23 ديسمبر، 2024 9:42 ص

هستيريا ضياع الحكم

هستيريا ضياع الحكم

حين رد سماحة السيد مقتدى الصدر حول سوال وجه له بخصوص زيارة دولة الرئيس المالكي الى امريكا، لم يكن خارج حساباتنا ان لا يكون هناك رد مقابل من قبل دولة الرئيس على اجابة سماحة السيد.
الا ان المستبعد تماما ان يكون الرد بهكذا طريقة لا تليق بأدنى شخصية في البلاد فضلا عن اعلى مسوول في الدولة.
فالاجابة التي شابها التخبط والعصبية والتلفيق والتسرع، ما هي الا نتاج واضح لأسباب عدة اجتمعت في آنٍ واحد ضد دولة الرئيس مما حدى به ان يكون بهذا الموقف المتشنج الهستيري.
فالوضع الغامض لزيارته الى امريكا وما أسفرت عنه من نتائج سيئة جدا على مختلف النواحي، ابتداءا بسوء الاستقبال ومروراً بالانتقادات من داخل السلطة الحاكمة، وانتهاءا برفض امريكا تقديم الدعم له لولاية ثالثة، دعته هذه الأسباب وغيرها مجتمعة الى التوجه بهذا الرد الاستعراضي لكي يبعد عنه الاضواء الانتقادية المسلطة التي تلاحقه ليل نهار، ولانه يدرك جيدا انه لا توجد أية شخصية تستطيع جلب الأنظار مثل شخصية السيد مقتدى الصدر، وقديما قالوا: اذا اردت ان تصبح كبيرا، فناطح الكبار، لذا عمد ان يكون الرد استعراضيا من جهة حتى يلفت الانتباه، اضافة الى اختياره شخصية مهمة لها حجمها الواسع داخليا وخارجيا كشخصية السيد مقتدى الصدر
تجعل الحديث حولها مادة دسمة للإعلام، من جهة اخرى.
يضاف لذلك أسباب جوهرية ملحوظة هذه المدة أرّقت حاله كثيرا، أهمها ما يعانيه من إرهاق وتعب وقلق بسبب شعوره بالخسارة وفقدان السلطة مستقبلا نتيجة التردي الواضح للملف الامني والذي أدى الى سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي على مساحات كبيرة من ارض الوطن، جعلتهم يتحكمون بشكل واسع على الارض وينفذون خططهم الإجرامية بشكل واسع ومنظم على اعلى المستويات.
اضافة الى الخيبة الكبيرة الواضحة المشخصة في كيفية إدارة الحكم من كل النواحي، الخدمية والصحية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وهذا بمجمله سيودي بالنتيجة الى خسارته وحزبه الحاكم للسلطة في الانتخابات المقبلة، مما يعني ذلك في حساباته انه سيتعرض للمسائلة القانونية هو وكل طاقم إدارته وحزبه، خصوصا من تعاون معه في كل المجازر التي ارتكبت في مناطق مختلفة من العراق والتي أرشفت بالصوت والصورة وهي جاهزة للشهادة ضده متى ما سنحت الفرصة المواتية لذلك، مع الأخذ بنظر الاعتبار الملفات الكثيرة التي وقعت تحت اليد من عقود الفساد والرشاوى التي تورط فيها اقرب المقربين له، وهناك العديد من الأسباب الاخرى التي لا مجال هنا لذكرها تجنبا للاطناب، والتي أدت الى فقدان راس السلطة لأعصابه واستعجاله بهكذا طريقة مشوشة ومرتبكة في الرد.
وهنا أودّ الاشارة الى امر مهم وهو انه لم تكن الغاية من كتابة هذه الأسطر البسيطة مناقشة ما احتواه بيان دولة الرئيس من مغالطات وتناقضات لان جميع العقلاء والمنصفين التفتوا جيدا الى النوايا الحقيقية التي دفعت دولة الرئيس الى الأقدام على مثل هكذا بيان، لذا لا داعي للخوض فيها، الا انني في نفس الوقت لا يمكن ان اتجاهل أمرين مهمين أودّ تذكير دولة الرئيس بهما:
الامر الاول:ان الذي نذر نفسه وأهله وماله فداء لإعلاء كلمة الحق، وأعطى القرابين تلو القرابين من اجل ذلك، لا أظنه يخشى او يخاف احد، فلا تظن ان التهديد ينقص من عزيمتنا، بل العكس هو الصحيح، وان اردت ان تتاكد، فاسأل قوى الاستكبار ومن قبله البعث المقبور عن ابناء الصدر وشجاعتهم وإيمانهم بمبادئهم، وسيجيبونك باختصار ووضوح عنا، واللبيب بالإشارة يفهم.
اما الامر الاخر: فبعد قراءتي لبيانك المترهل الخجول، أنصحك ان تدخل انت وكادرك ومستشاريك دورة تعلم أبجديات الرد الدبلوماسي، لان اخطاءا بسيطة في أجوبة الرسائل بين الحكام، أدت الى نشوب حروب بين تلك الدول، نتيجة عبارة خاطئة او كلمة زائدة او نقطة هربت من هنا وحطت هناك، فأخشى على البلد ان يدخل حربا بسببك نتيجة زلة قلم كنت فيها تحت مخدر الهستيريا والعصبية.