نتذكر إن أحد محافظي البصرة السابقين كان قد وصف أهالي البصرة الطيبين بوصف الدجاج , بالطبع دجاج
حقول الدواجن المرتخي ,الذي يقوى لا هجوما بمنقاره و لا هرباً بعيدا . وهذا هو حالهم فلا سقف مطالب مرتفع لهم و لا مشاركة تذكر لهم في مجال المناصب الحكومية المركزية و لا استجابة و لا إهتمام بمطالبهم التي لا صدى لها . هذا هو حال الأهالي , أما المدينة المحافظة
بقياس خيراتها المتحولة الى الحكومة المركزية و كل العراق , مع الخدمات و المكاسب المتحققة لها بالمقابل فقد إكتفت بشرف توصيفها بالبقرة الحلوب ! وكفى بهذا المجد و المكافأة لها . مع شيوع هذين التوصيفين , شاعت كذلك مواقف التبعية في سلوك مسؤوليها الرسميين , وهذه هي القاعدة المعروفة , و لأن لكل قاعدة استثناء , نجد ان البعض يجهر بمطالب حاسمة , ألا انها تواجه بقانون الفعل ورد الفعل . واذ يطالب البصري فعلا فما هو رد الفعل من المسؤول البغدادي!؟ لنأخذ مثلا قريباً إنموذجاً و نرى . لقد استجمع النائب البصري الشيخ منصور التميمي شجاعته المعهودة بالمطالبات و أبلغ وزير النقل هادي العامري طلبا يتعلق بإبعاد موظف مثبوت الفساد الاداري و المالي وسوء التاريخ الصدامي ممن خبرتهم البصرة. إذ وضعه العامري موقعا حساسا في الواجهة الادارية مستشارا له ! وهذا من بعض واجبات النائب تجاه ناخبيه في الإنتصاف لهم المسئ لهم , و كذا من حق النائب على الوزير في أن يتفاعل مع دوره الرقابي , فماذا كان رد الوزير؟
الحكاية هي ان عضو ائتلاف دولة القانون النائب عن محافظة البصرة منصور التميمي كان قد كشف منذ مطلع هذا العام عن ان مستشار وزير النقل صلاح خضير متهم بالفساد المالي والاداري خلال فترة توليه ادارة شركة الموانئ، مطالبا وزير النقل هادي العامري باعفائه من منصبه .
فقد أصدر التميمي، بياناً صحفيا ، قال فيه: انه ” انطلاقا من مسؤوليتنا الرقابية لاحظنا ومنذ فترة ليست بالقصيرة ان هناك انتقائية في التعامل مع القضايا المتعلقة بالفساد الاداري والمالي وحسب مدى قرب الافراد المتهمين بقضايا فساد من هذا المسؤول او ذاك “، مضيفا انه ” وللاسف الشديد شخصنا عددا من الحالات التي لا بد ان يتخذ فيها اجراء حازم وعادل يساوي بين الجميع ما داموا متهمين بقضايا مماثلة “.
وأوضح التميمي ان ” من تلك الحالات نذكر قضية الكابتن صلاح خضير مدير عام شركة موانئ العراق السابق والمستشار الحالي لوزير النقل حيث تم القاء القبض عليه بقضية تتعلق بالفساد الاداري والمالي اثناء مزاولته عمله كمدير عام شركة الموانئ الا انه تم اطلاق سراحه بعد ساعات قليلة في وقت هناك قضايا مشابهة لقضيته والمتعلقة بالموظفين الصغار يتم حجزهم لمدد طويلة جدا دون اجراء اي تحقيق لتقرير مصيرهم وموقفهم “.
وأشار التميمي الى ان ” هذا التعامل بمعايير نراها مزدوجة يشككنا حتى في عمل الجهات الرقابية وعليه نطالب ان تتخذ اجراءات حازمة ورادعة مع كل المديرين او الموظفين المتهمين بقضايا تتعلق بالفساد ليكونوا عبرة للاخرين “، مطالبا في الوقت ذاته ” وزير النقل ان يخرج صلاح خضير من منصبه كمستشار حيث لا يمكن تعيين المتهمين بالفساد بمناصب ادارية كبيرة
فماذا كان تجاوب معالي الوزير مع مطلب النائب البصري؟ .. هناك مثل صيني قديم يقول : إن أبلغ تعبير عن الإحتقار هو التجاهل ! وهذا هو بالضبط ما فعله الوزير وكذلك مستشاره الإعلامي كريم النوري ! فلا كلمة جوابية لرد أعتبار طلبة و لو لتمييعه بتشكيل لجنة للنظر بالموضوع و لا أي تصرف ينم عن الإهتمام . حتى إن هذا الشيخ الأصل في البصرة صار موضع تندر ممن في الموانئ , إذ أسقطه الوزير العامري في الدقيقة الأولي من جولة التحدي الأولى بضربة التجاهل القاضية ! و الأنكي من هذا فإن كان للمستشار رده الخطير ( حسب المثل العراقي : حيل العبد من حيل مولاه ) فقد استهدفت معيته النقابي المعروف عبد الحسين الشوزلي بمحاولة خطف و أغتيال فشلت بتدخل
مجموعة عسكرية مسلحة شاهدت الحادث و القي القبض على إثنين من الجناة من اقارب و مجموعة المستشار وتم ايداعهم التوقيف , وقد
تشكلت لجنة تضامن شعبية اعلامية مع هذا النقابي الشجاع الذي تصدى لفضح هذا فساد المدير العام السابق و المستشار الحالي لوزير النقل,
وقد جاءت في بيان النائب الإشارة الى صغار الموظفين الذين يتم إحتجازهم لمدد طويلة دون أجراء , و المعروف إن هذا النقابي قد قضى فترة إحتجاز قاسية في سقيفة سجن ميناءالمعقل في صيف لاهب بتهمة التشهير بهذا المدير الذي صار مشهورا بالفعل بعد تكرار القاء القبض عليه تكرارا !! و إخراجة من التوقيف تكفيلا سريعا كما أشار النائب بعد تسارع التوسطات . و ليس هذا سوى إنموذج لحال البصري اذا تحدى الموكز و لو بطلب ! و لكن هل سيكون هذا درسا تأديبيا لمن يهمه الأمر ؟! و يضمد النائب جراحه المعنوية و يتراجع الى الظل يجر أذيال الخيبة ؟ أم إن لتحديه جولة أخرى؟ و بعد ان تبين ان سرعة إستجابة الحكومة للمطالب تقاس طرديا مع قوة المطالبين بها ! ..لنرى