شهد التاريخ عبر مسيرته أحداثاً جساماً بسبب الخصومات السياسية بين الطامعين في الحكم في جميع مراحله الزمنية و لايزال على هذا المنوال و التي تخللتها عمليات إغتيالات طالت بعض الشخصيات التي زجّت بنفسها في خضم تلك الصراعات ، و بصرف النظر عن اهداف و دواعي تلك الاختلافات و النزاعات فان اعمال الاغتيالات لم يسلم منها أغلب الاطراف المتخاصمة .
ليس هذا هو المهم لان الانسان دائما يتأبط بين ذراعيه نوازع الشر و العداء لبني جنسه من البشر ، انما المهم ان تقوم تلك الاطراف باستهداف خصومها بشكل غير مُعلن بل تحاول قبل الاقدام على تلك الاغتيالات إزالة جميع الادلة و الشواهد التي توصل بخيوطها الى معرفة القاتل و نواياه في التخطيط لتلك الاغتيالات حتى ان البعض ذهب في التفنن و الدهاء الى إشراك مجاميع متعددة على هيأة خطوط يتقدمها الخط الاول ثم الثاني ثم الثالث و تكون مهمة الخط الاول هو تصفية و اغتيال الخصم و مهمة الخط الثاني هو تصفية من قام بتنفيذ أمر الاغتيال و بعدها يأتي دور الخط الثالث ليقوم بتصفية عناصرالخط الثاني لتأكيد محو و ازالة كل آثار جريمة الاغتيال و قد ذاع هذا الامر في فترة حكم صدام حسين و قد تفوق عليه اليوم حزب الدعوة اللعين و أتباعه من مجاميع الاحزاب الاسلاموية الدموية في مؤامراتهم و افعالهم الخسيسة .
و قد وصل الحال الى إدعاء بعض القائمين باعمال الاغتيالات باصابتهم للتغطية على جريمتهم كما حصل مع اغتيال الامام علي ابن ابي طالب من قِبل عبد الرحمن ابن ملجم في الحادثة المعروفة و التي إدعى فيها معاوية و مناصروه بانه كان قد تعرض هو ايضا الى إصابة و ان خطة التآمر كانت تقضي بتصفية كلا من الامام علي و عمرو ابن العاص و معاوية بن ابي سفيان إلاّ ان المؤامرة اقتضت ان يكون الامام علي هو الضحية فقط و ينجو الاخرين لينقل لنا بعدها تاريخنا المزيف إدعاءات كاذبة بان معاوية كان قد تعرض هو الاخر الى اصابة قد تعافى منها بعد العلاج و لم يقدم لنا التاريخ دليلا صادقا على الاحداث .
من هذا الكلام و المقدمة أردت ان اقول شيئا مهماً و هو : ان عملية اغتيال محمد باقر الحكيم او رفيق الحريري او احمد الجلبي او جون كندي او المهاتما غاندي او محمد انور السادات او انديرا غاندي او الامام علي ، لم يتطلب الامر فيه ابلاغهم ليكونوا على علمٍ قبل عملية اغتيالهم و تصفيتهم لانها كانت وفق خطة سرية لم يُعلن عنها و لم يكتشفها احد بل قد يصل الامر في احيان كثيرة على عدم معرفة المخططين لها حتى بعد مرور سنوات عديدة .
و اليوم ياتي الغبي مقتدى بعد افتضاح أمره و فشل جميع مخططاته و الذي تصور ان الاخرين هم بنفس غباء اتباعه الجاهلين فيصدقوا مسرحية اغتياله و التي تصور فيها ايضا انها تكسبه تعاطفا و ترفع من شخصيته امام العقلاء الذين يعرفون ان الحيوانات من الدبش أفهم من مقتدى و اتباعه و ان ابناء الشوارع و البلطجية أقل اجراماً من مقتدى و افراد عصاباته .
نقول لمقتدى ان الايادي المسؤولة عن اعمال الاغتيالات و القتل و القابعة في بؤر الظلام في ايران هي نفسها التي تستفيد من تصرفات مقتدى الطائشة في تدمير العراق و حرق شبابه لهذا فانها لم تفكر في الانقضاض على مقتدى بالرغم من سجله الاجرامي مادام هو صنيعة مطيعة لها و ذراعا ضاربا في الخراب في هذه المرحلة الزمنية على أقل تقدير ، فانها ستلجأ للتخلص من مقتدى حينما يحين الوقت المناسب بعد الانتهاء من صلاحيته و ستقوم بتصفيته دون ان تأخذ رأيه او تبعث له خبراً ليقوم باعلانه و اذاعته بنفسه في ساحة التحرير امام أتباعه الجهلة .
(ان بالونات مقتدى التي أطلقها في سماء بغداد الجمعة الماضية … بأن جيفار الشيعة مهدد بالإغتيال من جهات داخلية وأخرى خارجية !؟ , لكسب واستجداء ود عطف ودعم الشارع العراقي وشحن بطاريات أتباعه من الرعاع الذين تجمعوا في اليوم الثاني أمام بيت وكيل الإمام الحجة في الحنانة , ووصفوه بأوصاف لم يسبقها به أي قائد أو زعيم عراقي سبقه بما فيهم صدام حسين .. !؟. ) (1)
(1) الفقرة مابين القوسين مقتبسة من مقال للكاتب جبار الياسري