استعير عنوان رواية الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه ( هكذا تكلم زرادشت) لمروري على عالم زرادشت !بعد ما تناوشه السعار الطائفي على صفحات النت….وزرادشت لم يكن فارسيا كما يتصور البعض وإنما هو حكيم كردي اجله الكبار ليس أولهم أفلاطون ، ولم يكن آخرهم نيتشه ، عاش قبل 2500 أو 3500 سنة – لم تحدد بالدقة – في مناطق اذربيحان وكردستان وشمال إيران الحالية… وقد وضع أتباعه أساطير حول ولادته أقل مما وضع البوذيون من أساطير وحكايات حول ولادة بوذا وحياته .
يرى أتباع زرادشت انه أول نبي للديانة التوحيدية الأولى في العالم ، ترك زوجته وساح يبحث عن علة الخير والشر ، وسر الكون ، وكما يقول أتباعه :انه نهل الحكمة والوحي من السماء كباقي الأنبياء.
يرى زرادشت الذي لا تباعد رؤيته الفلسفة الدينية الشرقية ، ان العالم يتكون من خير وشر، نور وظلام ،وان الكهنة والسحرة الذين يتقربون إلى الأصنام هم على خطا… وللعالم إله واحد أزلي لا يأتي منه الشر وإنما يأتي الشر من قوة الظلام ( الشيطان بالمفهوم الإسلامي)ولذا تآمر عليه الكهنة فأمر الملك بسجنه ثم أطلق سراحه بل وآمن به وتبنى نشر دعوته.
وضع زرادشت نظاما صارما تجاه المشاكل الأخلاقية سعيا منه للوصول إلى مجتمع فاضل ،فكان عقاب الزنا واللواط والسحاق من الرجال والنساء هو القتل !.
من غير المنصف الحكم اليوم على زرادشت بالكفر ، كما قرأت للبعض ، فالرجل عاش قبل نزول الديانات السماوية المعروفة اليوم ، و نادى بالأخلاق بينما كانت المجتمعات تعيش نظاما غريبا بالنسبة لأعرافنا الحالية!.
لم أجد في تعاليم زرادشت التي جُمعت في كتاب (الآفيستا) دعوة إلى زواج الأخ بالأخت أو زواج المحارم عموما ، وقد نقل ان مثل هذه الزيجات كانت معروفة في فارس القديمة ، بينما كانت بابل القديمة تعيش عرفا يلزم المرأة
( شريفة كانت أو من العامة بنت كبير أو فقير على السواء) بوهب جسدها لرجل غريب ، مرة واحدة في حياتها ،و كان الغرباء يتجولون في المكان المخصص لهذه العملية لاختيار ما يروق لهم من نساء… وليس بمقدور المرأة رفض رجل على حساب آخر مطلقا طالما هي جاءت بقدميها إلى هذا المكان ؛ بمعنى انه ما في امرأة في بابل لم تزن!؟ لمرة واحدة على الأقل في حياتها،رغم ان نظام الزواج كان قائما بشكل طبيعي ، وكانت الأب يبيع بناته لمن يدفع أكثر في السوق ، في ظل قانون يمنع الزنا وينص على إغراق الزاني في النهر!!؟؟
وفي مصر القديمة…دائما كان يتزوج الملك أخته أو يتزوج ابنته ليحافظ على الدم الملكي نقيا …وانتقلت عادة زواج الأخوات إلى عامة الشعب وحتى القرن الثاني بعد الميلاد كان ثلثي سكان أرسينوئي (عاصمة الفيوم) تسير على هذه السنة ، في تعليل كيلا يؤول الميراث لغريب!
بينما كان تعدد الزوجات جائزا في الهند القديمة قبل الميلاد ، كان هناك تعدد الأزواج أيضا وهي عادة بقيت لما قبل اقل من 200 سنة في جزيرة سيلان!
وفي جزيرة العرب كانت بيوت البغاء ترفع رايات خاصة لتدل على توفيرها هذه الخدمة ، إلى جانب عرف قاس بالبر بالنذور، للإلهة الصنمية طبعا ، وقصة المرأة العربية البارعة الجمال ( ضباعة بنت عامر) والتي ذكرها المؤرخون معروفة ! فقد هيأ لها للطواف حول الكعبة عارية تماما ، لنذر كانت قد نذرته ، وكان ذلك قبل البعثة بسنوات ليست طويلة.
واليوم…هناك مئات الملايين من الناس تنظر إلى فكرة تعدد الزوجات كنظرتها إلى عملية تعدد الأزواج !؟ومن النادر وجود حالة لتعدد الزوجات في باكستان المسلمة ، كما تنعدم هذه الحالة بين المسلمين في الهند مثلا.. وحالة لا يقرها غالبية مسلمي اندونيسيا وماليزيا؟ و نذكر أن نائب رئيس النواب الاندونيسي السابق زين المعرف ، أجبر على الاستقالة بعد انكشاف زواجه من امرأة ثانية !
نظام التسري المباح في الدين الإسلامي،مستنكر اليوم بين المجتمعات الإسلامية ، ومرفوض عرفا ، وينظر له كجريمة يعاقب عليها القانون في الدول الإسلامية وغير الإسلامية!
لما بدأت حملة – بضعة نسوة عراقيات – بالدعوة إلى السفور ونزع العباءة ، ناشدن في لقاء مع الملكة الراحلة عالية بنت الملك علي(1911-1950) -زوجة الملك غازي بن فيصل وأم الملك فيصل الثاني- بأن تسفر وتكن لهن قدوة في هذه الدعوة و لهذه النقلة المدنية ! لكن الملكة التي باركت لهن نشاطهن …اعتذرت… فالملكة لم تجد بديلا في السفور عن العباءة العراقية! مراعاة للعرف!
سألت شابات وشبان عن معنى مفردة سفور فترددوا بإجاباتهم التي لم تتعدى المعنى اللغوي للمفردة… بينما كانت هذه المفردة لها وقعها الاجتماعي قبل عشرات السنين… فأعراف اليوم تختلف عما اعتاد عليه الناس وألفوه قبل عقود ، فكيف بآلاف من السنين !
[email protected]