23 ديسمبر، 2024 10:30 ص

هذا رأي شعب كردستان بشأن الاستقلال

هذا رأي شعب كردستان بشأن الاستقلال

يترقب الجميع بشغف موعد ونتائج الاستفتاء بشأن استقلال إقليم كوردستان عن العراق، الذي دعا اليه رئيس الاقليم مسعود البارزاني في الآونة الاخيرة ، ولكن الذي لم ينتظر نتائج الاستفتاء هم الشريحة المستهدفة من الكورد الذين سيحددون مصير دولتهم التي حلموا بها منذ عقود.
لماذا لا ينتظر الكورد نتائج الاستفتاء بشأن الاستقلال؟! في عام 2003 وبعد الإطاحة بالنظام العراقي السابق مباشرة تم تشكيل حركة من قبل مجموعة من المثقفين والأكاديميين الكورد أطلق عليها “حركة الاستفتاء في كوردستان” وتم تشكيل وفد من الحركة في كانون الاول من ديسمبر عام 2004 وسلموا الامم المتحدة عريضة تحمل توقيع أكثر من 1.7 مليون مواطن عراقي كوردي يطالبون بإجراء استفتاء حول استقلال اقليم كوردستان عن العراق واعلان دولة كوردستان المستقلة، وحظيت بدعم الاحزاب السياسية الكوردستانية، وخاصة الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكوردستاني برئاسة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكوردستاني برئاسة جلال الطالباني، حركة التغيير لم تكن موجودة آنذاك، في مسعى منهم لاجراء الاستفتاء بشأن الاستقلال بالتزامن مع الانتخابات العامة لسنة 2005 وهو ما حصل فعلا لكن ليس بشكل رسمي بسبب عدم أخذ الموضوع على محمل الجد من قبل الامم المتحدة خاصة وان التوقيت لم يكن صحيحاً بسبب ذروة الحرب الامريكية على العراق، حيث العالم كان منشغلاً بها، إذ اقامت حركة الاستفتاء في كوردستان بإنشاء خيم صغيرة داخلها صناديق اقتراع للتصويت على الاستفتاء خارج محطات التصويت الرسمية بموافقة حكومة الاقليم والسؤال المطروح كان في ورقة الاستفتاء هل تريد بقاء كوردستان ضمن الدولة العراقية؟ ام تريد كوردستان مستقلة؟ وكانت نتيجة الاستفتاء غير الرسمي تأييد أكثر من 90% من الناخبين للاستقلال.

حيث تستند حركة الاستفتاء في كوردستان بحق تقرير المصير كما ورد في ميثاق الأمم المتحدة عام 1948 معتبرين ان كوردستان تم إلحاقها قسراً بالدولة العراقية عام 1924، وبعد انهيار الدولة العراقية فإنه يحق للشعب الكوردي ان يقرر مصيره كما حصل بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وهذا الاجراء الذي مضى عليه أكثر من 11 عاما يؤكد ان الشعب الكوردي يمتلك الرغبة التامة بالاستقلال عن العراق ولم يكن الاستفتاء المرتقب مختلفة نتائجه عن الاستفتاء السابق، بل ترى مراكز الابحاث القريبة من كوردستان ان النتائج ستكون ساحقة لصالح الاستقلال خاصة بعد المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها حكومة كوردستان مع حكومة بغداد المركزية ومن أبرز المشاكل بين حكومة بغداد وكوردستان هي حصة الاقليم من الموازنة العامة للعراق والبالغة 17% والتي لم تسلمها الحكومة المركزية الى كوردستان بسبب قيام الاقليم بتصدير النفط دون الرجوع الى حكومة بغداد وهذا ما تسبب بتصدع كبير داخل الشارع الكوردي والتظاهرات اصبحت حديث الشارع في الاقليم اضافة الى اضراب للمدرسين والمعلمين في المدارس والاطباء في المستشفيات، فالوضع لم يعد يطاق بالنسبة للمواطن الكوردي، جميع هذه المشاكل الداخلية خاصة وان قوات البيشمركة الكوردية تخوض حرب استنزاف مع تنظيم داعش في كركوك وعلى مشارف مدينة الموصل بالإضافة الى نزوح حوالي مليونين عربي من المحافظات الساخنة الى أراضي كوردستان في حين سبقهم أكثر من 500 الف كوردي سوري نزحوا من سوريا الى كوردستان وهذا ما ترتب على الاقليم أعباء اقتصادية إضافية لم تكن في الحسبان، إذ أصبحت هذه العوامل كافية بالنسبة للكرد، بل ان هناك 63 دولة في العالم تدعم توجهات القيادة الكردية بالاستقلال من العراق.

كوردستان لم تستقل عن العراق بشرط حل المشاكل الاقتصادية بينها وبين بغداد وهذا سيبعد خيار الاقليم بالتفكير في الاستقلال عن العراق، لكن الحل يكمن بتوفير كافة احتياجات الاقليم من أمول لتغطية رواتب الموظفين وامداد قوات البيشمركة الكردية بالذخيرة العسكرية الكافية لمواجهة تنظيم داعش وتوفير الرواتب بأثر رجعي لجميع الاجهزة الامنية الكردية، وهذا مالا تمتلكه الحكومة العراقية في الوقت الحالي، بسبب انخفاض اسعار النفط الذي يشكل عصب الموارد المالية للحكومة العراقية، في الوقت الذي تعاني ميزانية العراق من عجز مالي حاد يصل الى 27 مليار دولار لعام 2016.

ويجب الأخذ بالإعتبار تصريح الرئيس العراقي فؤاد معصوم، وهو احد ابرز القيادات التاريخية الكوردية أنه “ليس هناك مشروع متفق عليه بين الكورد انفسهم في إعلان استقلال كوردستان بسبب وجود مشاكل كثيرة، بالرغم من وجود اجماع كوردي على فكرة الاستقلال، الا أن هناك خلافات سياسية عميقة بين الاحزاب الحاكمة للإقليم حول تقاسم السلطة”، وهذا يدل ان جميع الاحزاب والحركات الكوردية لا يمكن لهم معارضة فكرة الاستقلال بشكل واضح وصريح ومن يتجرأ سيحكم على مستقبله السياسي بالفشل، خاصة ان مشروع الاستقلال يمثل رغبة حقيقية للشعب الكوردي، لكن يجب على من يحقق هذه الرغبة السير وفق حسابات دقيقة تضمن النجاح، وليس السير وراء العواطف التي من الممكن تؤدي الى موت المشروع قبل ولادته.