ليس من الصعب في بلد مثل العراق أن يخرجَ من أزماته الحالية بحلولٍ تتناسبُ مع مكانته الحضارية العريقة وخزينه الهائل من الثروات الطبيعية والبشرية . فهذا البلد الذي يملك كلّ مقومات النهوض يستطيعُ باقتدار تام أن يتجاوز الفوضى العارمة وأن يعبرَ الى برّ الأمان . وأوجز أدناه بعض النقاط التي أراها مناسبة للحل الأمثل :
أولا : تكوين كتل سياسية تضمّ نخباً وكفاآت من مختلف أطياف الشعب العراقي – بعيدا عن المُسميات الفئوية والطائفية والعرقية – لها القدرة على رسم خارطة طريق واضحة المعالم وفق رؤى وطنية محضة وبرامج علمية مدروسة . على أن تكون لهذه الكيانات أديولوجية سياسية وفكرية ثابتة مرتبطة بمصلحة البلد وتعزيز دوره الاقليمي والدولي . ولا يسمح اطلاقا لأي عضو من أعضائها الخروج عن روح المواطنة الى أجواء أخرى ملبدة بغيوم الطائفية أو العرقية أو الفئوية الضيقة . ويكون التنافس بينها وفق البرامج الانتخابية التي لابد أن تلتزم بها الكتلة الفائزة .
ثانيا : اعتبار البلد من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه فوق أي اعتبار آخر ، ويكون هذا الأمر شعارا نظريا وعمليا يلزمُ جميعَ الأعضاء على الايمان به وتطبيقه تطبيقا شريفا طاهرا ، ورفض جميع التأثيرات الخارجية السرية والعلنية – مهما كان مصدرها وحجمها – ويكون التعامل مع تلك التأثيرات وفق الاستحقاق الوطني قبل كل شيء في جلسات نقاشية يلجأ اليها الكيان في اجتماعاته الدورية . والذي يكسرُ هذه القاعدة لا وجود ولا مكان له ضمن الكيان ، ويتم تقديمه للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى .
ثالثا : تعديل الدستور العراقي من قبل خبراء أكفاء لهم باعٌ طويل في هذا المجال ، وتخليصه من القنابل الموقوتة والألغام المزروعة في فقراته . ومن ثم عرضه على كبار الأساتذة والعقلاء من ذوي الشأن لمعرفة خلوه من أي خلل أو نقص أو عيب ، وبعدها يصارُ الى التصويت عليه من قبل الشعب للمصادقة عليه .
رابعا : الغاء القوانين التي من شأنها اثارة ردود أفعال عكسية من قبل بعض المواطنين مثل قانون ( المسآالة والعدالة ) واعتماد مبدأ جديد بمحاسبة المسيئين فيما لو صدرت منهم أية اساءة مستقبلا . وجعل الوطن حضنا دافئا لجميع أبنائه بلا تمييز وبلا تهميش وبلا تهديد وبلا وعيد .
خامسا : فسح المجال لأي عراقي – بغض النظر عن انتمائه الطائفي والعرقي – لتسنم أي منصب من المناصب الرئاسية أو المناصب الأخرى طالما أنه يملك المؤهلات الضرورية لمثل هذه المناصب . وتخليص العملية السياسية من توزيع المناصب على هذا الطرف وذاك وفقا لتقسيمات ( بريمر ) الخبيثة .
سادسا : تثقيف المواطنين ثقافة وطنية خالصة من أجل نزع فتيل الأزمات والتناحرات المجتمعية الناتجة عن غياب الوعي الوطني والانزلاق في المنحدرات الدينية و المذهبية ومنحدرات التعنصر القومي التي أحرقت الأخضر مع اليابس بدون تمييز . وجعل العراق الواحد المُوحّد رمزاً للثقافة الجديدة .
سابعا : فرض رقابة صارمة على الأروقة الدينية والعرقية كافة – بمساجدها وجوامعها ودورها الثقافية ونواديها المتنوعة وقنواتها الفضائية وصحفها – ليس من باب تشديد الخناق عليها ، وانما لمنعها من ترويج أي خطاب ديني أو مذهبي أو عرقي يساعدُ ولو بنسبة ضئيلة جدا على تمزيق وحدة الشعب وتعريضه الى التناحر من جديد .
ثامنا : تعزيز الثقة بين المسؤولين وأبناء الشعب عن طريق المكاشفة بكل الأمور ، والايفاء بالوعود ، والابتعاد عن تحقيق المكاسب الشخصية ، وأن يكون المسؤول القدوة الحسنة لمن يأتمرون بأمرته وفق منطق القانون وليس من باب العبودية أو التملق .
تاسعا : أن تكون الواجبات والحقوق لجميع أبناء البلد متساوية ، ويكون ميزان التفاضل بينهم على أساس حجم الوطنية وحجم الانتماء للوطن ومقدار العطاء الذي يقدمه أي فرد للوطن .