23 ديسمبر، 2024 4:09 م

هكذا باعوك يا وطني !!…

هكذا باعوك يا وطني !!…

فيما يتعلق بالشان العراقي، لا اتذكر انني كنت يوما ما، متشائما كما انا عليه الان، وانا اقرا خبر زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى بغداد صبيحة يوم الجمعة المصادف ٨-٤-٢٠١٦.
احس وكانه سيضع العراق في حقيبته الدبلوماسية متجها نحو المجهول.
احس وكان مسلحا حقيرا، بملامح سياسي محترف، سيخطف طفلي الرضيع امام عيني، ويهددني بقتله لو تحركت.
فمع كل هذا التاريخ الاسود لاقطاب العملية السياسية منذ سقوط الصنم صدام حسين في ٢٠٠٣ والى اليوم.
طيلة هذه الاعوام الثلاث عشرة من محطات الفساد والاقتصاد المتعثر، السيارات المفخخة، ازمة النازحين وصفقة الموصل، وصولا الى شبح داعش الذي غدى كقميص عثمان و …
كل هذه الاحباطات، والفشل المخيم على كافة المستويات.
وانا متفائل، بل متيقن بان ارادة الشعب العراقي ستهزم جرذان الخضراء لا محالة.
لكن هذه الزيارة اللعينة، قلبت الموازين راسا على عقب، واغتالت تفاؤلي هذا، بالضبط كما هو مخطط لها، لاغتيال الحلم العراقي.
فهي توحي بما لا يدع مجالا للشك، بان التحدي الذي سيهدد العراقيين في قادم الايام، سوف لن يقف عند حدود مواجهة خونة ولصوص الداخل، ومجرمي داعش.
بل سيتجسد بالتبعية المطلقة لواشنطن، والى اجل غير مسمى.
وهو ما لا يتسنى للشعب العراقي رفضه بوضعه الحالي، بطبيعة الحال.

وبالتالي، فعلى فرض القدرة على التخلص من سيف داعش الارهابي في سوح القتال.
فسنقع لا محالة، تحت وصاية وانتداب داعش السياسي، تحت يافطة التنسيق الثنائي بين واشنطن وبغداد.
ومع ذلك، فسنبقى نخدع انفسنا رغبة او رهبة، ونهتف على استحياء، باننا حققنا الهدف، وصننا سيادة الوطن، وان القرار السياسي، قرار عراقي لا ريب فيه.
ومن لم يهتف معنا ويشاركنا فرحة النصر هذه، فهو متخاذل، يطعن بنزاهة قادته، مستهدفا المشروع الاسلامي برمته، لاسقاطه.
اجل، هذا هو لسان حال سماسرة الدين والوطن، ساسة الصدفة وقادة الضرورة في بغداد، الذين نافسوا حيوان الحرباء في تلونه.
بالرغم من بداهة كون قساوة القرار الامريكي بحق الشعوب، وعدالة السماء الرافضة لانتهاك كرامة الانسان، نقيضان لا يجتمعان.
يقول الشاعر :
وَمِن نَكَدِ الدُنيا عَلى الحُرِّ… أَن يَرى عَدُوّاً لَهُ ما مِن صَداقَتِهِ بُدُّ