18 نوفمبر، 2024 3:24 م
Search
Close this search box.

هجوم سيناء التكفيري

هجوم سيناء التكفيري

لا زالت اصداء الهجوم الأرهابي الأخير على الجيش المصري في سيناء , تحتلّ مساحاتٍ واسعة على المستويين العربي والدولي , سواءً في مجال الأعلان عن تضامن العديد من زعماء وقادة الدول , او في عموم وسائل الإعلام , ورغم اهمية ذلك واهمية موقع مصر في العالم , لكنّ ذلك لا يشكّل اعتباراً ما في الوضع الأمني المصري في سيناء , والذي تستمر عبره العمليات الأرهابية بين احايينٍ واخريات , منذ حقبة الرئيس الراحل حسني مبارك , وكانت مثل هذه العمليات تقع خارج سيناء اوداخل المدن المصرية الكبرى ايضاً .

العملية الأخيرة التي استهدفت محطة صغيرة لرفع المياه , والتي قُتِلَ فيها عشرة جنود مصريين مع ضابط وخمسة مصابين آخرين , تفتح او تُفجّر من أمامها ومن خلفها رزمة تساؤلاتٍ تكتنفها الضبابية وسطَ حقلِ الغامٍ من علائم الإبهام .! , فإذا تجاوزنا هنا ” مؤقتاً ” عن سبب توقيت هذا الأستهداف لمحطة المياه تلك وقتل وجرح الجنود المصريين , وهو سببٌ ليس له من مسوّغٍ سياسي , فلابدّ من اعادة التعمّق في النظرة ” جغرافياً ” الى خارطة صحراء سيناء , حيث محاطة من كلّ جهاتها بالمياه < البحر المتوسط غرباً , البحر الأحمر جنوباً , خليج العقبة شرقاً , وقناة السويس جنوب غرب , عدا شمال سيناء المحاذية لحدود اسرائيل ” او فلسطين ” , وبقدر تعلّق الأمر بالجانب الإسرائيلي فهنالك معاهدة كامب ديفيد التي تربط بين مصر واسرائيل منذ زمن الرئيس السابق انور السادات, وبما تتضمّنه تلك المعاهدة من بنودٍ وفقراتٍ ملزمة لكلا الجانبين , لكن الأسوأ في هذه المعاهدة هو القبول السريع وخضوع السادات لطلب كيسنجر ” آنذاك قبل التوقيع النهائي على المعاهدة ” بإبقاء وتواجد 30 دبابة مصرية فقط في كل صحراء سيناء < وقد اثار ذلك دهشة واستغراب كيسنجر لموافقة السادات , وطارَ على أثرها الى تل ابيب ليزفّ هذه البشرى .! التي فاجأت القادة الصهاينة وكأنها صاعقة .!

بعد اغتيال السادات في عام 1980 أي بعد سنتين من ابرام المعاهدة , وبعد شوطٍ من المفاوضات بين مصر – مبارك واسرائيل لإستكمال انسحاب الأخيرة من الجزء المتبقي المحتل من سيناء , ثُمّ وفي منتصف حقبة تسعينيات القرن الماضي بدأت العمليات التفجيرية – الإرهابية لتكفيريين مصريين داخل وخارج سيناء ووصلت الى القاهرة ايضا – رغم محدوديتها – لكنها شكّلت خطراً ملحوظاً على الأمن المصري واجهزته , واضطرّت تل ابيب إثر ذلك على الموافقة على دخول آليّات ومدرعات عسكرية مصرية الى سيناء ” بأستثناء المدفعية والدبابات او ايّ اسلحةٍ ثقيلة اخرى ” , لكنّ العمليات الأرهابية لم تتوقّف رغم ذلك , ويشار بهذا الصدد أنّ داعش لم يجرِ إنجابها بعد في تلك الفترة , رغم أنها اعلنت مسؤوليتها عن تنفيذ العملية الأخيرة في ساعةٍ متأخرة من ليلة امس , وداعش لها ما لها من تسمياتٍ والقاب .!

العنصر الستراتيجي في استمرار العمليات المتقطّعة ” وربما الممنهجة والمبرمجة ” لتكفيريي وارهابيي مصر , فإنما يكمن او يختبئ عن كيفية حصولهم على الإمداد اللوجستي ليس في السلاح والتدريب والمتفجرات , وانما حتى في سبل البقاء في سيناء وصولاً الى المال والغذاء والماء وما يتبع ذلك , والى اين يمكن توجيه اصابع الإتهام الى غير اسرائيل من الزاوية الجغرافية على الأقلّ .!

دونما استرسالٍ آخرٍ او اكثر فيؤاخذ او بالأحرى يترتّب على القيادة العسكرية المصرية على اعادة الأنتشار – Redeployment , واعادة التموضع في مناطق ومواقع جديدة في ارجاء واجزاء سيناء , وحتى تكثيف حركة الدوريات العسكرية والأمنية الأخرى , وتفعيل دور الإستخبارات بين مواطني سيناء , ولسنا هنا بصدد تقديم نصائح للقيادة المصرية ومحال منّا ذلك , لكنّ مجريات الأحداث تفرض ما تفرض فيما نذكره وسواه !

أحدث المقالات