18 ديسمبر، 2024 11:59 م

هررة لندن لا تخشى الشعب العراقي

هررة لندن لا تخشى الشعب العراقي

في ستينات القرن الماضي في الفترة بين إنتهاء ديمقراطية العهد الملكي و دكتاتورية النظام السابق، روى لنا مدرس التربية الدينية في إحدى المتوسطات و من باب التوعية بأن بزازين المستشفيات لا تخشى المرضى الراقدين فيها حيث إنها لا تبتعد عنهم عندما يطردونها لإبعادها و ذلك لأن هذه البزازين قد أكلت من أجساد البشر عندما تم إقتطاعها بالعمليات الجراحية و رميها مع الفضلات، حيث أن هذه البزازين تكون قد إستساغت طعمه و شبعت منه. و في حينها لم نستوعب المعنى الحقيقي لهذه الرواية إلاّ بعد الغزو الأمريكي للعراق.
قبل غزو أمريكا للعراق عقدت مؤتمراً للمعارضة العراقية بما سمي مؤتمر لندن، و في حينها لاحظ الصحفيون و المراقبون السياسيين بأن أعضاء المعارضة مختلفين فيما بينهم و لا يتفقون على رأي واحد فأطلقوا عليهم لقب “قطيع من الهررة”.
عند تولي المعارضة العراقية للحكم بدأ بعض أفرادها يصرحون علناً و على شاشات الفضائيات بأن العديد من الشخصيات المتنفذة غارقة في الفساد و هي المسئولة عن سرقة و هدر المليارات من أموال الشعب. و لكن على الرغم من ذلك فإن هذا الشعب العراقي ينقسم إلى فئتين، فئة تعيد إنتخاب هؤلاء و الفئة الأخرى تقاطع الإنتخابات تاركة الأمور بيد هؤلاء، و بهذا إستساغ هؤلاء طعم هذا الشعب العراقي و شبعوا منه و أخذوا لا يخشونه. و أصبح هؤلاء يستدينون المليارات لتسرق و تهدر و هكذا دواليك. و وصل الحال بأن الإقتصاد أصبح على شفير الهاوية و الرواتب أصبح يصعب تأمينها. و عندما ثار بعض الشباب على هذا الوضع المزري تم إطلاق النار عليهم مخلفاً مئات الشهداء و آلاف الجرحى. و هذا الحال مصداقاً لقوله سبحانه و تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” (هود 117) ما دام الشعب رضخ للفساد و تقاعس عن الإصلاح.