نشر الاستاذ قيس النوري في وجهات نظر ملخص تقرير ما سمي بمجموعة مستقبل العراق التي يترأسها ( ريان كروكر ) السفيرالاميركي السابق في العراق والتي تضم 63 شخصية من دول مختلفة ومن ابرز ما جاء فيه ان الهدف من رسم ستراتيجية عمل هو ضمان المصالح الاميركية وتحقيق اهدافها في العراق لامد طويل وبالخطوات التالية :
1—بناء حكومة عراقية تتعاون كليا مع الولايات المتحدة الاميركية وتؤمن بقاء قواتها لمهمة طويلة الامد .
2- اعادة تفعيل الاتفاق الستراتيجي المبرم بين واشنطن وبغداد .
3-استخدام اتفاقية صندوق النقد الدولي كاداة ضغط لاصلاح اقتصادي قائم على الاستثمار وبما لايستبعد الشركات الاميركية .
4-ومن اجل الاستثمارات الاجنبية يتم وضع برنامج لمقايضة الديون العراقية بالملكية .
ونظرة سريعة لما جاء في تلك الخطوات فان الاستنتاج الذي نخرج منه وهو ما اشاراليه بعض المعلقين ضمنا او تصريحا بان ما ورد بالتقريريعني بصريح العبارة عودة الاستعمار بثوب اخر الى العراق ومنه الى المنطقة وهو الهدف الرئيس والاساس من وراء احتلال العراق في نيسان 2003 والذي توضح عند تشكيل مجلس الحكم بصيغته المحاصصية ليؤسس لبناء عملية سياسية مشلولة تتجاذبها اهواء ومطامع التيارات الاسلاموية التي منحت السلطة وابقاء العراق ضعيفا ذو سيادة شكلية وتشويه الديمقراطية التي لايمكن ان تتحق من دون توفير ارضية مناسبة تتمثل بالحرية للمواطنين والعدل والمساواة والمواطنة .
لقد حذرت القوى الوطنية بمختلف توجهاتها من خطورة المحاصصة واستخدام الدين وسيلة لخداع المواطنين والالتفاف على الانتخابات واشاعة الجهل ، ودعت ومنذ الايام الاولى الى رفض ممارسات تكرس هيمنة تيارات اسلاموية وتبعد اي صوت وطني معارض وهو ما شجعته الادارة الامريكية وعملت عليه ، غير ان هذا الصوت الوطني غيب ولم يجد صداه لاسباب عديدة بينها ذاتي تتحمله القوى الوطنية المخلصة والاخر موضوعي اسهمت فيه الادارة الاميركية وقوى اخرى عملت جاهدة على زيادة ضعف دور التيارات الوطنية في اوساط الجماهير التي غرتها في البداية الشعارات والوعود من قبل المتاجرين بالدين .
واذا كان ما جاء في تقرير مجموعة عمل ( مستقبل العراق ) لايأتي بجديد فانه من جانب اخر يؤكد حقيقة الوجه الاميركي الحقيقي البشع جراء نهبها لثروات الشعوب وحرمانها من ابسط حقوقها في التمتع بخيرات اوطانها وهو ما كانت تعمل عليه الادارة الاميركية في اسيا اوافريقيا واميركا اللاتينية وحتى في اوربا لضمان مصالح شركاتها العابرة للقارات .. هذا الوجه البشع الذي سعت الادارة الاميركية في جميع مراحلها على تبييضه وعملت تيارات وشخصيات وطنية على تناسيه متعمده ما سبب نكوصا في المفاهيم الوطنية التي جبل شعبنا عليها .. لسنا ضد المتغيرات التي حصلت في العالم خاصة بعد انهيار منظومة المعسكر الاشتراكي وتفتت الاتحاد السوفيتي ودول اخرى ، غير اننا ايضا علينا ان نحذر من مخاطر التثقيف وحملات التضليل التي تقودها ماكنة اعلام متمرسة للايحاء بان خلاص الشعوب هو في الارتهان الى الغول الاميركي والارتماء في احضانه وتسفيه القيم والمباديء الوطنية والاشتراكية وتحميلها زورا مسؤولية كل الاخطاء التي اقترفتها الانظمة التي حملت اسم الاشتراكية او التقدمية اسما ولم تعمل بمضامينها واقعاً .. وهذا بحد ذاته يحتاج الى بحوث ودراسات مكثفة تسلط الضوء على ما تحقق في هذه الانظمة من ايجابيات وسلبيات واسبابها .
وبالعودة الى اصل موضوعنا فان المطلوب من القوى الوطنية والقومية اليوم اكثر من اي وقت مضى ازاء ما يحدق من مخاطر تجاه العراق والمنطقة ، هو معالجة حالة التشرذم بينها وتشكيل جبهة وطنية عريضة مهتمها كمرحلة اولى توعية المواطنين بمخاطر الدور الاميركي الجديد وعدم التعويل عليها لاجراء التغيير الذي لن يكون في صالح الشعب ان لم تكن اداته القوى المخلصة للعراق والمؤمنة بان لاولاء الا للوطن ولشعبه .. لاندعي ان المهمة سهلة لكن طريق الالف ميل يبدأ بخطوة غير ان المهم ان تكون صحيحة وفي مسار المباديء والثوابت الوطنية .وهنا اؤكد انني لا ادعي انني قد غطيت الموضوع كاملا غير انني حسبي نشر راي متواضع قد يفتح الباب لمفكرين وباحثين للوقوف عند خطورة التوجه الاميركي خاصة وان الكثيرين يروجون بانها المخلص من معاناتنا متناسين انها سببها !