23 ديسمبر، 2024 9:46 ص

هذا ما أجاد به العمر بعد الستين (2)

هذا ما أجاد به العمر بعد الستين (2)

القسم الثاني
———-
إنتاج المعرفة عملية تتطلب إمتلاك عقل نقدي تحليلي متحرر وثائر ، وسعي نحو الكمال .. وتحطيم لما يسمى رموز أو مثال أعلى ، وعدم الرهبة من الكلام المكتوب في الكتب والأسماء الرنانة … لابد لمنتج المعرفة والمثقف الحقيقي ان يتخطى هذا ولاينتظر إعتراف الآخرين به ، وينظر الى البشر بروح الأبوة هم من يحتاج حكمته وليس هو من يحتاج تصفيقهم ، وينتج أفكاره الخاصة وفق معايير منطقية وقيم أخلاقية ، وقناعة بنسبية العقل وتعدد أوجه الأشياء ، وغياب الحقيقة المطلقة ، في فيزياء الكم توجد نطرية مفادها : كيف ماتنظر الى الألكترون يتشكل ، وهذه النظرية الخطيرة يمكن تعميمها على الحياة وتنسف مايسمى الحقائق الثابتة ، وربما تعطي للبشرية الأمل بصناعة أقدارهم كيما يشاؤون !
هنا بعض ماجاد به العمر من أفكار .. علما أنا لست مناضلا ولاصاحب قضية كبرى ، فقط عندما أشعر بخاطر أو فكرة أكتبها بشكل عفوي على شكل عبارات قصيرة مكثفة ، وهي قد تصلح مشروع كتاب لن يتحقق في ظل الشعور باللاجدوى والعدم :

***
– ياللسخافة .. منذ الولادة يبدأ الزمن بإفتراسنا وإعدادنا للموت مثل أي خروف يتم تسمينه للذبح !
***
– الحب الكبير .. صادر عن أنانية كبيرة وجدت رغباتها وأحلامها مجسدة في المحبوب !
***
– كنت من أسعد الناس مع أوهامي وأحلامي حتى جاء العقل وهدم كل شيء وأظهر حقيقة تفاهة الحياة وخلوها من المعنى !
***
– الباحثون عن السعادة هم الأغبياء الذين لايدركون تفاهة الحياة ..أما الذين يريدون راحة البال بوصفهم أكبر من الحياة ومافيها فهم الحكماء.
***
– حتى الحب لم يطهر البشر من الأنانية والشر .. بدليل ان المجرمين والحكام الطغاة كانوا يحبون عشيقاتهم ولم يتغيروا !
***
– ليس هناك سعادة حقيقية .. بل يوجد من هو بليد لا يشعر بالمأساة ويُخدع بالأوهام .. ويوجد من هو حساس ذكي مدرك لفجيعة الوجود وغياب المعنى.
***
– الإنسان بحاجة الى قدر كبير من الغباء والإيمان بالأوهام والخوف من أباطيل الأديان كي ينسجم مع هذه الحياة التي لم نخترها ولاتوجد لها غاية عاقلة.
***
– وجود الموت في حياتنا دليل على غياب الغاية العاقلة من الوجود وغياب الرب .. إذ لايمكن ان يقوم الرب العاقل بخلق المخلوقات ثم قتلها.
***
– المجتمعات المتخلفة يبحث أفرادها عن أدوار بطولية حتى لو كانت وهمية من أجل ترميم إنكسارات نرجسية الذات .. لهذا تكثر فيها الأحزاب والأعمال الإنتحارية بإسم المباديء الزائفة وكل شيء ينطلق بدافع شخصي هو الشعور بالنقص !.
***
– أجلس في زاوية قصية من المصطبة غريبا أتلفت بين وجوه حشود العابرين في محطة السفر، تحطمني فكرة ان الإنسان طوال عمره ينتظر موته ، أسمع نحيبي المكتوم مفجوعا بالوجود الذي لاأعرف لماذا انا فيه وماهي الغاية.