23 ديسمبر، 2024 8:02 ص

هذا هو الخميني

هذا هو الخميني

“اكتب لك سماحة الشيخ منتظري بعض الكلمات وقلبي مكسور يقطر دمًا لتطلع الأمة على وحدها… ولايسعني هنا إل أن اقول بانك ستسلم البلاد والثورة الإسلامية من بعدي إلى الجناح الليبرالي ومن خلالهم للمنافقين…لفقد فقدت الصلاحية والشرعية لقيادة النظام مستقبلا. انك تعتقد ومن خلال تصريحاتك وموافقك بضرورة حكومة البلاد من قبل الجناح الليبرالي والمنافقين ولا اراك انك تكلمت الا بما أملاه عليك المنافقون الذين لا اعتقد بجدوى الرد عليهم. فقد دافعت بشكل مستميت عن بعض المنافقين الذين شهروا اسلحتهم ضد النظام ليحكموا بالإعدام. ثم اسديت للإستكبار خدمات عملاقة بما كشفت من أسراروهولت اعدادهم لتجعلهم ألوفا مؤلفة. .. ومن الآن فصاعدا لست خليفتي..”، هذا بعض ماجاء في رسالة للخميني مٶسس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و أول مرشد أعلى له، موجهة الى المنتظري، نائبه بعد أن أدان الاخير بشدة الفتوى التي أصدرها الخميني و تسببت في إعدام 30 ألف سجين سياسي.

هذه الرسالة وعلى الرغم من کونها قصيرة نسبيا حيث تتکون من صفحتين، لکنها جسدت و بکل وضوح الماهية و المحتوى الداخلي للخميني و أظهرت مدى ولعه بإستخدام القمع و القسوة المفرطة حتى مع أقرب المقربين إليه، إذ کان المنتظري هذا منذ تأسيس النظام و حتى عام 1988، يوصف بأمل أمام الامة بل وإن الخميني نفسه يصفه في هذه الرسالة ب”زهرة عمري”، لکنه يناقض نفسه عندما يقول في جانب آخر من الرسالة:” قسما بالله كنت معارضا لانتخابك منذ البداية .”، أي کان معارضا لإنتخابه کنائب له، ولسنا ندري کيف يعارض وهو يصفه تارة بأمله و أخرى بزهرته ناهيك عن التأريخ المعروف للمنتظري بمقارعة الشاه و ماکابده بسبب ذلك.

الغضب الذي بلغ بالخميني أوجه بسبب رفض و إدانة المنتظري للفتوى المجنونة له بإعدام 30 ألفا من السجناء السياسيين من أعضاء و أنصار منظمة مجاهدي خلق ممن کانوا يقضون فترات محکومياتهم لکن وفجأة تغيرت أحکاما بضع سنوات من السجن الى الاعدام و تم تنفيذ الاعدامات في فترة قياسية، ولذلك فقد أعرب المنتظري عن إمتعاضه من ذلك و وصف العملية کلها بإنها”أبشع جريمة في تأريخ الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ تأسيسها”، مٶکد بأن مجاهدي خلق هم مدرسة فکرية و الفکر يواجه بالفکر و ليس بالقتل لأن ذلك سيروجه أکثر. ولعل أعنف رد في الرسالة و الذي حمل تهديدا واضحا بالتلويح بإعدامه قد جاء في مقطع يقول فيه الخميني:” سيكون لي معك تكليف آخر اذا تماديت في أفعالك فانك تعلم اكثر من غيرك بانني لا اتراجع عن تكليفي الشرعي.”، بل إن الانکى من ذلك إن الخميني يغلف غيضه و حنقه على المنتظري في ثلاثة نقاط يزعم بأنها نصائح مقدمة له، وهو أمر مثير للسخرية و الاستهزاء، إذ ومن خلال اسلوب يسعى للتقليل من شأنه و التعرض لشخصيته و وصفه بصفات نابعة من الميول و الاهواء الخاصة، يخاطب الخميني المنتظري وهو يسعى للظهور بدور الناصح فيقول:” اقدم لك بعض النصائح بقلب مفجوع وصدر مشحون بالغيض حيث كنت زهرة عمري ولك ان تفعل بعدها ما تشاء:

اولا – عليك ان تسعى لتغيير بطانة مكتبك وان لا تجعل سهم ( حصة) إمام الزمان تقع في أيدي المنافقين والجناح الليبرالي.

ثانيا- عليك ان لا تتدخل في اية قضية سياسية لانك ساذج وتستثار بسرعة لعل الله يتجاوز تقصيراتك.

ثالثا- لا تراسلني بعد الآن .. ولا تسمح للمنافقين بطرح اسرارالبلاد من خلال حواراتهم مع وسائل الإعلام من خلالك كانت ضربات موجعة للإسلام والثورة وخيانة عظمى بحق جنود الإمام الزمان والدماء الطاهرة لشهدائنا الأبرار…وما عليك الا التوبة والإعتراف بالذنب فإلا فانك ستحترق في قعر الجهنم.”، ولاندري أية نصيحة هذه التي يصف فيها مرجعا له مکانته و تأريخه بالساذج تارة و بالخيانة مرة أخرى و بالطلب منه بالتوبة وإلا سوف يکون مکانه في قعر الجحيم!!

الخميني الذي کانت فترة حکمه هي فترة قمعية و دموية إتسمت بإستخدام العنف و القسوة المفرطين و تنفيذ تصفيات و أوامر بالقتل و العزل و الإقصاء وفق نهج يعتمد على الرغبات و الميول و المزاج، کان يرى في أي معارض لحکمه مشروعا للقتل و التصفية وهو لم يستثني من هذه القاعدة حتى”أمله و زهرة عمره”، إذ کما هو حال أي دکتاتور و طاغية فإن کل من لايتفق معه فهو ضده و من کان ضده فإن دمه مباح، هکذا کان الخميني و على هذا الاساس قد بنى نظامه و إستمر به، أما أولئك الذين يسعون لوصفه بالملاك فهم يعرفون قبل غيرهم کم هم متمادون في الکذب و کم يتجنون على الحقيقة و الواقع! [email protected]