اوشك العام الدراسي على الانتهاء، خرج طلابي من الصف و جلست ارتب اوراقي و ارزم حقيبتي و في احد زوايا القاعة كان احد طلبة الماجستير ينتظر دوره ليُناقش معي فصلا كَتبَه، كنت فرحا لان جميع طلاب المرحلة الرابعة نجحوا في مادتي وانا كالفلاح يفرح بمحصوله و الطلبة هم اولادي و بناتي كما اعتدت على تسميتهم او مخاطبتهم واذا بشخص يدخل القاعة دون استئذان و كأنه شقي من اشقياء بغداد القديمة قائلا بصوت مرتفع (ألا تستحون انت و سـ… تريدون ترسبوني؟!) (والله اني اعرف شلون اخذ حقي منكم) جلست مذهولا صامتا من هول الصدمة قبل ان اجيبه (هل انت طالب؟ هل انت عراقي؟ هل انت عربي؟ هل انت مسلم؟) لقد خرقت كل هذه الأُطُر و لم تبقِ شيئا ثم لم هذا الصوت المرتفع و انا يا ولدي حتى هذه اللحظة لا زلت هادئا و اخاطبك بولدي) و اذا به يثور كالثور الهائج مرة اخرى (شوف هذا هدوءك و اسلوبك ما يعبر عليَّ) فقلت له ان اخرج من القاعة فقال (لا اخرج) فخرجت انا و طالب الماجستير و اسرعت بتبليغ رئيسة القسم الذي اعمل فيه و اسرعت بكتابة تقرير عن الاساءة.
بعد كل هذا الهجوم على شخصي و شخص استاذ جليل اخر و اذا بالاجابات من رئيسة القسم (تقبل ينفصل) (تكدر تنام الليل اذا انفصل) اما اجابة استاذ اخر (يمعود هذا مسكين ساكن جوة الجسر) (فقير تعبان حتى بيت ماعنده) فكانت اجابتي ان هذا اعتداء على موظف اثناء الخدمة و فيه سب و قذف يحاقب عليه القانون لمدة لا تقل عن …
قدمت المذكرة و قدم زميلي المُعتدى عليه في الاسبوع الماضي مذكرته الى السيد العميد لكي تُتَخذ الاجراءات القانونية بحقه لينال جزاءه عن الاعتداء على استاذين جليلين اثناء الواجب. و جلست مصعوقا مدهوشا مشلولا قائلا كيف تجرء هذا (الطالب) على ذلك و يبدو انه قد خطط لذلك و لو كان طلاب المرحلة الرابعة موجودين في القاعة ساعتها لَحدث ما لا يحمد عقباه لكنه خطط لذلك بترتيب مع من يُسمون انفسهم (اساتذة).
و انتظرت العقوبة التي ستصدر بحقه واذا بها فصل الطالب من الكلية (اسبوعا) و في ايام العطلة أي ان الفصل في العطلة لا يقدم ولا يؤخر و كم هو ضعيف و واهن و خائف و غير اداري من اتخذ هذا القرار و لم ينصف استاذين وُجهت لهما الاساءة و هوجما من قبل شقي من اشقياء هذا الزمان والى اين تسير الادارة في كلية التربية / ابن رشد. أليس هذا هدم للاوطان أليس هذا تفريغ للجامعات من الاساتذة أليس هذا تأليب للطالب الغبي ضد اساتذته.
و الادهى و الامر و الذي لم ارهُ في حياتي العلمية البالغة 37 عاما أنني أٌنقل الى قسم اخر بعيد كل البعد عن تخصصي و فيه ثلاثة اساتذة في تخصصي اي اني سأكون فائضا في قسم فيه سبعة شُعب فقط و يضم اكثر من 64 استاذا يومها اي في حزيران 2015 م فكيف يكون هدم الاوطان و خيانتها.
لم استطع تحمل هذا الهدم لذا اضطررت على احالة نفسي على التقاعد فأثلجت بذلك قلوب قادة الكلية و السائرين بها الى ….. لكنني تركت قلبي مع طلابي و صفحتي بيضاء فقد بدأت حياتي التدريسية بكتاب شكر و تقدير و كتب شكر كثيرة اثناء مسيرتي و انتهت بكتاب شكر و تقدير من رئيس الجامعة المحترم فهل نال ذلك قادة الكلية و الذين اخاطبهم بلسان حال الشاعر الشعبي:المستنقع نشف ظل بيه قليل المايبعد طكت شمس و ايبين المستورو ايبين الفعل و الما وكع و الطاحو ايبين النصب و الجار و المجرورو اتلكه الفرح ملكه الطفل للعيدو افور دلتي بكد ما دليلي يفور [email protected]