يتوهم البعض من العرب والعراقيين أن الادارات الأمريكية المتعاقبة قبل وبعد احتلال العراق الذي مهد وعبّدَ الطريق لاحتلال وتدمير الشرق الأوسط برمته كما نرى منذ انطلاق شرارة الربيع العربي المزعوم عام 2011 !, وقد صدّقَ مَنْ صَدقَّ , أو هنالك من مازالَ يثق بأن أمريكا بحق وحقيقة تناصب العداء لحكم الملالي في إيران وتعمل على إنهاء وإزالة نظامهم !؟, كما سعت وجندت جيوش من الاعلاميين والعملاء والجواسيس والحملات العسكرية .. وشنّت أكبر حملة أكاذيب وتلفيقات ضد العراق والنظام الحاكم فيه منذ أن أمم ثرواته الطبيعية واستقلالية قراره الوطني عام 1972 . لكن هذه الفرية أو الأكذوبة باتت لم ولن تنطلي على أي لبيب ومتابع وقارئ جيد للسياسة الأمريكية , وثبت بالأدلة القاطعة بأن الولايات المتحدة الأمريكية بنت وشيدت أمبراطوريتها على جماجم مئات الملايين من البشر ونهبت ثروات الشعوب على مدى قرون وليس عقود ..!, وكانت وما تزال وستبقى تربطها بجميع دول العالم مصالح دائمة فقط , ولا يهمها أي وجود أوبقاء أو زوال أي نظام ممهما كان قمعي أو شوفيني أو عنصري أو متخلف أو متحرر وديموقراطي .. بقدر ما يهمها أن تكون مصالحها ونفوذها وهيمنتها وغطرستها مستمرة … وهذا ما قامت به وأمنته لها ولمن سبقها من القوى العظمى عبر التاريخ جميع الأنظمة التي حكمت إيران … وعلى رأسهم نظام الملالي المتسلح والمتبرقع والمتلبس ببرقع ولباس الدين – الطائفي الشوفيني العنصري , الذي كان وما يزال وسيبقى عامل عدم أستقرار وهدم وتدمير وشق صف وحدة الإسلام والمسلمين منذ 1400 عام . إننا لم نأتي بجديد إذا ما قلنا إن ما جرى ويجري في العراق منذ عام 1980 مروراً بعام 1990 ووصولاً لأم النكبات عام 2003 وحتى يومنا هذا من حروب وتدمير وازهاق ارواح أكثر من 5 مليون عراقي في أسوأ التقديرات وتهجير وتشريد أكثر من 10 مليون عربي – عراقي داخل وخارج العراق خلال 16 عشر عاماً , ناهيك عن عمليات السلب والنهب وتدمير الدولة العراقية بشكل غير مسبوق منذ عام 2003 , وبشكل منظم وممنهج , هذه وغيرها من الكوارث …ما كان لا لإيران ولا لعملائها وأدواتها مجتمعين كما هم في العراق وسوريا ولبنان وحتى اليمن .. أن يستطيعوا تحقيقها بهذه السرعة , لولا الدعم والاسناد والتسليح وتبادل الخبرات والمعلومات على أعلى المستويات بين الادارات الأمريكية المتعاقبة ونظام الملالي الحالي منذ 4 عقود .. والدلائل كثيرة لا تعد ولا تحصى .. لا يسع المجال لسردها وتفصيلها , وأبسط مثال صارخ ودامغ على ازدواجية المعايير والعهر الأمريكي .. أن المجرمان كما هما كل من المدعو ” قاسم سليماني , وأبو مهدي المهلوس ” مدرجان على قائمة الإرهاب منذ الثمانينات ومطلوبان دولياً !؟, لكنهم يصولان ويجولان أمام أكبر سفارة أمريكية في العالم شيدتها وسط بغداد !, وقاتلوا صنيعة أمريكا وإيران ” داعش ” تحت دعم واسناد وغطاء جوي أمريكي وعالمي !, بالضبط كما تقوم عصابات إيران المتمثلة بالحشد الشعبي الإرهابي .. الآن بقتل آلاف العراقيين العزل في جميع أنحاء العراق , وخاصة في بغداد والبصرة والنجف وذي قار وكربلاء تحت مسمع ومرأى السفارة والجيش والمخابرات الأمريكية ويقف العالم والجامعة العربية والعالمين العربي والإسلامي موقف المتفرج على مذبحة العراقيين الذين ينحرون نحر الخراف
من هنا يجب أن يعلم القاصي والداني بأن المشروعان الأمريكي والإيراني في العراق هما توأم ” سيامي ” لا يمكن فصلهما عن الآخر .. كونهما مرتبطان ارتباط عضوي .. لهما روح وقلب ومخ واحد ورئة واحدة , ومهما حاولا الانفصال أو التبرأ عن بعضهما أو أحدهما الآخر فإنهما سيموتان فوراً وسيقبران إلى الأبد على أرض الرافدين , والأيام كفيلة بذلك عندما يتم الله تبارك وتعالى ويكلل جهاد وصمود العراقيين الغيارى الأسطوري بالنصر المؤزر … خلاف ذلك لا قدر الله ستبقى أمريكا وأيران يتبادلان الأدوار فيما بينهما وسيمارسان عمليات الدجل والتقية والنصب والاحتيال والخداع على العالم وعلى شعوب المنطقة وفي مقدمتهما الشعبين العراقي والإيراني