أصبح المشهد العراقي من أكثر المشاهد في العالم إيلاما, فكثرة القتل والتهجير والتشريد والترويع ينخر في جسد العراق من جهة ومن جهة أخرى اخذ الفساد المالي والإداري دورا كبيرا في إرهاق كاهل المواطن العراقي, حتى أصبح أغلب المواطنين الآن ناقمون ساخطين على كونهم وجدوا في هذا البلد.
لكن المشهد الأكثر إيلاما, وبشكل يحرق القلب ويدميه, ويجعل العيون تبكي دما لا دمعا, هو مشهد قتل العوائل النازحة التي هربت من حرارة سيف تنظيم الدولة ” داعش ” الذي يقطع رقبة كل من يختلف معه في الرأي فما بالك بمن يرفضه؟! , ومن القصف العشوائي الذي تقوم به القوات الحكومية بالإضافة إلى إجرام المليشيات ” الحشد ” التي لا ترحم طفلا ولا امرأة أو شيخ ولا تصون كرامة أو عرض, فهول ما وقع في ديالى وصلاح الدين من مجازر بحق المدنيين دفع بأهالي الانبار من ترك مدنهم والنزوح إلى مناطق أمنة في تصورهم هاربين من الموت الأحمر.
لكن مالذي حصل ؟ رفضت الحكومة دخولهم إلى بغداد وبابل وكربلاء واشترطت على من يدخل أن يكون لديه كفيلين ” ضامن ” والسبب في ذلك هو لأنه عراقي سني يسكن في محافظة رفضت كل أنواع الظلم والطغيان وقالت كلمتها في وجه السفاح المالكي؟؟!!.
وبعد دخول بعض تلك العوائل إلى بغداد بعد أن وفروا هذا الشرط التعجيزي ما الذي حصل ؟ حصل التهديد والوعيد بالقتل لهم ؟؟!! لماذا لأنهم عراقيين من أهل السنة ويسكنون في محافظة اشتعلت بنار طائفية صنعها ساسة العراق وعلى رأسهم المجرم الإمعة المالكي, وهذا ما حصل معهم بالفعل فيوميا الآن في بغداد تقتل عائلة أو مجموعة عوائل نازحة, هذا بفعل ماذا وما هو السبب في ذلك ؟؟!! لماذا العوائل النازحة تسكن العراء دون غذاء أو دواء أو خدمات ؟! لماذا تقتل العوائل التي دخلت بغداد ؟!.
الجواب نجده في كلام المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني الذي قاله في المحاضرة العقائدية الثامنة والعشرون بتاريخ 7 / 11 / 2014 م ….
{…. عندما تكون الطائفية هي الحاكمة, لما تكون الطائفية والمذهبية وشيطان الطائفية وشيطان المذهب هو الحاكم والمسير للأمور والمؤصل للقتل والإجرام والتكفير, يلغى العقل والفكر ويكون المعروف منكرا والمنكر معروفا, يرون المعروف منكرا والمنكر معروفا, فيعمل القبح ويقتل الأبرياء وتحرق الجثث ويعتدي على الأعراض ويهجر لناس مئات الآلاف وآلاف الناس في الصحاري والبراري وفي أماكن النفايات والقاذورات وعليهم ينزل المطر ويضربهم البرد كما مر عليهم لهيب الحر والسموم والشمس وحرارة الشمس وعطش الشمس ومر عليهم الشتاء ويمر عليهم وتمر عليهم الأيام والأسابيع والأشهر والفصول والسنين …}.
فبسبب طائفية السياسيين – سنة وشيعة – حل بالعراقيين ما حل بهم اليوم وبالخصوص النازحين, فهم الآن في مخيمات النزوح التي يمكن أن نسميها مخيمات الذل والإهانة وضياع الإنسانية مهملون لا يهتم بهم احد, ومن دخل منهم إلى بغداد أو غيرها من المحافظات فهو أما خائف يترقب, أو مقتول بأبشع صورة, فهذه هو نتاج الطائفية التي سيطرت على عقول اغلب العراقيين.
فلم نجد لتلك الرموز التي تدعي إنها صمام أمان للعراقيين جميعا أي موقف يذكر إزاء ما يتعرض له النازحين والسبب هو طائفية تلك الرموز, ولا نستغرب منهم ذلك لأنهم أفتوا بقتل أهل السنة فهل نتوقع منهم أن يعينوا النازحين منهم ؟!.
ولم نجد من الساسة أي موقف يذكر إزاء معاناة النازحين, والسبب طائفيتهم وتخندقهم للمذهبية المقيتة التي ألغت العقل والمنطق وحولت الدين والمذهب إلى عبارة عن شريعة غاب تضفي صبغة شرعية لممارساتهم العفنة القذرة تجاه أبناء شعبهم, حتى وصل الأمر بهم إلى اتخاذ جانب الصمت والسكوت إزاء كل ما يترض له النازحون العراقيون من أهالي الانبار.