تناولنا الافطار الرمضاني سويا وارتشفنا بعد ذلك قدحا من الشاي الساخن بدرجة جعلته
تساويه مع صيفنا اللاهب وقبل ذلك اخبرني برغبته بسماع الدعاء الشهير المعروف عند الجميع بدعاء الافتتاح فما كان مني الا ارضخ لمطلبه والذي كان موافقا لرغبتي ولأنه يحل ضيفا علي وايضا لأنه يكبرني سنا فما احلى رمضان وما ابهى لياليه .
واثناء استماعنا لمضامين الدعاء توقفنا عند فقرة رائعة منه وهي اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهله وتذل بها النفاق واهله …الى اخر الدعاء ..
سألني ضيفي الحاج ابو عبد الله هل تمعنت جيدا بهذه الكلمات بالذات ..استدركت نفسي وقلت له بانني طالما سمعتها في كل شهر يمر علينا من رمضان ..ولكن هذه المرة وهذه اللحظات ربما مغايرة لتك المرات العتيدة .
باغتني بلباقة فقال:
سأختصر عليك الطريق واقول هل نحن فعلا صادقين بهذا الجانب وهل عملنا لتحقيق تلك الرغبة كي نكون في دولة عادلة تليق بالإسلام وهل كانت اعمالنا بذلك المستوى الرفيع لنستحق الفوز بدنيا زاهية قبل الاخرة .؟
وهل هذا الحال ملائم مع هذه الفقرة من الدعاء ام اننا نعيش الازدواجية الفكرية والتزييف للواقع المأساوي والتشرذم الفكري الذي نعيشه منذ سنين فهل ان الله تعالى يتقبل منا ونحن نقدم الإساءة تلو الإساءة لديننا ولأبناء جلدتنا وهل عملنا سيرفع ونحن نعادي ونبغض بعضنا بعضا وهل ان الاعتداء على مقدسات المسلمين يسهم ببناء دولة كريمة للمسلمين انفسهم وهل تغييب عقولنا ومسيرتنا خلف اهل الهوى والجهل واصحاب الفتن وعباد الاموال واتباع الاسماء التي يدعمها الاعلام الفاسد من خلال صفقات مشبوهة واشارات من قادة الاستعمار العالمي هي الطريقة المثلى كي ننعم بنعمة كرامة الاسلام وعزته..
لا ندري كيف نحسب حالنا وباي خانة نضع انفسنا وباي وجه سنتقابل مع رب العزة ونحن بهذا السوء ..لا اريد التنكيل لا اريد الافتراء ولا الإساءة لأنها ليست الغاية بل اريد ان نتخلص من هذه الاساءات والتقلبات المزاجية والتوجه للعقل الذي طالما هجرناه حتى اصبحنا عنه في منفى الاعيب الاوهام والمخادعين فغيرنا السنن وتلاعبنا بالألفاظ كي تنال رضا نفوسنا حتى لو خالفت ضمائرنا فلا يهم مادام غايتي هو معاداة الصواب وارضاء شهوات حيوانية لا تليق بالإنسان السليم
حتى اصبحنا نبجل المجرم ونعادي الشريف ونوقر السارق ونحاسب المسروق واصبح ميزاننا بالمقلوب والحق نراه باطلا والعكس صحيح حتى لو كان ذلك يمس اقدس المقدسات وحتى لو مزق كتاب الله امامنا وحتى لو هدمنا كنيسة او مسجدا ومنزلا فكلها جرائم ولا يمكن السكوت عنها ومن يرتضيها ويمضي عليها ما هو الا منافق وزنديق وللكفر اقرب منه للايمان وتضييع حقوق العباد وممارسة الاساليب القبيحة للضغط عليهم لتغيير معتقدات افكارهم كي تتناغم مع طموحات الاشرار ايضا جريمة وعمل شيطاني فأنّا له ان يرتقي لمستوى القبول عن الله وعند رسوله.
واما الاوطان وبناؤها وصونها من عبث الغزاة والمنتفعين والعمل على الانتصار لها دون الانتصار لمن يتسلق عليها فهذا ايضا له من الجزاء الاوفى والتفاخر بالانتماء اليها والالتصاق بارض العروبة التي هي ارض الاسلام في زمن اصبح تجارة بيع الاوطان هي السائدة وسلعتها هي الرائجة .!
كل ذلك لا يؤهلنا لان نكون ممن قبلت اعمالهم في هذا الشهر الفضيل بل ولا حتى في غيره لان الله تعالى لا يعبد من حيث يعصى ولانخدع انفسنا فنظن انه كان باستطاعتنا مخادعة الله فعندما نسير في الطريق السليم والمسلك الصحيح عند ذالك الوقت سيكون بإمكاننا ان نقدم اعمالنا بين يدي بارئنا وسيكون بإمكان ملائكة الجليل ان ترفع اصوتنا ومطالبنا بالتغيير الصادق لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وانه سبحانه وتعالى مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فقط وفقط ..وانه سبحانه وتعالى يبغض المنافقين والعاصين الذين لايراجعون خطيئاتهم والتي جنت عليهم وعلى مصير بلدهم واولادهم حتى ضاعت حقوقهم جراء موالاة الجهلة والسفلة .
فما كان جوابي لضيفي ابا عبد الله الا ان التزم الصمت وكأني اصبت بعمود من حديد في اعلى رأسي .