امي (جنة)
امي التي قدر لها ان ترحل عن هذه الحياة سريعا كأنها وردة فواحة تفتحت عند الصباح وسرعان ما ذوت وذبلت ورحلت الى عالم آخر ……
جنة رحلت الى الجنان والروح والريحان ورحمة رب كريم اما عن قصة رحيلها فهذا وحده زلزال قوض بيتنا واحدث جروحا عميقة في قلوبنا …وكنا صغار ربما لم ينالنا من الالم الا اليسير قياسا الى ما عاناه ابي الذي بدأ مشوار الفاجعة مذ لحظاتها الاولى اي عندما احست أمي بألم في صدرها ورافقها الى الطبيب المختص وبعد اجراء الفحوصات اللازمة والتحاليل التي تمت بأشراف مختصين يشار لهم بالبنان وهنا كانت الصدمة حين قال الطبيب المختص كلمته ,الكلمة الفصل قالها لابي وعلى مسمع ومرأى من امي التي كانت الى جواره فاذا به يقول:
سرطان الثدي ولم يتمالك ابي رشده واوشك ان ينهار لكنه تمالك اعصابه حين سبقته امي الى الانهيار وسقطت في تلك اللحظة القاسية مغشيا عليها فاسرع اليها ابي يسندها ويساعدها على النهوض وهو يردد بنبرة الغضب وان بدى صابرا او متصبراكمن يتوسل الى الطبيب ان يغيرعبارتهالسابقة ويمنح هذين الزوجين المفجوعين املا حيث قال :
لكن الطبيب ظل مصرا على ان الفحوصات تؤكد هذه النتيجة وان الاصابة على درجة عالية من الخطورة والانتشار………………………..
الطبيب المختص لم يتصرف تصرفا انسانيا ولا حكيما اذ تحدث عن الاصابة المؤكدة والتي لم يعد بالإمكان معالجتها على مسمع ومرأى من أمي ,أمي المريضة ……………………………
اعتبر ابي هذا الطبيب مسؤولا عن تردي حالة أمي وهو قد حاوره في هذا الشأن فكان رده انه( اي الطبيب) من الاطباء الذين يلتزمون بصدق التحليل والكشف ويعتبر الاطباء الذين لا يقولون حقائق الامراض لمرضاهم يستغلون اولئك المرضى ويمنحونهم امالا كاذبة ويحملونهم متاعب ومصاعب يكون قول الحقيقة اخف وطاءة واقل جهدا ازاءها …
هنا قال له ابي:
اما كان يمكن لحضرتك ان تبذل شيء من اللياقة وتطلب الىَّ الانفراد لتقول لي الامر بعيدا عن مسمع ومرأى زوجتي.
قال الطبيب مبررا صنيعه ودون ان يبدي كلمة اعتذار أو اسف:
لم يستطع ابي في تلك اللحظات الا ان هتف بنبرة حزن وغضب قائلا:
لم ينبس الطبيب بكلمة ولم يجد ابي بدا من الخروج قبل ان يدفعه غضبه الى ان يلحق بذلك الطبيب الاذى.
ما كان للطبيب ان يفعل هذا . ان تفاجأ امي بهذا الشكل الرهيب الذي افقدها كل توازنها وجعلها تستسلم لمصيرها كمن يهوي من شاهق او كمثل غريق لا يجد حتى قشة يتمسك بها لذا تغلب عليها اليـأس ولم تتسلح بإرادةالامل ولبت دعوة الموت دون ان تحارب من اجل الحياة فكلمة الطبيب كانت هي كلمة الموت ولهذا اعدت اكفانها واستسلمت لمصيرها وهي لم تزل زهرة في ريعان الشباب لم تبلغ من العمر سوى عقدين ونيف من السنوات…هكذا قتل امي فجاءة الخبر قبل ان يقتلها السرطان – ماذا يفعل ابي ………..؟؟؟؟؟
كاد يفقد صوابه لكنه تذرع بالصبر والجلد وامسك بيد أمي التي تكاد تسقط ارضا في كل خطوة تخطوها وهو يؤكد لها ان الحالة يمكن معالجتها وانه سيعرضها على اطباء آخرين أكثر خبرة ومعرفة ولو الزمه الامر الى طلب شفاءها في البلدان الاخرى …..
لم يملك والدي من حطام الدنيا الا اليسير لكنه بذل كل ما وسعه واقترض الاموال من الاخرين ووفى امي العهد لكن امر الله تعالى كان نافذا فما اجداها العلاج ولا خفت علتها ولم يقف الامر عند هذا الحد ولكن اهل امي كانوا سببا من اسباب فشل محاولات ابي لمواصلة العلاج ورفضوا رفضا قاطعا اجراء العملية الجراحية التي كان معولا عليها ان تنال الشفاء من خلالها مبررين رفضهم بأن العملية ستودي بحياتها وتقضي عليها ولم يكتفوا بهذا بل بادروا الى اخذ امي الى بيت جدي بدعوى رعاية جدتي وخالاتي لها وهنا كاد ابي يفقد صوابه فماذا يفعل ازاء هذا الجهل الذي ابدل العلاج العلمي بأمور اخرى حيث راحوا يدورون بها على العرافين والكشاشفة وراحت القصص الغريبة تتردد وهي كثيرة منها انها مسحورة او دايسة او تلبسها جن وكلما راجعهم ابي وناقشهم في العلاج ردوه ردا قاسيا حتى انهم اتهموه بانه يريد اجراء العملية الجراحية لها لتموت سريعا ويرثها ….حقا ان شر البلية ما يضحك ….
ماذا تملك (جنة )من حطام الدنيا ليرثها ولو كان هذا فكره فلماذا يبذل هذه الاموال لعلاجها ويحتمل من الامر مالا طاقة له به….؟