23 ديسمبر، 2024 10:31 ص

هادي المهدي والبريد المُسجّل العراقي !

هادي المهدي والبريد المُسجّل العراقي !

حدثني أحد الشباب العراقيين قائلا :
في مطلع العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين انطلقت في بغداد والكثير من المحافظات العراقية مظاهرات شعبية قام بها العديد من العراقيين العلمانيين الذين طالبوا بوقف تحكم القادة الدينيين في شوؤن العراق ، بعد ان تفشت الطائفية والسرقات الكبيرة المنظمة ، وبعد ان طال الفساد المدمّر جميع محاور شوؤن الدولة والمجتمع العراقي طيلة أكثر من عقد بعد اسقاط النظام الدكتاتوري عام 2003 وما زال لحد يومنا هذا ، وبشكل لم يشهد له مثيلا في كامل تاريخ العراق الحديث .في تلك الاثناء ، وفي منتصف عام 2011 كنت اتجول في ازقة احدى محلات بغداد ، واذا بي اشاهد العديد من الفرق الفنية الخاصة بصيانة وتصليح الكيبلات الخاصة ببدالات الهواتف الارضية وهي تعمل بجد واهتمام في بدالات وكيبلات تلك المحلة ، الامر الذي أثار الدهشة لديّ ولدى الكثير من اهالي المنطقة لاسيما وان الهواتف الارضية عانت من التوقف حال سقوط النظام ودخول شركات الهواتف النقالة المكلفة على المواطن .اقتربتُ من العديد من تلك الفرق الفنية مستفسرا عن أمكانية تشغيل الهواتف الارضية ، فكانت جميع الاجابات متطابقة ، وتفيد بان جميع الهواتف الارضية ستعمل خلال ايام عديدة بعد أكثر من عشر سنوات من توقفها .
في تلك الاثناء كانت مظاهرات العلمانيين في ساحة التحرير تحاول الضغط بقوة العقل والسلام والوحدة ، وكان الخوف يدب حينها في قلوب المسوؤلين الدينيين الذين يتعاطون الرشوات الخيالية مقابل حجب خدمة الهواتف الارضية عن المواطن العراقي المسكين ، لكن هادي المهدي اُغتيل ، لأن مليارات الدولارات هي أهم وأفضل من كل العراقيين وأن كان بينهم هادي المهدي .
قبل عشر سنوات كانت الرسالة المسجلة من والى العراق لا تتجاوز مدة  ارسالها ووصولها اكثر من سبعة ايام ، اما في السنوات الاخيرة فقد اصيبت هذه الرسائل المسجلة بداء الفساد ايضا، حيث تستغرق معظم هذه الرسائل حاليا مدة شهر او شهر ونصف وربما أكثر ، وهي اشارة تجبر العراقي المسكين للاستغناء عن البريد العراقي واللجوء الى دفع مبالغ خيالية لشركات البريد الاجنبية العاملة في العراق .
الظاهر ان البريد المسجل العراقي ، استولى عليه ايضا من يتعاطى الفائدة في تأخير وصوله من والى المواطن العراقي ، لان هناك شركات اجنبية باهضة التكاليف تتولى امر ايصال البريد بشكل سريع .
المدهش جدا ، ان اي وزير او مسوؤل جديد يتولى المسوؤلية في الوزارات العراقية بتزكية ومباركة من القوى الدينية لا يأتي بجديد الا مزيدا من الفساد ..صدق من قال ان الدين أفيون الشعوب .
المجد والخلود لـلعراقي والانسان البطل ( هادي المهدي ) .
الرحمة للبريد المسجّل والهواتف الارضية في العراق  ..