم والفاسق والوضيع والطليق في أحدها مؤمن وشريف في الأخر بل هو بطل الأبطال والمحافظ على الشريعة والدين ، كم شوه التاريخ الإسلامي مواقف مشرفة لشخصيات وشعوب وأقوام رفضت الإنصياع لظلم السلطات والحكومات الجائرة وألصق بها أسوء العناوين من كفر وإرتداد ونفاق حتى جعل الأمة تتنفس الصعداء لأنها تخلصت من تلك المجاميع التي ضحت من أجل إسعادها ودفع الضيم والظلم عنها ؟؟؟ ، وكم نزه وجمل ورفع هذا التاريخ مواقف إجرامية بحق الإنسانية لقيادات وحكومات وشعوب جعلت من غرائزها وشهواتها المحرك لكل أفعالها حتى فعلت الأفاعيل بالشعوب الإسلامية والعربية وغير العربية التي يندا لها الضمير الإنساني على مر التاريخ ونعاني من تبعاتها الى الأن ، السؤال الذي يطرح نفسه كيف كُتب هذا التاريخ ومن هم كاتبيه ولمن كتبوه وماذا كانوا يريدون من كتابته ؟؟؟؟ ، هذا السؤال يحتاج على إجابته المجلدات والوقت الطويل والتدقيق الرصين حتى نصل الى النتائج العادلة التي تروي العطشان وتشبع الجوعان لمعرفة الحق والحقيقة ، ونحن في هذه العجالة لمعرفة كيف كُتب التاريخ الذي عانا منه أجدادنا ونعاني منه وستعاني منه أجيالنا القادمة إن لم نتحرك على تصحيح الأخطاء والإنحرافات في نقل المعلومة لشعوبنا وأجيالنا القادمة ، ما علينا إلا أن نراقب الأحداث التي قربتها لنا التكنلوجيا وجعلتنا أقرب ما يمكن للحدث نتيجة هذا التطور الهائل في المجال العلمي وهذا ما أفتقده أسلافنا ، وهذه نقطة مهمة في نقل حقيقة ونزاهة المعلومة ولكن الأهم منها العدالة والدوافع التي تقف وراء نقل هذه المعلومة ، فهذا إجرام القاعدة أو داعش أو بوكا حرام أو النصرة وغيرها من المنظلمات الإرهابية التي أجمع العالم على إرهابها وإجرامها ، فكيف هي مواقف إعلامنا بشكل عام وكذلك مثقفينا وشعوبنا من أعمال هذه المنظمات الإجرامية التي شاهدها العالم صوتاً وصورةً من قطع الرؤوس والذبح والحرق والسبي وتدمير الحضارة الإنسانية والقتل العشوائي ، نلاحظ التناقض في المواقف ونقل المعلومة ما يبكي ويضحك العقلاء في نفس الوقت ، يبكون على الظلم وإخفاء الحقيقة عن طالبيها والإنسانية ويضحكون على تعاسة وتفاهة الدنيا التي يتسلط عليها التافهون والساقطون الذين تقودهم غرائزهم وشهواتهم كما يقود الذئب قطيع الخراف بعد أن ضيعوا راعيهم ، وهذان مثالان من ملايين الأمثلة التي إطلعت عليها الإنسانية قاطبةً بالصوت والصورة وسنلاحظ إختلاف المواقف إتجاههما ، جريمة إحراق الطيار الأردني الكساسبة من قبل داعش والتي شاهدها الملايين من البشر فهل تخفى حقيقتها ومن فعلها ، نلاحظ ردود الفعل الغاضبة والرافضة لهذه الجريمة التي أجتاحت الشارع الأردني وخصوصاً الحكومة الأردنية بالإضافة الى جميع حكومات العالم والتغطية الكاملة من قبل الإعلام العالمي لأحداث هذه الجريمة ،

وبعد يوم أو يومين حرق داعش أنفسهم العشرات من أبناء الرمادي (السُنة) بدون أي ردود فعل عالمية أو تغطية من قبل وسائل الإعلام مجرد خبر صغير نقل من قبل بعض الفضائيات والمواقع الغير مشهورة عاليماً لأن عشائر هؤلاء الضحايا قد رفضوا أعمال داعش الإجرامية ؟؟؟ ، بل يعظم التناقض والتعجب لحد الجنون عندما تتناقل الأخبار بالصوت والصورة مقتل القائد الحقيقي لداعش عزة الدوري بيد قوات الحشد الشعبي وتسمع بأن عائلة الكساسبة ( السُنية) قد أقامت مجلس الفاتحة على قاتل ابنهم ونعتوه بالبطل والقائد فقط لأن الحشد الشعبي ( الشيعي)  قد قتله ؟؟؟؟ ، والمثال الأخر أحداث اليمن الدامية التي أبكت الحليم وأشابت الطفل الرضيع ، هذا البلد الذي تقصفه الطائرات السعودية والإماراتية والقطرية وبقية دول الخليج ما عدا عمان وتضربه مدافع وصورايخ وبارجات هذه الدول لأكثر من أربعين يوماً والعالم ساكت صامت يتفرج على هذه الجريمة البشعة التي تقوم بها قوات دول الخليج إتجاه هذا الشعب الفقير المسالم الذي لم يرمي هذه الدول بحجر أو أعتدى عليها بكلمة أو موقف ، وقد أصبحت جثث الضحايا من مختلف الأعمار والجنس وكذلك الحيوانات والتدمير الذي طال جميع البنا التحتية للمجتمع اليمني المشاهد اليومية للفضائيات ووسائل الإعلام الإخرى حتى أصبحت اليمن السعيد مجرد ركام تتبخر منه رائحة الموت ، هذا القصف والضرب بالصواريخ والمدفعية بهذا الكم الهائل من القنابل التي تسقط على شعب اليمن العربي الأصيل ولكنها حسب الإعلام الخليجي والكثير من الإعلام العربي والعالمي لم تقتل المدنيين ولم تدمر الأماكن الأهلة بالسكان ؟؟؟؟ ، ولكن هذا الإعلام لم يُحيّر المشاهد ويتركه في حيرة التفتيش على الجاني والمجرم الذي قام بهذه الجريمة الإنسانية البشعة فيسارع ويرشد الى الجهة التي دمرت اليمن بشعبه وبنيانه فيقول هم الحوثيون ؟؟؟؟؟، فهذه أمثلة نعيشها اليوم بالصوت والصورة تعطينا الإجابة الحقيقية على كيفية كتابة تاريخنا الإسلامي الذي تتلاطم به المتناقضات كما تتلاطم المتناقضات اليوم بالرغم من التطور التكنلوجي الذي جعل الحدث يصل الى أبعد نقطة في العالم صوتاً وصورةً خلال ثواني معدودة ، ولكن تبقى الأسس التي يعتمدها نقل الحدث والدوافع التي تقف ورائها هي المسؤولة عن نوع الكلمة التي ستثبتها على سطور كتب التاريخ ، فعندما تمتلك جهة ما القوة بالإضافة الى المصادر التي تهوي لها الغرائز والشهوات عندها ستختار الكلمة الذي تبين المعنى الذي تريده مع عدم مراعاة الحقيقة والأمانة في نقل المعلومة حتى يلتبس الأمر على الشعوب على الرغم من وجود الأبطال الذين ضحوا ويضحون بما يملكون من أجل إيصال الحقيقة إلى شعوبهم والى الأجيال القادمة ، هكذا كُتبَ التاريخ

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب