23 ديسمبر، 2024 11:54 ص

لقد كُتبت مواقف البشرية كافة في سجل التاريخ من شينها وزينها وبطولاتها وهزيماتها وفشلها ونجاحها ، وتناقلت الأجيال بأدواتها الحضارية المواقف المشرفة للشعوب والأقوام في بناء حياتهم الكريمة ، على الرغم من تزوير الحقائق وتضليلها بما ينفع مواقف الأقوياء من حكومات أو أقوام أو أديان أو مذاهب أو أحزاب ولكن يبقى للحقيقتي أسرار لايمكن أن يعرفها المضللون المزيفون فتظهر هذه الأسرار لمن طلبها وبحث عنها لهذا تظهر الحقائق ولو بعد حين هذا هو سر الحقيقة التي لا يمكن أن يخفى مهما حاول الطغاة والجبابرة من كل الأصناف ، هكذا علمتنا الحياة : الكرامة لا تولد من فراغ والحرية لا تعطى بدون أثمان والعزة نتاج ممزوج من الكرامة والحرية ، وهذه جميعاً لا يحملها إنسان لم يهيء نفسه لحمل الرسالة للأجيال ، لأن المُثل العليا كقمم الجبال تبقى شامخة مهما تعالت الأشجار أو تقادم الزمان ، فينظر لها الإنسان بكل فخر وأعتزاز لأنها جوهر وجمال الحياة ، هكذا نقش أبناء آمر لي على قلة عددهم الذي لم يتجاوز العشرون ألف حياة العز والإباء عندما وقفوا صامدين بوجه أعتى هجمة إرهابية بربرية متخلفة لا تعرف من الحياة إلا التكفير وقطع الرؤوس ومناكحة النساء ، صمدوا لأكثر من شهرين يقاومون ويقاتلون على الرغم من قلة العدد والعدة ولكن من ذاق الحرية والكرامة تآبى نفسه معيشة الذل والهوان والعبودية والخذلان ، والنموذج تكرر في عين العرب ( كوباني) وسطر أبناءها أجمل وأعظم قصص البطولة والفداء وقدموا الشهداء تلو الشهداء في سبيل الأرض والعرض والحياة الكريمة المملوءة عزٍ وإباء ، فلم يكن مانعاً لأبناء هذه المناطق وقفت التصدي والمقاومة لأعتى قوة أرهابية مدعومة من جميع قوى التخلف في المنطقة والقوى العظمى في العالم من ناحية قلة المقاتلين أو ضعف السلاح وقلة الإمدادات و… ، لأن معادلتهم تقول أم العيش بكرامة أو الموت في أروع صور المقاومة ، فقد غابت هذه المعادلة من قبل أغلب أبناء المنطقة الغربية في العراق فسقطت المدن المكتظة بالسكان كأحجار الدومينوا واحدة بعد أخرى بدون مقاومة تذكر فكانت الموصل وتكريت والرمادي المثل الأسوء في مواجهة الغزاة من داعش الإرهاب ، فعدد سكان هذه المناطق يقدر بمليونين إنسان ولكن لا يحمل الكثير منهم ما يحمل ابناء آمر لي وكوباني ( عين العرب) من حب الحرية والعيش بكرامة والإنتماء للأرض والماء والسماء ، بل أعمت عيونهم أفكار الطائفية والبغض ورفض الآخر من أبناء الوطن فتقبلوا المجرمين من شيشان وباكستان والسعودية وقطر وكل من لا يعرف إلا الذبح وجهاد النكاح ، لهذا رفعت مقاومة آمرلي وكوباني ابنائها كالنجوم في السماء تنظر لهم البشرية بكل فخر وأعتزاز لأنهم العنوان الذي يفتش عنه كل إنسان ، لأن بأمثال هؤلاء تبنى الحياة .