بنو العباس، سرقوا الثورة من العلويين، واستلموا الملك بشعار”طلب الرضا من آل محمد”، وهم من قتلوا آل محمد”صلوات الله تعالى عليهم”،وكثيرة هي الشعارات البراقة، التي ينادي بها المشبوهين والفاسدين، كما هو الآن حاصل في العراق، والمنادات في الاصلاحات!
هناك عدة أسباب، جعلت من هارون السفيه، ان يلقي القبض على الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، ويوعه السجن، وعدها بعض المؤرخين ثمانية أسباب، منها:(سمو شخصية الإمام، وحقد هارون، وبغضه للعلويين، والوشاية به، واحتجاج الإمام لأحقيته بالخلافة، وصلابة موقفه تجاه هارون…الخ).
أصدر أوامره هارون السفيه، بالقاء القبض على الإمام، وألقت الشرطة عليه القبض وهو قائم يصلي لربه عند رأس جده النبي”ص”،فقطعوا عليه صلاته ولم يمهلوه من اتمامها فحمل من ذلك المكان الشريف، وقيد وهو يذرف الدموع، ويوجه شكواه الى جده الرسول”ص”قائلاً:(اليك أشكوا يارسول الله)، وسير الإمام”ع”معتقلا الى البصرة.
بعد محن وآلام وهموم احاطت بالإمام”ع”، حمل من البصرة الى بغداد، وحبس عند الفضل بن الربيع، ثم نقل الى سجن الفضل بن يحيى، وكلا الفضلين لم يستجيبا لهارون، حين أوعز لهما بقتل الإمام”ع” لما رأوه من كرمات الامام”ع”وانقطاعه الى الله، فخافوا على نعمتهم من الزوال ان تعرضوا له بمكروه.
لم يجد هارون”لعنة الله عليه، من ينفذ له رغباته، سوى الشرير السندي بن شاهك، الوغد الأثيم الذي لا يؤمن بالله والاخرة، فنقله الى سجنه وأمره بالتضييق عليه، وان يقيده بثلاثين رطلا من الحديد، ويقفل الباب في وجهه، ولا يدعه يخرج إلا للوضوء، فأستجاب السندي لذلك.
مشهور المؤرخون، ان الرشيد عمد الى رطب فوضع فيه سماً فاتكاً وأمر السندي أن يقدمه الى الإمام، ويحتم عليه ان يتناول منه، فقدمه للامام”ع”، فأكل منه عشر رطبات، فقال له الجندي:”زد على ذلك”، فرمقه الامام وقال له:(حسبك، قد بلغت ما تحتاج اليه).
لما تناول الامام عليه السلام، تلك الرطبات المسمومة تسمم بدنه، وأخذ يعاني آلاما مبرحة، واوجاعا قاسية، وأحاط به الأسى والحزن، وأسمعه الخبيث السندي، أخشن الكلام وأغلظه، ومنع عنه جميع الاسعافات ليعجل له نهايته، وعانى الامام العظيم ما لم يعانه أي أنسان، فعلى هارون والسندي لعنة اللاعنين، ولهما الخزي والعذاب الأليم!
ألقي الامام عليه السلام على جسر الرصافة، وهو ميت ينظر اليه القريب والبعيد، وتتفرج عليه المارة، قاصدين بذلك انتهاك حرمته والحط من كرامته، والتشهير به، لقد حاول هارون السفيه، إذلال الشيعة واهانتهم، وقد اثر ذلك في نفوسهم اي تأثير، فظلوا يذكرونه في جميع مراحل تاريخهم مقرونأ باللوعة والحزن، لقد ملئ هارون قلوب الشيعة بالحقد والحنق، وتركهم يرددون ذلك الاعتداء الصارخ على كرامة إمامهم، صلوات الله تعالى عليه.
المصدر: حياة الامام موسى بن جعفر، للشيخ باقر شريف القرشي”طاب ثراه”.