لقد نجا إياد علاوي من هاوية النسيان. وفي الحقيقة ان حضوره الانتخابي تعرض إلى سوء تقدير من قبل المراقبين.
ربما، كان زعيم “الوطنية” نفسه، يشاطر رأي أولئك الذين قالوا له: لقد خرجت من المشهد.
لكن ليس عليه، اليوم، أن يفرط في “مشاعر انتقامية من منتقديه”، بل عليه أن يعرف أن ناخبي الـ20 مقعداً لا يزالون يثقون به، حتى مع أنه لم يفعل شيئاً لمنحهم ثقة يستحقها “مرشح مؤهل للفوز”.
الأصوات التي حازها علاوي، وبقية مرشحي قائمته الفائزين، حملٌ ثقيلٌ عليه وعليهم. وهي مناسبةٌ جديّة ليرسم لتياره السياسي تقاليدَ جديدة.
ليتذكر “رئيس الوزراء الأسبق”، كيف فوّت على نفسه، في ما مضى، فرصاً ذهبية ليكون صاحب التأثير الفعلي في مسارات العملية السياسية.
فرّط، أولاً، بجبهة رفعت شعار “المدنية” فأطاح به، ثم سلمها على طبق من ذهب، للاعبين إسلاميين سنة، كانوا شركاء فعليين لنظرائهم الشيعة في ترسيخ نظام المحاصصة، ولاحقاً تحول إلى “شبحٍ” يُطل بلا تأثير على المشهد السياسي المضطرب.
على علاوي، اليوم، أن يدرك رسالة نتائج الانتخابات بالنسبة إليه حصراً: ناخبو “الوطنية” يمنحونك فرصة أن تعيد هيكلة دورك السياسي.
أخيراً، قالت ميسون الدملوجي، المتحدثة باسم الكتلة “الوطنية”، إن علاوي لم يتحالف (حتى الآن) مع أسامة النجيفي، الذي يكافح لإبعاد نوري المالكي عن رأس السلطة، وفي الوقت نفسه يواصل رفضه لمشروع “الولاية الثالثة”.
مع افتراض أن الدملوجي تعبر عن موقف استراتيجي لقائمتها، دون أن يكون جزءاً من “مناورات اللحظة”، فإن علاوي ربما ينجح في تجاوز وضعه السياسي الحرج.
علاوي يحتاج، الآن، إلى أن يكون زعيماً للمعارضة. عليه أن يهاجر سياقات المالكي والنجيفي وبارزاني، تلك السياقات المتشابهة في الجوهر، المختلفة المتضادة في الشكل والأسلوب.
إنه الوقت المناسب ليكون علاوي زعيماً سياسياً يقود “المعارضة” السياسية، للمرة الأولى بعد العام 2003.
ليس مطلوباً من علاوي وقائمته، في هذا التوقيت أن يكون جزءاً من صفقة تشكيل الحكومة، ولا حتى ضمن طيف المعارضين السياسيين الذين فشلوا في الحصول على أسهم نفوذ منها.
انها الفرصة التاريخية المتاحة، ليحصل ناخبوا “الوطنية” على مبتغاهم، في جبهة سياسية معارضة للوضع القائم بكل تناقضاته.
لكن كيف يقوم علاوي بذلك؟ في الأقل عليه أن يفكر جدياً ببناء مؤسسته كجبهة معارضة لها تقاليد راسخة وأدوات سياسية واجتماعية وثقافية ناجعة.
أخيراً، لا يمكن أن يرد علاوي على ناخبيه “الشجعان”، بأن يخيب آملهم من جديد، وهم جمهور الـ “لا” في العراق الذين يقترحون منصباً رفيعا له، لم يشغله أحد من قبل: رئيس مؤسسة المعارضة البرلمانية.
فهل سيتركهم من جديد؟