علياء شابة مريضة بالقلب,اغلب وقتها تقضيه في غرفتها, وتعيش في بيت جدها القديم, وجدت ذات يوم مخطوطة قديمة, مدفونة في بستان جدها عبد الحي, حيث كانت تريد أن تدفن مذكراتها, فكانت مفاجئة كبيرة لها, عندها قررت أن تقرا تلك المخطوطة لتنسى هموم المرض والعزلة, فاكتشفت أن المخطوطة تحمل الكثير من الأسرار, حيث تضع خطوات واضحة لاستدعاء الأموات إلى الحاضر, فكرت علياء بمن يكون أول من تستدعيه من الماضي, تراقصت في مخيلتها عشرات الأسماء, صدام, هتلر, نوري سعيد, عبد الرحمن ابن ملجم, أخيرا قررت أن تستدعي هتلر, ففي جعبتها الكثير من التساؤلات.
أغلقت الشبابيك, وأطفأت مصابيح الإنارة, وأشعلت سبعا من الشموع, كما جاءت في تعليمات المخطوطة, ثم قرأت الكلمات السريانية (( شانكلوح ارترح بلخو ساريا شكا شكا شكا)), فإذا بريح تهب داخل الغرفة, ثم صوت دوي, وفجأة ظهر هتلر بزيه العسكري, واقفا أمام علياء, ينتظر منها أن تتكلم, كانت علياء في تلك اللحظة بين الرعب والخوف, وبين والفرحة لتحقق ما مكتوب في المخطوطة.
استجمعت قواها وقالت لهتلر:
– هل حقا أنت هتلر؟
كان منشغلا بإزالة التراب عن ملابسه, ثم نظر لها وقال:
– نعم, أنا هتلر, وجئتك من عالم الأموات, فقد اخبروني أن فتاة عراقية توصلت إلى طريق الاستدعاء وهي تطلبك لتسألك, لكن نحن في أي عام؟
– نحن في عام 2017 للميلاد.
– مر وقت طويل, كنت احسبه شهور فإذا به سنوات, هيا أفصح عن سؤالك كي أعود إلى عالم الأموات, فلا أطيق عالمكم.
نهضت علياء وأشعلت المصابيح وهي تنظر بفضول لهتلر, قالت:
– لماذا لم تحتل العراق, وهل كنت تفكر بالعراق؟
جلس على كرسي كان بالقرب منه, وكان يبدو عليه التعب والحزن, تنهد طويلا ثم قال لها:
– العراق كان دوما يرتسم أمام عيني, كنت مخططا لاحتلال العراق, لكن بسبب تغير معطيات المعارك في أوربا, حيث كانت ساحات الحرب الأوربية تغلي, وانهار الدم تنزف من دون انقطاع, مما جعل كل اهتمامي يتجه لأوربا, لحسم المعارك فيها, وتأجيل الحلم الكبير, لكن خسارة المعارك كان إعلان رسمي عن موت حلم احتلال بغداد.
– ولماذا تفكر بالعراق؟
– بالتأكيد كان العراق يسبب لي صداع شديد, فكل ما قرأته عن العراق يثير تعجبي, كنت على يقين أن السيطرة على العالم تتم من خلال احتلال بغداد, وان أن نصر أحققه لن يكتمل الا بدخول بغداد, كانت الخطة مكتملة, وكنت قد قررت أن اجعل من العراق مركزا تجاريا للعالم, عبر خط سكة حديد بين برلين والبصرة, ومطارات متعددة, وكنت قد قرأت كثيرا على العراق, ووجدت أن علته دوما تكمن في ساسته, فهم سبب ما كان يعانيه العراق, فكانت خطتي مبنية على قتل كل الساسة, بل وتشريع قانون يجرم كل من يعمل بالسياسة في العراق, بالمقابل تكون أدارة العراق من قبلي وأقدم للشعب كل ما يرغبوا به.
– أتعلم سيد هتلر كم أتمنى أن تعود للحياة, ألان نحن بأمس الحاجة لخطتك, فهي مطلب الناس الذين عاشوا قهر السنين, نعم أن الظلم في الحياة لا يرده ألا ظلم اكبر منه, هكذا كانت سيرة التاريخ في اغلب صفحاتها.
وقف هتلر, كأنه هم بالخروج, نظر بعمق لعلياء وقال لها:
– لا فرصة لي لتحقيق حلم الماضي, هل لديك سؤال أخير, فمدة الاستدعاء ستنتهي قريبا؟
– هل تعرف من سيكون بيده حل مشاكل العراق؟
– في صيف عام 2018 سيكون حدث ذو جلل عظيم, والحل سيكون بيد……
لكن انتهى وقت استدعاء هتلر, وتبدد صوته وارتخت حروفه, وحلت العاصفة وتبخر جسد هتلر ليعود إلى عالم الأموات, ويعود الصمت لغرفة علياء, صحت علياء من نومتها, ووجدت المخطوطة في يدها, بقيت تفكر فيما جرى, وهل كان حلم أم حقيقة, وماذا كان يقصد هتلر في جملته الأخيرة.