23 ديسمبر، 2024 10:41 ص

هكذا تحدّث الشعراء

هكذا تحدّث الشعراء

أنشد الأعرابي في أيام الاسبوع :

ما سبعةٌ كلُّهمُ إخوانُ

                   ليسوا يموتون وهم شبّانُ

وقد نجح في إضفاء الحياة على أيام الاسبوع على مدى الأيام، كما أنه جعل الايام السبعة بمثابة الاخوه السبعة وهو تعبير حسن أيضاً

وقال آخر مادحاً

وأراك تفعل ما تقول وبعضهمُ

                          مذق الحديث يقول ما لا يفعلُ

والمذق : المزج والخلط ،

ان العبرة بالأفعال لا بالأقوال ، ونحن لانسمع الاّ الأقوال التي تبقى بحاجة الى ترجمة عملية في ميادين الحياة …

وننتظرها طويلاً دون ان نلمح من مظاهرها شيئاً ..!!

-3-

وذم أحد الشعراء رجلاً فقال :

وفي عينيك ترجمةٌ أراها

                     تدل على الضغائن والحقود

انك تقرأ في عين أُمّكَ ألوان الحب العارم، وتقرأ في عيون الحسّاد مثلا ما يُخفون في أعماقهم من بغض وكراهة ..!!

ان العيون هي المرآيا التي تعكس المشاعر المستورة …

-4-

وما حَسَنٌ ان يمدح المرءُ نَفْسَهُ

                          ولكن أخلاقاً تُذمُّ وتُمدحُ

مدح الانسان لنفسه يعود عليه بمردود سلبي ،

ولك ان تشيد بمكارم الاخلاق، وتندد بمساوئها، ولا ضير في ذلك .

انها الموضوعية البعيدة عن الذاتية .

-5-

اذا ما امرؤ مِنْ ذَنْبِهِ جاء تائباً

                        اليكَ ولم تغفر له فلك الذَنْبُ

لابد ان نستقبل المعتذر بالقبول لتُطوى صفحات الاحتقان والتباعد ، ونُنهي كلَّ ما من شأنه قطع حبل المودة بيننا :

واذا اعتذر الينا المعتذر ولم نقبل عُذْرهُ كان ذلك ذنباً يسجل علينا لا عليه ..

-6-

قال الشاعر :

ان الولاية لاتدوم لواحدٍ

                     إنْ أنتَ تذكرُهُ وأينَ الأولُ ؟

والالتفات الى أنّ للولاية أمداً محدوداً، أمرٌ في غاية الأهمية، دفعاً للتمادي في الغيّ والغرور، لاسيما وان السلطة قد تُنسي أصحابها ما ينتظرهم بعد انتهائها من مساءلة وحساب، في الدنيا وفي الآخرة ..!!

 

-7-

وقال آخر :

كلُّ الامور تزول عنك وتنقضي

                      الاّ الثناء فانه لك باقِ

والله لو خُيرّتُ كلَّ فضيلةٍ

                     ما اخترتُ غيرَ مكارمِ الاخلاقِ

انها دعوة يفوح منها عَبَق الفضيلة، حيث التحريض على اعتشاق مكارم الاخلاق، وحسبك بها رصيداً ضخما يقفز بالشخصية الى الروابي والقمم الشامخة، ويجعلها تحظى بالاجلال والاحترام والتقدير من الناس على اختلافهم في المسالك والمشارب …

-8-

اني رايتُك للمكارم عاشقاً

                      والمكرماتُ قليلةُ العُشّاقِ

انه مَدْحٌ بليغ اختصر المسافات الطويلة وذهب مثلاً .

-9-

ولم أَرَ كالمعروف أمّا مذاقهُ

                     فحلو وأما وجهُهُ فجميلُ

لاشيء يعدل ” المعروف ” الشامل لكل ألوان البر والخير ، أهميةً وثِقْلاً .

انه المؤشر على ما تمور به النفس الكبيرة من اريج الانسانية وعبق الأصالة والشهامة والنبل .

-10-

مَنْ كان لايُرتجى لمنفعَةٍ

                    فَلَيْتَهُ في لظى احقرقا

اذا كان خير الناس مَنْ نفع الناس – كما جاء في القول المأثور – فانّ الذي أوصد باب النفع على الناس ، لايستحق منهم الاّ ان يدعوا عليه بان يحترق بالنيران ، ويستقر في قعرها .

-11-

وهم نَقَلوا عني الذي لم أَفُهْ بِهِ

                            وما آفةُ الأخبار الاّ رواتُها

رواة السوء هم مصدرَ المشاكل والخلافات ، ليس بين الأفراد فقط ، بل بين الجماعات المختلفة وحتى بين الدول .

انهم يحرّفون الكلام ، ولا يُبالون بالآثام …

-12-

وعاتَبَ أحد الشعراء من أبطأ في قضاء حاجته فقال ….

الفِطْرُ والأضحى قد انسلخا ولي

                         أملٌ ببابِكَ صائمٌ لم يُفطرِ

تمضي الشهور ، والشاعر في انتظار كانتظار الصائم وقتَ الافطار ..!!

وهكذا يستهين بعض اللؤماء بذوي الحاجات …

-13-

قال الشاعر :

تريدُ مهذّباً لاعيبَ فيه

                 وهل عُودٌ يفوحُ بلا دُخانِ

عيوب الاصدقاء هي كالدخان المنبعثِ من العُود وهو يفوح بالطيب

-14-

ووصف أحد الشعراء رجلاً فقال :

كشِبهِ الطبل يُسمع من بَعيدٍ

                       وباطنُه من الخيرات خالي

انه هجاء مرّ

فليس ثمة أحقر من رجل أجوف كالطبل ، خالٍ من كل سمات الخير …

-15-

مَنْ تَلْقَ منهم تَقُلْ لاقيتُ سيّدهُم

                       مثل النجوم التي يسري بها الساري

ان يكون الرجال كالنجوم يستضيء بهم الناس في الظلام، فهذا غاية المدح، مضافاً الى أنهم في أعلى درجات الآداب والأخلاق حتى لكأنَّ كل واحد منهم سيّد قومه وكبيرهم .

-16-

ولي صاحب ما كنتُ اهوى اقترابه

                                  فلما التقتنا كان أكرمَ صاحبِ

عزيزٌ على ان لايُفارق بعدما

تمنيتُ دهراً أنْ يكون مُجانبي

انه الشيب ، ولا يُحب مجانبتَه ، لأنه لا يُجانَبُ الاّ بالموت .

[email protected]