إنها أيام تفصل العراقيين عن يوم الثلاثين من نيسان ، ليكون يوماً تاريخياً جديداً في حياتهم ، يحصلوا فيه على أهم حق من حقوقهم المغيبة لعقود من الزمن. لقد حصلوا على الحرية ، ونما الشعور لديهم بأن البلاد بلادهم ، لا بلاد الحزب الواحد والقائد الضرورة، وأن الثروة ثروتهم ، وبالسبابة البنفسجية سيقررون تولية هذا وخلع ذاك. لقد مرَت على العراق زعامات كثيرة طالما آمنت بالسلطة الأبدية أبتداءاً بدولة العباسيين وانتهاءاً بزمن البعثيين ولكن ما حصل من تغيير جذري في البنية السياسية للعراق بعد عام 2003 سفه كل أحلام أصحاب مشاريع الزعامات الأبدية بالرغم من طموح البعض في البقاء على عرش السلطة وكأنه عرش الخلود ، لتصبح عجلة الأمل في التغيير تدور كل أربعة أعوام عبر صندوق الاقتراع . أعلموا ايها العراقيون أنه ليس من خيار أمامنا سوى الحرية ، لأنها أم الفضائل، فقد حصلنا عليها منذ عشر سنوات بأثمان باهظة ، رقاب تقطف و دماء تسيل يوميا لأجلها ، لذا يجب أن نحافظ على هذا المكتسب فهو الثروة الحقيقية ، فالطريق الى صندوق الاقتراع هو التعبير الأصدق عن الحرية التي لا يعبد طريق الوصول اليها الا بالدماء الزكية. وأقول بكل أسف لقد أفسد أغلب دعاة السياسة في العراق الأميركي الجديد الأمل لدى أجيال عاشت تفترش الأرض وتلتحف السماء ، حتى وصل الأمر بأغلبية ابناء شعبنا أن يلعن اللحظة التي أدلى فيها بصوته في الانتخابات والتجارب الديمقراطية السابقة ، فالطاغية الأكبر وناهب المال العام قد تشظى إلى مجاميع من الطغاة والأرهابيين والفاسدين من سراق المال العام يعبثون بأرواح ومقدرات هذا الشعب كل يوم وسط عجز وفشل حكومي واضح. لذا تمعنوا أيها العراقيون في يافطات المرشحين، وتفحصوا الأسماء والوجوه جيداً، واسرحوا في تفاصيل حياتهم خلال السنوات الماضية ، وأحذروا مَنْ يرفع لواء الطائفية. اسألوا قبل رمي ورقة التصويت، لماذا يتقافز هذا المرشح او ذاك من قائمة لأخرى ، تارة في قائمة اسلاموية واخرى في قائمة علمانية ، لماذا يحاول هذا الكيان أو ذاك شراء ذمم الناخبين قُبيل الانتخابات وتوزيع الهدايا للمساكين من المواطنين! ، فهل يستحق أمثال هؤلاء أن يتربعوا على كراسي المسؤولية لأربع سنوات أخرى من عمر هذا الشعب وتأريخه. ونقيضاً لهذه النماذج السيئة ، لا تخلو قوائم المرشحين من نماذج مُشرَفة تحمل أيادٍ بيضاء، قدمت أثمن ما لديها قرباناً لهذا الوطن ، لم تفسد بالمال العام، ولم تتطرف بشعار إقصائي، ولم تدعوا للثارات ، ولم تقُم بتقديم الرشى لشراء الأصوات، لأنها لا تمتلك مالاً فاسداً. انتخبوا من يؤمن ايمانا مطلقا بضرورة عزل الدين عن السياسة حفاظا ً على جوهر الدين من نجاسة السياسة فعراقكم أيها العراقيون أرضه معطاء لم يصبه العقم على مر الأزمنة من أنجاب الرجال المخلصين القادرين على حمل الأمانة. فقيسوا على هذا وانتخبوا حتى يكون حاضركم ومستقبل ابناءكم بأيدٍ أمينة بيضاء، لم يلوثها دم أو مال حرام ! فكونوا أحراراً في أصواتكم وتخيروا لأنفسكم من يجعل مصلحة العراق هي العليا ، ومن لا يختل عقله إزاء زخارف السلطة وزينتها متأسين بذلك بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يقول ( والله لو شئت لأهتديت الطريق الى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي الى تخَير الأطعمة ، ولعل في الحجاز أو اليمامة من لا طمع له بالقرص ولا عهد له بالشبع ، أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى وأكباد حرى). أمنياتنا ان يكون سلفنا الصالح قدوة لمرشحينا وأن يضعوا هذا الموروث الأنساني نصب أعينهم ، وأن ينعم الله على شعبنا بنواب صدقوا ما عاهدوا الشعب عليه في حملاتهم الانتخابية.