عندما صدم العالم بالهروب المدوي والانشقاق المفاجئ للفريق حسين كامل حسن صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ولجوئه الى الاردن في اب من عام 1995اثر خلافات عائلية وصراع بين اجنحة العائلة المالكة على الثروة والسلطة انشغل العالم ولفترة ليست بالقصيرة بالمسؤول الهارب ومايمكن ان يعنيه مثل هذا الهروب في تعجيل انهيار النظام واتذكر حينها تحليلا للاستاذ حسن العلوي اثناء مقابلة اذاعية مع اذاعة مونتي كارلو قدم فيها صورة موجزة عن السيناريو الذي يلي عملية اللجوء وانعاساته المحتملة على واقع الازمة العراقية التي اكتسبت بعدا دوليا بعد هزيمة نظام صدام اثر حربه مع ائتلاف دولي قادته اميركا لارغامه على مغادرة الكويت عام 1991 حيث تم اصدار قرارات دولية بالجملة جعلت العراق دولة ونظاما خارج دائرة الاهلية القانونية وفتحت ابواب التدخلات الى ماشاءت اميركا, وقد تناول الاستاذ العلوي الطبيعة الامنية والدكتاتورية للنظام العراقي في حينه المشابهة والمتاثرة بالنموذجين الروسي تحت حكم ستالين والالماني النازي في ظل حكم هتلر والسيناريوهات المحتملة للتغيير في العراق حيث اشار الى ان اسقاط هكذا نظم لايتم الا من خلال واحد من ثلاثة احتمالات ,الاول ثورة شعبية شاملة وهذا الامر (والكلام مازال للعلوي) جربه العراقيون في انتفاضتهم في اذار عام 1991 ومنتيت المحاولة بفشل كبير مع اعداد مهولة من الضحايا ولم يسقط النظام لانها أي الانتفاضة لم تحض بمؤازرة ودعم من دول الجوارفضلا عن القوى الدولية حيث ان لكل دولة جملة من الاسباب التي جعلتها تتحفظ على موضوع اسقاط نظام صدام بهذه الكيفية رغم رغبة اغلب دول الجوار برحيل نظام صدام ,.الاحتمال الثاني حصول انقلاب عسكري من داخل مؤسسة النظام وهذا الامر هو الاخر جربه العراقيون وفشلت اكثر من محاولة قام بها الضباط الكبار في مختلف صنوف القوات المسلحة لاسقاط النظام واشهرها كانت محاولة سطم الجبوري ومحاولة محمد مظلوم اللتان تم كشفهما وسيق المئات من الضباط الى ساحة الاعدام من جرائهما والعشرات من قبلهما من المحاولات التي لم تنفع مع نظام امني بوليسي متماسك, اما الاحتمال الثالث يبقى الاجتياح العسكري الخارجي من قبل تحالف دولي على شاكلة اسقاط نظم هتلر في المانيا وموسوليني في ايطاليا وهذا الامر يبقى منوطا برغبة ومصالح الدول الكبرى , اما خروج حسين كامل فانه يمثل هزة للنظام ولكنه لن يعني شيئا بعد زوال تاثير الهزة لان حسين كامل وهو الضابط المؤتمن والوحيد الذي كان يدخل الى غرفة صدام حسين متمنطقا بمسدسه اخطر واكثر فاعلية من حسين كامل القائد والوزير المنشق حيث ان رصاصة من مسدسه وهو في غرفة نوم صدام اقوى ملايين المرات من اطنان المعلومات التي يمكن ان يدلي بها وهو في مؤتمره الصحفي في عمان على بعد الاميال من بغداد, ذات التحليل ينطبق على الشقيق السيامي لنظام البعث العراقي واقصد به النظام السوري حيث مازالت الثورة السورية تراوح في مكانها بسبب عدم وجود اجماع محلي (مع وجود جهات تعارض الثورة على النظام من طوائف واقليات ارعبها خطاب الثوار ) فضلا عن اختلاف القوى الاقليمية والدولية على توصيف مايجري في سوريا هل هو ثورة ام عملية تمرد مدعومة من الخارج من قبل قوى لها مصلحة في اضعاف او اسقاط النظام السوري وبغياب او صعوبة امكانية نجاح الاحتمالين المذكورين أي الثورة الشعبية او الاجتياح الخارجي يبقى الدور الاهم للمؤسسة العسكرية لان تكون صاحبة الدور الاقوى في تغيير مسارات الاحداث مع اوضد النظام وهي على مايبدو مازالت متماسكة رغم اننا الان نتحدث بعد مرور اكثر من سنة ونصف على اندلاع الاضطرابات في سوريا ورغم اغتيال الكثير من القيادات العسكرية المهمة مثل وزير الدفاع ورئيس لاركان وعدد من القيادات الامنية الاخرى في المواجهة المسلحة ضد قوى المعارضة السورية ولكن الواقع يكشف عن استمرار تماسك الاجهزة الامنية للنظام لاسيما الجيش برغم طول مدة النزاع , ومن هنا نتساءل ماذا يمثل انشقاق مناف طلاس وهو الضابط المتنفذ والذي عاش وترعرع في ظل النظام وهو نجل وزير الدفاع السوري الاسبق مصطفى طلاس وماهي انعكاسات هذا الانشقاق على الواقع الميداني للصراع من خلال التركيز على اسلوب عمل الانظمة الدكتاتورية نخلص الى ماذهب اليه الاستاذ حسن العلوي في تحليل مسالة هروب حسين كامل الى الاردن اذ لا دلالات مهمة لهروب طلاس خارج جسد النظام وان وطبقا لما صرح به شخصيا ان تدخلت المخابرات الفرنسية العربية الشقيقة في هذا الانجاز التاريخي بنقل هذا الضابط الهارب الى الخارج الا ان تاثير هذا الهروب سرعان مايتم امتصاصه من قبل النظام حيث انه الان بلا خطر او تهديد يذكر وما هروبه الان بهذا التوقيت بعد ان عاش سنوات في كنف النظام و تمتع بالوراثة بمغانم السلطة وعندما حانت لحظة المواجهة اثر استكمال مشوار الانتهازية الذي رافقه منذ الطفولة حيث قرر الفرار نفاذا بجلده لا من باب الحرص على مصلحة البلد او سائر الشعارات التي يتحفنا بها المتسلقون عندما تختل الموازين المنفعية لديهم فيقرروا بيع ولائهم للقادم الاقوى , لو كان لطلاس ان يتكلم عن وطنية حقة لكان استمر في مواجهة النظام من الداخل لا ان يستقل اول مركب اجنبي للفرار من المواجهة ,وهذا ديدن الفئران اول الهاربين من السفن الغرقى.
[email protected]