بحكم التصاقي الصميمي بالشهيد عز الدين سليم وبحكم علاقتي الخاصة به كثيرا ما سمعته يثني على دور وفكر الشهيد هادي السبيتي ويرى انه مظلوم حتى من اقرب الناس منه , ومن خلال علاقتي بالشهيد عز الدين سليم تم التعرف على تحرك الشهيد محمد هادي السبيتي الدؤوب والمثمر في العراق ولبنان والاردن حتى انه استطاع في احد المرات المجئ لايران بداية انتصار الثورة الاسلامية بشكل سري وقدم رؤيته للحركيين بان تكون العلاقة مع الثورة الاسلامية روحيا ومصيريا ولكن مع المحافظة على البعد الوطني العراقي والخصوصية العراقية وشدد على التاصيل الفكري والتعاطي الميداني مع الاحداث ,هذه الفكرة قد تكون غير مقبولة مع بداية انتصار الثورة الاسلامية والحب العاطفي الانفعالي لها في تلك المرحلة الا انه ومع مرور الوقت تاكد جدواها السياسي والاستراتيجي وتاكدت اهميتها لان كل شعب له خصوصيته ولكل مرحلة رجالها.
الشهيد هادي السبيتي ابو حسن هو من القلة الذين مازحوا بين الفكر التنظيمي السني والفكر التجديدي الشيعي ليقدم لنا افكارا رائعة حية وتجسيدا عمليا مؤثرا في الواقع , وكيف لا فقد كان الرجل محط انظار مؤسسي حزب الدعوة الاسلامية وكان الملهم لافكارها ونبضها وسلوكها التاريخي ذلك لان الرجل عاصر حركة الاخوان المسلمين وكان احد اعضائها كما كان عضوا في حزب التحرير الاسلامي انذاك , وانطلاقا من هذه التجربة الثرّة والرائدة استطاع ان يشكل هذا النتاج الحركي لمواجهة الهجمة الحزبية التنظيمية للعلمانية وافكارها التدميرية التخريبية والتي اجتاحت العراق والمنطقة باسرها انذاك .
كما ان هذا الرجل عاش تجارب مزدوجة ومؤتلفة تجمع بين ماهو عراقي ولبناني , كما انه عاصر الوضع الغربي بكل ظروفه وجزئياته وعاش مغتربا هناك في مراحل من حياته مما نفح فيه منافذ الفكر العميق الواقعي الشفاف .
ان اية قراءة منصفة ومتفحصة للسبيتي لابد ان تخرج برؤية ملخصها ان الرجل شكل تيارا فكريا متطورا ومتحركا لكنه قوبل ببعض العبوس الفكري والتزمت السياسي من قبل اقرب الناس له لعدم ادراكهم بحقيقة الطاقة الفكرية المتنورة التي تعتمل في داخله ولم يدركوا الواقع السياسي المتبلور في حنايا ضميره واصالته العراقية ومعينه المتاصل .
فالشهيد الصدر كما هو معروف يبقى صاحب الاطروحة الفكرية للدعوة الاسلامية والسبيتي هو المنظر والمشخص لها , ومن خلال هذين الشخصين تتكامل هيكليتما وتتكامل مسيرتهما وما بينهما من مفكرين وقادة كالسيد مرتضى العسكري والشيخ مهدي الاصفي واية الله السيد محمد حسين فضل الله رحمهم الله جمعيا .
الشهيد محمد هادي السبيتي قدّم رؤية حركية انضباطية فاعلة للعمل الاسلامي الراشد تقوم على اسس عملية واعية وعلى تحصين فكري ذاتي وعلى يقين راسخ بالرقابة الالهية مما انجح اطروحة الحزب في بداية التاسيس ونأى به عن الفشل المبكر حيث اعتمد بشكل خاص على الخلايا الخيطية وعلى الاتصالات الفردية – البينية لابعاد الكتل والخلايا والحركيين عن رقابة السلطة التي كانت ترى في هذا الوليد خطرا افدح من القنبلة النووية .
الشهيد هادي السبيتي عاش همّ الاسلام وهمّ العالم الاسلامي , وكان رحمه الله يدرك ان المرحلة التي تمر بها الامة الاسلامية حرجة وحساسة وان مواجهة الكفر المنظم والمخطط والمشرعن لابد ان يكون عبر تنظيمات اسلامية فاعلة ومؤثرة تتحصن بالفكر المنفتح وتتحرك عبر اساليب العصر والمشروع الانساني الكبير الذي لايحجّم الانسان ولايصوغه بالقالب الحزبي المتحجر .
المحزن ان الكثيرين من المعاصرين لم يعطوا هذا القائد النموذجي ابو حسن موقعه في واقع الحركة وفي فكرها وفي جهادها , كما لم يعرفوا شخصه وفكره وعطاءه الشامخ.