لم أجد سبباً وجيهاً واحداً أو مقنعاً لتعامل سلطات الأمن في السيطرات والبعض من المدن العراقية مع
( الأنباريين ) النازحين بعد إن ضاقت عليهم أرض الأنبار العزيزة , فتركوا ديارهم العامرة وخيراتهم الوافرة ليفروا بحياتهم جراء ما أحدث الاحتلال الداعشي .. وعملاء الاحتلال من هم في الحكومة الحالية , من خراب ودمار وفتنة في مدنهم الحزينة حيث قامت ( السلطات الحكومية ) بطردهم , والغريب في الأمر إن هؤلاء أقل عدداً بكثير من الأجانب اقصد هنا (الإيرانيين ) !
في حين تتسابق السيطرات والمعابرعلى التنكيل واهانة العراقيين ( الأنباريين ) وابتكار أنواع المضايقات لهم في الوقت الذي لا يبحث فيه هؤلاء عن عمل أو كسب أو منافسة لأحد بل الاستقرار في منطقة آمنة حسبوها شقيقةً ( مع الأسف ) وهذه المسألة ليست جديدة يرحبون ويصفقون ويرقصون فرحاً لكل من يحمل العملة الصعبة كي ينثرها في شوارع تلك المدن .. سواء كان إسرائيليا أو أوروبيا أو إفريقيا أو حتى من المريخ لكنهم يتفنون في جرح كرامة العراقيين في هذا الظرف العصيب الذي يتطلب مد يد العون من الأشقاء على الأقل .. ونحن في الأنبار لا ننسى أحدا ، من أساء لنا ومن أحسن ألينا ، نحن في الأنبار فتحنا قلوبنا قبل حدودنا للأشقاء الكرد لأكثر من نصف قرن ملأوا ارض الانبار أصبحوا جيراناً للأنباريين في بيوتهم وعملوا في مصانعهم ومعاملهم .. تزوجوا من الانباريين وتزوج العراقيون منهم ، نقول لما تبق من إخوة بيننا وبين الشرفاء في كردستان العراق ، الشرفاء الأشقاء من أبناء الشعب الكردي العظيم والأحزاب المعارضة والمنظمات الإنسانية ، إن ما تقوم به السلطات الأمنية في مدينة كركوك رصاصة الرحمة على علاقة أبدية بين شعبين شقيقين تربطهما علاقات الدين والدم والمصير، والمؤسف أكثر أننا لم نجد أو نسمع صوتاً واحداً أو قلماً شريفاً يندد لما يتعرض له الأنباريون من تضييق الخناق عليهم ومحاولات طردهم وحجزهم في المخيمات بحجج كان من المفروض أن تطبق على الآلاف .. أيها الأخوة في كردستان ، أنها أيام لا يمكن أن ينساها حليم … فرفقاً بإخوانكم وأشقائكم وحزام ظهركم وهم بأمس الحاجة لذراع يضمهم وشفاه تبتسم لهم وقلب يقلل من بلواهم ولماذا هذا الإصرار .. على عدم منح الأنباريين الإقامة من قبل السلطات الأمنية .. يوماً بعد آخر بدأت تتوضح صورة المؤامرة المتقنة على مدن
( الانبار ) وخريطتها السكانية والجغرافية والإقتصادية ومستقبل أسود ينتظر أبناءها إن لم ينتبهوا إلى ما يدور من حولهم من تنفيذ لخطط وضعتها ( دوائر سياسية ) ومنظمات استخباراتية في دول كبرى ودول مجاورة .. وسكان ( الأنبار ) الذين يتجاوز عددهم المليونين ( حسب الإحصاءات المفترضة لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام (2015) وهو أقل من إحصاءات منظمة الأمم المتحدة العاملة الآن في العراق يونامي التي قدرت عدد سكان محافظة الأنبار !
( بمليونين ونصف المليون ) يتوزع أكثر من ثلثي عددهم كنازحين في مناطق خارج المحافظة وبقية السكان ينتشرون بين نازحين في الداخل أو ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرة الإحتلال الداعشي ، ونزوح المدنيين من مناطق القتال ونجاحهم في العبور إلى مناطق آمنة أفضل بكثير من بقائهم في مناطق النزاعات وتعرضهم لمخاطر مؤكدة جراء إستمرار العمليات العسكرية أو وقوعهم تحت طائلة نفوذ الدول والقوى المحتلة كما حدث في الأنبار وتمكن قوات العدو الداعشي من السيطرة على أغلب مدن المحافظة وإخضاع المدنيين العزل فيها إلى أبشع أنواع الإرهاب والقتل والتخريب .. من هنا كان لا بد لمن سنحت الفرصة له بالإبتعاد عن مناطق الإقتتال وإستغلال أول فرصة وتحمل النزوح ومشاقه ومصاعبه وتداعياته وماقد يتراكم لاحقا من تبعات لم يحسب لها حساب .. وفي الأنبار إختلف النازحون في توزيعاتهم المكانية وإستقرارهم وبين التوقيتات التي نزحوا فيها من المحافظة .. فغالبية النازحين خرج من مناطق سكناه في بداية عام ( 2014 ) وحتى الشهر الخامس من عام ( 2015) وهو تأريخ سقوط مدينة الرمادي بيد قوات العدو الداعشي عكس نزوح المواطنين من مناطق أخرى بعد هذا التاريخ إثر دخول الجيش العراقي فيها وتحريرها من براثن الإحتلال ، إذ كان آخرها نزوح أهالي الفلوجة مع بدء عمليات التحرير وحتى تطهير المدينة من إرهابيي داعش .. أما من تبقى من مواطنين في مناطق أخرى كعنه وراوه والقائم وهي آخر المناطق المحتلة من داعش فقليل إذا ما تم قياسها مع نازحي المحافظة منذ ليلة ( 31 – 12 – 2013 ) نازحو الأنبار يتوزعون في جميع مدن العراق بنسب متفاوتة وجزء منهم لجأ إلى دول مجاورة أو دول أخرى بعيدا عن محافظته .. أغلب النازحين توزعوا بين ثلاث مدن هي أربيل فالسليمانية ثم بغداد (إحصاءات موثقة من وزارة الهجرة ) والبقية بنسب أقل في محافظات العراق الأخرى .. والعوائل النازحة تنقسم في تواجدها السكاني في المناطق التي نزحت إليها بين السكن في مخيمات لا يمكن إسكان حتى أسرى الحروب فيها لإفتقادها لأبسط الشروط الإنسانية والصحية والمعيشية ولم تنصب إلا لحالات طارئة لمدة يوم أو يومين عكس ما كان متوقعا وبقاء آلاف العوائل فيها لمدة زادت على سنتين !
أما بقية العوائل النازحة من الموظفين أو من كانت لديه قدرة مالية فسكنوا في دور وشقق وفنادق.. معظم هؤلاء سجل إسمه في قوائم وزارة الهجرة وتم توزيع تلك القوائم إلى منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى والأطراف والجهات والدول التي تدعي مساعدة النازحين وهم الورقة الرابحة والسلعة الثرية لمكاسب لا تحصى .. فدول مجاورة كثيرة ترفع ورقة النازحين للحصول على مساعدات دولية كتركيا والأردن أو موطأ قدم في العراق بحجة تقديم مساعدات كإيران والسعودية والكويت وقطر .. أما في الداخل فقد تحول النازحون إلى سلعة بنسخ ملونة للأحزاب والكتل السياسية المسيطرة على محافظات العراق بعد تصاعد عمليات التحرير وإنتزاع الأراضي المحتلة من براثن العدو الداعشي .. فالنازحون ومعاناتهم وآلامهم وأحزانهم وتضحياتهم تحولوا إلى سلعة رابحة لعملاء ولصوص وخونة .. فبعد نزوحنا من ديارنا تربع آلاف من المهووسين بالسحت الحرام على مناصب ووظائف أتاحت لهم التلاعب بمشاعر النازحين مما يسمى بمنظمات المجتمع المدني ومنظمات كاذبة ومزعومة للأمم المتحدة وعشرات من الشخصيات الدينية والسياسية إستغلت بلا خجل وحياء ظروف النازحين كي تستخدمها كورقة انتخابية في المستقبل القريب أو سرقة أموال من دول معينة وإستقطاع نسبة ضئيلة جدا منها لشراء مواد غذائية لا تكفي ساعات توزع أمام بعض الفضائيات فقط وهي أحد أهم المؤامرات المعيبة والمخزية لسراق ولصوص محترفين بلا رقابة من دولة أو محافظة أو مسؤولين .. ويوما بعد يوم وجراء الفشل الواضح لجميع الجهات ذات العلاقة بالنازحين وتأمين أبسط سبل العيش الكريم لهم فلا بد من الحذر من وجود أطراف وجهات متنفذة ستبقى تقاتل كي يبقى الحال كما هو عليه لأن دموع النازحين تحولت إلى رؤوس أموال وبكاء وأمراض أطفالهم خزائن للصوص ، وهناك من يريد للنازحين البقاء مدة أطول في المناطق التي هجروا إليها كي لا يحرم من مكاسب لم يكن يحلم بها عليه فأمامنا حل واحد لوضع حد للمتلاعبين والمتاجرين بالنازحين ومصيرهم وهو إعادة نازحي المحافظة إلى حدود محافظة الأنبار على الأقل كحل مؤقت وتحويل المخيمات للذين دمرت ديارهم في المساحات المتاحة داخل المدن المحررة والإسراع بدفع التعويضات لمستحقيها فقط والإسراع بنقل الممتلكات التي يمكن الإستفادة منها من المدن التي إستقر فيها النازحون من أموال الحكومة العراقية أو المساعدات الدولية كالكرفانات وآليات ومراكز صحية متنقلة ومخازن ومعامل صغيرة ومولدات كهرباء ومحطات تصفية مياه وعجلات وغيرها من الجهات والأطراف المساندة إلى مدن المحافظة بمشاركة دوائر ومؤسسات المحافظة وبإشراف مسؤوليها وإلا سيبقى الحال على ما هو عليه لعقود مقبلة قد تحول مخيمات النازحين في مناطق العراق إلى معسكرات ومدن للاجئين دائمين تستبدل حتى جوازات سفرهم.. هل هذا رد الجميل للأشقاء الأنباريين ؟.