22 نوفمبر، 2024 8:23 م
Search
Close this search box.

هذا ما يحدث في السيطرات

هذا ما يحدث في السيطرات

في ليلة ظلماء، قرع رجال الأمن في دولة ما، باب منزل شخص يدعى يوسل فينكلشتاين.
فتح يوسل الباب، صرخ بوجهه رجل الأمن قائلا: هل يعيش يوسل فينكلشتاين هنا؟.
أجاب يوسل: الذي كان يرتدي بيجامة ممزقة بالية يبدو انه التقطها قبل يوم من موقع مخصص للازبال، كلا.
الأمن: تقول كلا، إذن من أنت؟.
يوسل:أنا يوسل فينكلشتاين.
فضربه رجل الأمن بقوة وأطاح به على الأرض.
قال له: الم تقل للتو أنك لا تعيش هنا؟.
فأجاب يوسل: وهل تسمي هذه عيشة ؟!.
صحيح، هل ما نحن فيه عيشة؟ لا تكن مسؤوليتك هي تجاه كيانك فقط، فما هو المكسب؟.
هنا احترمك الآخرون، اعتقدوا أنك رصين جدا وجدير بالاحترام، أنك رجل شريف وعفيف، فهذه المصطلحات لا تغني ولا تسمن من جوع، ولن تجعلك أكثر بصيرة تجاه الحياة وطبيعتها الاجتماعية الهائلة وواجبك المقدس المكلف فيه، الذي يقبض عليه راتبا هو رزقك وأسرتك.
الشرف في العراق؛ وهم منحناه إجازة مفتوحة هذا ما تسمعه من بعض رجال سيطرات الشرطة والجيش.
أنت شريف، والشرف المقصود هو شرف العقيدة والوظيفة والنظرة واليد واللسان، الذي يتحدث به رجال السياسة باسم الحرائر، الفقراء، المهاجرين والمهجرين، المذهب الديني، هذا انتحال صفة الشرف.
لا يوجد شرف عند من لا شرف له، هؤلاء أين من العائلات التي تسكن مدن الصفيح أو تحت انقاظ البيوت المهدمة أو تحت الجسور الخاوية المحدبة مثل ظهور شاغليها؟ . أين الحياة في بيوت الكارتون التي تحرقها الشمس أو تحملها العاصفة أو تطفو على سطح مياه الأنهار والمجاري الثقيلة ؟.
في ثمانينيات القرن الماضي، كنا نسمع عن سيطرة في جنوب العراق، تدعى سيطرة عبد العال، باسم الجندي المكلف فيها بالتفتيش. كان هذا الجندي يؤدي واجبه بانضباط تام، بحيث لا يستطيع أي شخص المرور من سيطرته إلا وقام بتفتيشه وفق الضوابط. لم يتلفظ بكلمة واحدة خارج واجبه المقدس. كل المسافرين المدنيين والعسكريين يعرفونه ويهابونه. حدث مرة في واجبه ان اخترقت سيطرة عبد العال سيارة فيها سكارى، لم تتوقف. فقام بعقاب نفسه بحلاقة شعره صفر والدخول في حجرة البلوك ليسجن نفسه، بعد أن وضع كفه على أسفل وجهه وهز رأسه متأسفا لهذا التصرف الأرعن، لم يقل للسيارة وركابها سوى(انه أخوك).
كونوا مثل عبد العال وليس مثل(عبد نعال)، أيها الحاقدون على الناس في بعض السيطرات، انكم ممثلو الأحزاب التي تلبس رداء الشرف كذبا وتمويها. هؤلاء المواطنين عيال الله سبحانه وموضوع السياسي الوطني ومادة التظاهرات البشرية الصاخبة.
العراق ليس لك وحدك، فكم من ملايين من الناس العراقيين عاشوا قبلك على هذه الأرض؟ إنك حتى لا تعرف أسماءهم، لا فرق سواء عاشوا طويلا أم لا. كان هناك قديسون وسفلة، وكان هناك أشرار، كان هناك أناس محترمون جدا، كما وجد كل أصناف الشاذين والمجانين، لكنهم زالوا جميعا..الى رحمة التاريخ والجغرافيا، حتى لم يبق لهم أي اثر على الأرض.
أنا وأنت نشترك في هذا العراق، حتى الذين ماتوا، لم يأخذ واحد منهم عقلك وصفاتك، بقيت بصحبتنا، هي القيم الحقيقية، الناس الذي يحصلون عليها هم الأحياء، فلا تدمرهم. لا تشتم أعراضهم وشرفهم فوق ما فيها من ركام السياسة، دعهم يمرون ليعيشوا. إذا كنت قادرا وهم غير قادرون، أصلح لهم الحياة، احمي شرفهم، لا تأخذ منهم الرشاوى، ليبارك الله في عملك ورزقك.

أحدث المقالات