22 ديسمبر، 2024 7:26 م

هكذا … تضيع الحقوق في هيئة ( إنتزاع ) الملكية !!!

هكذا … تضيع الحقوق في هيئة ( إنتزاع ) الملكية !!!

لن أخوض في حديث الديمقراطية ، ولا أرغب في الحديث عن مواصفات ولاية البطيخ ، ولا أريد إطلاق التهم لأحد ( مثلما يفعل الكثيرون اليوم ) بأن من يقف ضد منجزات الديمقراطية هم داعشيون أو بعثيون أو … أو … الخ . ولكن كان لدينا بصيص من الأمل في قرارات القضاء العراقي !!! ولكن حتى قرارات القضاة أصبحت تُضرب عرض الحائط ، لأن القانون ، تحول الى مواد تم حفظها في الأضابير ، وأن ميزان العدالة أصبحت في أيدي عقيمة ، ومطرقة القاضي باتت لا تُسْمَعْ !!!

عديدة تلك القصص التي تصادفنا مؤخراً في الأعلام أو من خلال وسائل التواصل الأجتماعي ، بعدم إستلام ذوي الشهيد حقوقهم ، وفجأة يصل الخبر الى مسامع ( المسؤول !!!) ويبادر الى إيصال حقوقهم من خلال تدخله الشخصي( الهوليودي !!!) ليرتقي المسؤول الى مصافي الصدّيقين والأولياء !!! وليثبتوا وفاءهم اللامتناهي تجاه الشهداء !!!

و لست هنا بصدد إيصال صوتي الى المسؤول ( وكلنا نعلم كيف يتسنّم المسؤول موقعه ، ولمن يكون مديناً !!! ) ولكن ما أودّ تبيانه هو أين وصل أحترام قرارات القضاء !!!! ولكون القصة قديمة ، وجدت في طرحها فائدة .

من منجزات الديمقراطية في العهد الحديث في العراق ، ( الدستور المبتور ) الذي نص على ضرورة معالجة المظالم التي وقعت في الفترة السابقة وضرورة إنصافهم . وقد تم تأسيس هيئات ومؤسسات خاصة من أجل ذلك ، ولست هنا بصدد الخوض في تفاصيل قانون مؤسسة الشهداء أو هيئة الدعاوى الملكية ، التي ما أن يطلع عليها القاريء يظل سابحاً في الأجواء الوردية !!!

وأنا لكوني أحد ذوي الشهداء لا أطالب من مؤسسة الشهداء منحي الأمتيازات والتسهيلات التي نصت عليها أهداف قانون مؤسسة الشهداء ، بقدر ما أطالبها بالسعي في إستحصال الشهيد لحقوقه المصادرة التي حُرم منها هو وذووه . لأن مؤسسة الشهداء ليست مؤسسة تشريفية لتكتفي بمنح ذوي الشهداء بقرار ، أو هوية ، أو كتاب تأييد ، وتترك ذوي الشهداء ضحية أمام إجتهادات الوزارات الأخرى !!! أو اللجوء الى القضاء والمحاكم من أجل إستحصال حقوق الشهيد !!!

أما هيئة الدعاوى الملكية ، فهنا تكمن الكارثة !!!

لأن قانونها مليء بالتناقضات ، وهي من تصدّر القرارات ، وهي التي تمتنع عن تنفيذها !!!

فمن أهداف صدور القانون حسب المادة(٢) هو (( أولاً : ضمان حقوق المواطنين الذين انتزعت عقاراتهم خلافاً للقانون .

ثانياً : الحفاظ على المال العام ومعالجة عدم التوازن بين مصالح المواطنين ومصلحة الدولة )) وكلنا يعلم أن النظام السابق لم يكن يخطو بخطوة من دون قانون !!!

وحتى إذا أصدرت اللجنة القضائية في هيئة الدعاوى الملكية قراراً لصالح المواطن المتضرر ، فأن القانون يلزم وزارات ومؤسسات الدولة بالتمييز والأعتراض حفاظاً على المال العام !!!! كما جاء في المادة ( ٨) منه (( يكون تمييز القرارات الصادرة من اللجان القضائية والتي تكون الدولة طرفاً فيها وجوبياً ))

أي أن أي عقار مصادر من قبل النظام السابق ، لا يتم البت به إلا بعد ( التي واللتيا ) أمام المحاكم التي قد تطول سنين !!! طبعاً لا تنطبق هذه الحالة للمسؤولين المتنفذين الذين هم على قيد الحياة ، لأنهم يعتبرون أنفسهم أعلى مرتبة من الشهداء ، الذين أستغفلوهم في غفلة من الزمن ، والقانون الذي صاغوه ، وضعوه على مقاسهم وليس للمغفلين . حيث تم إستعادة عقاراتهم من قبلهم عملياً قبل إصدار القرارات القضائية ، و تم تعويضهم بمبالغ طائلة وبدفعة واحدة وصلت الى المليارات !!!

ولا بد من سرد قصتنا بعد هذه المقدمة لكي يطلع القاريء على ما يجري في دهاليز هيئة الدعاوى الملكية وأمام أنظار مجلس القضاء الأعلى ومؤسسة الشهداء ، التي إبتدأت عند صدور حكم بالأعدام على السيد ( خضر علي مردان ) بتأريخ ( ١٩٨٢/١/٤) بعد إعدام نجله بستة أشهر ، وتمت مصادرة أملاكه ومن ضمنها الدار المرقمة ( ١١/٧٨ ) البالغة مساحتها (٦٠٠) متر مربع ، الذي كان يسكنه عائلته !! وقد تم إخلاء الدار خلال ( ٤٨) ساعة من صدور قرار المصادرة بتأريخ ( ١٩٨٢/٦/٢٧ ) .

وبموجب قانون الدعاوى الملكية ، فأن إستصدار قرار التعويض الأولي ( الذي يخضع للطعن والتمييز من الدولة أيضاً ) لم يصدر إلا بتأريخ ( ٢٠٠٦/١١/١٢ )

وإستمرت الأجراءات والتمييز والطعون لغاية صدور قرار التعويض القطعي بتأريخ ( ٢٠١١/١٢/١٥ ) يعني ثمان سنوات بعد ولادة ديمقراطيتهم !!!

وبعد الأعتراض على التقييم الغير منصف للعقار في قرار التعويض ، تم إعادة النظر في التقييم وإصدار قرار جديد بتأريخ ( ٢٠١٢/١٢/٥ ) .

ولم تنتهي القصة هنا !!! لأن هيئة الدعاوى الملكية لم تصرف مبلغ التعويض كاملة ، وتحججت بعدم تخصيص مبالغ كافية للتعويضات !!!

وفي عام (٢٠١٣) تم تخصيص المبالغ في الموازنة ولكن رفض وزير المالية بأطلاق المبلغ . وفي عام ( ٢٠١٤ ) تحججت وزارة المالية بنقص السيولة بسبب أحداث داعش !!!

وبعد كل هذه السنين ، أبلغتنا هيئة الدعوى الملكية ، بأن المبلغ موجود وسيتم إطلاقها بعد المصادقة على الموازنة لعام (٢٠١٨) !!!!

وها نحن نودع الأيام الأخيرة من عام ( ٢٠١٨) وتصرّ هيئة ( إنتزاع ) الملكية بعدم صرف المبلغ إلا بعد جلب إستثناء من وزارة المالية !!!!!!!!

بالله عليكم ، أليس هذا ضحكاً للذقون ؟؟؟ فهي من تصدر قرارات التعويض وهي من تمتنع عن التنفيذ !!!! وأي إستثناء نطالب بها وزارة المالية ؟؟؟؟ وهل أن الهيئة واللجان القضائية فيها تعمل تحت أمرة وزارة المالية ؟؟؟؟ أم أن قرارات القضاة أصبحت لا تُحترم ؟؟؟ أم قضاة اللجنة القضائية في هيئة ( إنتزاع ) الملكية ، لا يمثلون القضاء العراقي !!!!

نعم …. هكذا تضيع حقوق الشهيد في بلدي !!!!

عقار يتم مصادرته بـ( ٤٨ ) ساعة ، ونعجز عن الحصول على التعويض المنصف بعد ( ٣٧ ) عاماً !!!!. ولكن لا نملك إلا أن نقول أن بطيخ اليوم لا يختلف عن بطيخ الأمس !!!!

——————————