23 ديسمبر، 2024 4:55 ص

هددت روسيا بنشر صواريخ

هددت روسيا بنشر صواريخ

هددت روسيا بنشر صواريخ اسكندر على أبواب أوربا … الأوربي، لضرب منشآت الدفاع الصاروخية التي تنوي الولايات المتحدة نشرها في شرق اوربا، كما اعلنت روسيا عن سلاحها النووي «خليفة الشيطان» القادر على محو ولاية تكساس الامريكية ردا على تعزيزات الناتو في اوربا و لاسيما اوربا الشرقية ، كذلك لا ننسى تهديدات الرئيس فلاديمير بوتين بتوجيه صواريخ روسية إلى أوربا إذا ما مضت الولايات المتحدة في خططها لبناء درع صاروخي في القارة الأوربية وامداد اوكرانيا بالاسلحة الستراتيجية ، في لغة حازمة استحضرت مفردات الحرب الباردة سجل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سجل تحفظه على المساعي الأمريكية لنشر درع صاروخي في بولندا وتشيكيا تصعيد يضع الاتفاقيات الثنائية لمنع انتشار الأسلحة في مهب خلاف لم تنجح كل المحادثات و الحجج في إيجاد حل بشأنه حتى الآن
من كنيدي الى ترامب
ولمتابعي الشأن السياسي والتاريخي ، نعيد للذاكرة انه في العام 1962 تأزمت العلاقة بين القوتين في ظل مايعرف بأزمة الكاريبي او أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 والتي تعد من أكثر الحوادث أهمية في ظل الحرب الباردة حيث كان العالم على وشك وقوع حرب عالمية ثالثة . و بدأت الأزمة في بداية تشرين الأول عام 1962حين اكتشفت طائرة استطلاع أمريكية في كوبا الصواريخ متوسطة المدى السوفيتية الصنع من طراز «أر-12» و»أر-14». وعلى اثر ذلك الاكتشاف و بالتحديد في 22 تشرين الأول من العام نفسه توجه الرئيس الأمريكي الأسبق جون كنيدي في كلمة وجهها إلى الشعب الأمريكي ، أعلن فيها وجود السلاح الهجومي السوفيتي في كوبا ، و قامت الولايات المتحدة على اثر ذلك بفرض الحصار على كوبا عقوبة على التصرف الذي قامت به كوبا تجاه الولايات المتحدة الأمريكية ، وعلى الرغم من أن الجانبين وجدا حلاً وسطاً وافق الاتحاد السوفيتي بموجبه على سحب الصواريخ من كوبا مقابل سحب الصواريخ الأمريكية من تركيا ، فقد بينت هذه الأزمة التي استمرت قرابة 38 يوما ، مستوى العلاقات و مدى إمكانية إقامة حرب عالمية جديدة و غدا انفراج الأزمة الدولية بين القوتين غير محسوم في تاريخ الحرب الباردة ، هذا ما أدى إلى تصاعد خيارات إقامة الحرب اقرب إلى فرصة إقامة السلم و الأمن الدوليين وفقا لميثاق الأمم المتحدة (1945) الذي كانت القوتان طرفين أساسين في تشريعه والتوقيع عليه.
في المدّة التي أعقبت نهاية الحرب الباردة اتجهت السياسة الأمريكية نحو عقد المعاهدات الدولية (الثنائية) بينها و بين روسيا الاتحادية و التي تهدف إلى التخفيف من الأسلحة النووية و التخلص من تركة الحرب الباردة و الاطمئنان على كميات الأسلحة الموجودة لدى الروس و قد عقدت أولى هذه المعاهدات و هي معاهدة ستارت الاولى و يطلق عليها «معاهدة خفض و تحديد الأسلحة الهجومية للولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفيتي» عام 1991 و التي وقعت بين الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب من جهة و بين الرئيس السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف من جهة أخرى. أسهمت قضية الدرع الصاروخي الأمريكي في تعزيز التوترات بين الطرفين الروسي و الأمريكي من خلال التعزيز الأمريكي لموقفها في المنطقة لاسيما بعد موافقة بولندا على نصب الدرع الصاروخي لديها بحلول عامي 2011-2012 و هذا العمل جزء من الستراتيجة الأمريكية في المناطق السوفيتية السابقة، فلقد اتجهت السياسة الأمريكية في بعض الأحيان إلى أتباع سياسة تفضيلية من خلال التقارب الأمريكي مع بعض الدول الاشتراكية و التي كانت تقع ضمن دولة الاتحاد السوفيتي (السابق) و تحسين علاقاتها معها و تشجيعها على القيام بإصلاحات جديدة كالانتخابات الحرة ، و إقامة المؤسسات الدستورية ، و تعزيز البنية التحتية ، و نشر الديمقراطية وفق ( المنظور الغربي الأمريكي)
في نيسان من العام 2010 وقعت الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا الاتحادية اتفاقية ستارت الجديدة وقعها بالأحرف الأولى كل من الرئيس الأمريكي اوباما و الرئيس الروسي مدفيديف . و تأتي هذه المعاهدة لتضع حلا ضمنيا لعدم خوض الحرب و بالتالي فهي احد دلائل عودة الحرب الباردة مرة أخرى بين الطرفين لأنهما يدركان اهمية الثقل الستراتيجي لمخزوناتهما النووية و مدى كفاءته و بالتالي وجد الطرفان أن توقيع المعاهدة سوف يساعد على التقليل من فرص التوتر ، كما كان الحال فترة الحرب الباردة و التي شهدت اتفاقيات جماعية أو ثنائية بين الأطراف التي حاولت التقليل من فرص إقامة الحروب بين الإطراف التي وقعت على ميثاق الأمم المتحدة و أصبحت عضوا في منظمة تقوم على السلم و الأمن الدوليين لذلك و من ناحية قانونية سوف نسلط الضوء على تعريف هذه الاتفاقية و طبيعتها القانونية .
تدعى المعاهدة الجديدة رسميا بمعاهدة «التقليص وتقييد الأسلحة الستراتيجية الهجومية بين الولايات المتحدة و روسيا الاتحادية». وقد تم وضعها بناء على البيانات الروسية الأمريكية المشتركة و الوثائق الخاصة بتقليص الأسلحة الستراتيجية الهجومية التي جاءت محصلة للمحادثات بين الرئيسين الروسي والأمريكي في 1 ابريل/نيسان عام 2009 في لندن وفي 6 تموز عام 2009 في موسكو ، و وقع الرئيسان الأمريكي و الروسي على المعاهدة بالأحرف الأولى في براغ بعد مفاوضات شاقة استمرت أشهرا طويلة في جنيف ، و يقصد بالتوقيع بالأحرف الأولى أن المعاهدة أصبحت نهائية بعد ان يتمكن تحقيق شرط نفاذها وهو العودة إلى السلطة التشريعية إلى كل من الدولتين الامريكة و الروسية و بالتالي فإن عودة الرئيس الأمريكي إلى الكونغرس و عودة الرئيس الروسي إلى مجلس الدوما من اجل التصديق على هذه المعاهدة من اجل نفاذها و تنفيذها و تحقق أثارها القانونية . إن هذه المعاهدة عبارة عن مجموعة من الوثائق ذات الطابع القانوني وفق أحكام القانون الدولي تضم ما يزيد عن 160 صفحة تحتوي على المعاهدة نفسها بموادها و البروتوكول الذي يحدد طريقة تنفيذها ، و كذلك الملحقات بالبروتوكول . و يعدّ البروتوكول و الملحقات جزءا لا يتجزأ من المعاهدة لا يقل أهمية عن المعاهدة من حيث صفته القانونية . و تقضي أحكام المعاهدة بأن يقلص الجانبان أسلحتهما الستراتيجية الهجومية .
ونطرح هنا تساؤلين : ما مدى إمكانية أن يقود التصعيد الحالي إلى عودة الحرب الباردة ومَن يتحمل المسؤولية عن تأزيم الموقف؟ و كيف سينعكس هذا التجاذب بين روسيا و الولايات المتحدة على خريطة العلاقات الدولية ؟ صحيح ان هذه الصواريخ لم تصب أحدا بعد لكنها خلفت أزمة ثقة عميقة بين روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية ، نظام دفاع صاروخي تعتزم الولايات المتحدة تركيزه في دول من أوربا الشرقية تقول إن الهدف منه هو التصدي لخطر صاروخي محتمل مصدرها هو دول تصفها واشنطن بالمارقة قد يتهدد القارة الأوربية يوما ما ، موسكو و على لسان الرئيس فلاديمير بوتين عدّت الخطوة ميلادا ثانيا لسباق التسلح في حين هونت واشنطن من الأمر مؤكدة أن نشر عشرة صواريخ اعتراضية في بولندا و تركيز منظومة رادارات إنذار مبكر في تشيكيا لن يمس في شيء من القدرات العسكرية الروسية ، هذه واحدة من زيارات عدة أداها مسؤولون أمريكيون إلى موسكو محاولين التهدئة من روع الروسي الذي سبق انه امتعض من اليد الأمريكية التي تلعب في حدائقه الخلفية ثورة في أوكرانيا و أخرى في جورجيا و قلاقل هنا و هناك جعلت بوتين فيما يبدو يوسع واشنطن نقدا لاذعا سواء بغرقها في الوحل العراقي أم لاتهامها بانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان أم لتابعات الأحادية القطرية التي أعقبت سقوط المعسكر الشيوعي ، لابد من رد ما هكذا تفكر موسكو التي لوحت بتحريك ترسانتها الصاروخية من أجل إعادة التوازن الأمني إلى القارة العجوز توتر ألهب في تقدير البعض الحرب الباردة مجددا لاسيما مع الرفض الروسي لعروض أمريكية بتقاسم منافع الدرع الصاروخي المثير للجدل و ظهور بوادر عودة الجاسوسية على الصعيد الدولي لكل ما يجري فوق و تحت حساباته الخاصة فالأمريكان يريدون على ما يظهر استباق أي تطور دراماتيكي في القدرات العسكرية الإيرانية و الإعداد لأي مواجهة محتملة مع طهران بينما يحتفظ الروس بعلاقة متطورة مع إيران و يعارضون أي عمل عسكري ضدها رافضين الاكتفاء بموقع المتفرج لا مكان فيه للغافلين . و يبدو أنه من الواضح أن ما يزعج الرئيس بوتين و مسؤولية العسكريين هو هذا التراكم في السياسات التي يتبعها الغرب منذ سقوط الاتحاد السوفيتي ، و لا أعتقد أن هناك قلقا في الولايات المتحدة انه بطريقة ما يمكن لروسيا و الصين أن يتوحدا ضدها من الواضح أن هذه المنظومة الصاروخية لا تشكل أي تحدٍ أو خطر للنظام أو القدرات الدفاعية الروسية و لكن كوننا قد نقلنا الناتو شرقا إلى الحدود الروسية بعد أن وعدنا في عام 1990 بأننا لن نفعل ذلك أعتقد هذا يعني أنه حصلت سلسلة حوادث و أن الرئيس بوتين أيضا يشعر بالقلق ليس من قدرات هذه المنظومة الصاروخية بل قلق من طريقة تطورها في المستقبل و آنذاك ستشكل خطرا و تحديا للقدرات الدفاعية الروسية بصراحة أنا أعتقد أن الأمر ببساطة لا يستحق الأمر سواء كان سياسيا أم ماليا للولايات المتحدة أن تنشر منظومة صاروخية غير مجربة بأوربا في المستقبل القريب.
الأطماع الجديدة وأزمة الطاقة
ملف أزمة جديدة تفتحه روسيا مع الغرب، بإعاقتها مشروع لمد كبلات كهرباء عبر بحر البلطيق بين ليتوانيا و السويد يهدف إلى الحد من اعتماد دول البلطيق الثلاث (ليتوانيا و لاتفيا و إستونيا ) على الطاقة من روسيا، و هو ما يراه الخبراء مبررا للسلوك الروســـــي ، لا سيما أن المشروع يهدف إلى الحد من اعتماد دول البلطيق على الطاقة الروسية ـ و من المعروف ان دول البلطيق رغم انضمامها إلى الاتحـاد الأوربي في تسعــينات القــــرن الماضي – ما زالت شبكاتها الكهربائية مرتبطة بروسيا حتى اليوم ، و قد تزايدت مخاوفها أكثر بعد أزمة الغاز بين موسكو و كييف و قطع غازبروم إمدادات الغاز عن أوكرانيا ، الحقيقة هناك مشاكل سياسية موجودة ما بين روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية ، و ما بين روسيا و أوربا من جانب اخر ، هذه المشاكل هي طبعا أوسع بكثير من قضية المنظومة المضادة للصواريخ لكن تشمل كذلك قضية الطاقة و النوايا الأوربية و النوايا الروسية في مسألة الطاقة هي يعني معاكسة بشكل قطبي ، إذا الدول الأوربية تريد أن تشارك في استخراج البترول و الغاز في روسيا .