23 ديسمبر، 2024 5:53 ص

هذه بداية وليست نهاية

هذه بداية وليست نهاية

سقوط السيد نوري كامل المالكي بطريقة هو اختارها وتعيين بديل له اختاره التحالف الشيعي ووافقت عليه المكونات العراقية الاخرى هو ليس نهاية لحقبة من أسوأ الحقب التي مر بها العراق الحديث في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين , وانما هو بداية لتحقيق حلم راود كل العراقيين بعد سقوط نظام صدام حسين لرؤية عراق مستقل ومستقر يتمتع بحكم ديمقراطي وحضاري يرضي الجميع ويوحد كلمتهم ويسد رمقهم ويؤمن احتياجاتهم ويحفظ ثرواتهم ويعيد اليهم منزلتهم بين شعوب الارض .ان هذا الامر ليس صعب المنال في بلد غني , يمتلك ثروات تحت الارض و عليها وفوقها , وفيه شعب خرج سالماً عبر التاريخ من مصائب ومهالك محت شعوباً وأبادت حضارات .

لقد كان الضرر جماعياً , ولا يزول مثل هذا الضرر الا بالعمل الجماعي , ينبغي ان يكون هذا هدف المرحلة القادمة , ويجب ان يعمل الكل لمصلحة الكل بلا تمييز او تهميش .

ان ما يقوم به المالكي هذه الايام هو اشد وطأة على العراق والعراقيين من كل المساويء والمنكرات التي قام بها طيلة السنوات الثماني الماضية , هو لم يكتف بما فعله من إساءة للشيعة , وغدر للاكراد , وتهميش للسنة , بل اعلن تمرده على عملية التغيير التي اجمع الكل في داخل العراق وفي الدول الاقليمية والدول الصديقة القريبة والبعيدة وهيئة الامم المتحدة على ضرورة تحقيقها باسرع ما يمكن من اجل وحدة العراق وتماسكه وعدم تفككه وانهياره , كما انه يقف حجر عثرة في طريق نهوض العراق من الكبوة الخطيرة التي تسبب هو في احداثها .

هناك ساسة اذكياء يحسنون توظيف امكانياتهم لخدمة او طانهم فيتشبث بهم الشعب ويرفض تنحيتهم , هذه هي المعادلة الديمقراطية التي تفتقدها شعوب الدول النامية , حيث يعمل الساسة من اجل الوطن , ويتمسك بهم الشعب من اجل الوطن , فتكون النتيجة ان كل ما يتعلق بالوطن هو الفائز , وبهذا يتحقق الاستقرار وتنجز الخدمات ويستمر الاعمار ويعم الخير والعدل والمساوات …هكذا يكون الشموخ .

السيد المالكي استلم بلداً يدب فيه الفساد , فسلم بلداً من اكثر بلاد العالم فساداً , واستلم ادارة فيها كفاءآت فسلم دوائراً فيها خمس وثلاثون الف موظف يحمل شهادة مزورة , واستلم جيشاً فتياً في طور الانشاء ,

وسلم جيشاً هزمته شر هزيمة عصابات خارجة عن القانون , واستلم وزارة عدل فيها سجن مركزي واحد , فسلم 34 سجناً سرياً كل نزلائه من دون احكام قضائية , واستلم قانوناً اسمه اجتثاث البعث , فاجتث مناوئيه واعتمد على قادة امنيين كلهم اعضاء شعب واعضاء فرق في حزب البعث المقبور , واستلم بلداً فيه حدود محمية , فسلم بلداً حدوده مفتوحة لكل من هب ودب .

السيد المالكي استلم من الادارة الامريكية المحتلة عراقاً واحداً موحداً , فسلم عراقاً نصفه خارج سلطة الحكومة , والنصف الباقي تحت حماية قوات شعبية عراقية , وقطعات من الحرس الثوري الايراني , وميليشيات مسلحة من حزب الله اللبناني .

مساويء السيد المالكي ما زالت ماثلة للعيان وهي خطيرة … بل مهلكة .

أن تكليف الدكتور حيدر العبادي برئاسة الوزارة هو عبارة عن أمل .. والأمل لا يتحقق الا بارادة .. والارادة لا تجدي الا بوحدة الكلمة .. ووحدة الكلمة لا تتم الا بالاتفاق على الاهداف .. الشعب يريد ان يعرف شيئاً عن خارطة الطريق للمستقبل …..إننا في بداية مرحلة حاسمة ومن الضروري والمهم ان تكون هذه البداية صحيحة من كافة النواحي .