23 ديسمبر، 2024 1:15 ص

ليس هناك من موضوع فيه إتفاق کامل وتطابق في وجهات النظر بين الاطراف العراقية والاقليمية والدولية، کما هو الحال مع موضوع التدخلات المختلفة التي يقوم بها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق، ولهذا فقد صار وللأسف البالغ هذا الموضوع وبسبب من توسع وترسخ الدور والتدخلات الايرانية، من الامور البديهية والمسلم بها والتي لاتحتاج الى أي دليل أو برهان!
“إيران طلبت منا ان نتحالف مع العبادي ورفضنا، وطلبت ان يكون هناك تحالف شيعي فقلنا لها هذه المرة كفى لا نريد تحالفا شيعيا مرة اخرى”، هکذا قال هادي العامري، قائد ميليشيا بدر وهو يتحدث الى وسائل إعلام عراقية، والذي يثير السخرية والاستهزاء والتهکم والى أبعد حد ماقد قاله العامري وهو يخاطب إيران:” فقلنا لها هذه المرة كفى”! لکنه طبعا لم ينور وسائل الاعلام العراقية بالمرات المقبلة، رغم إننا واثقون بأن قائد ميليشيا تخضع في أوامرها للحرس الثوري الايراني لايمکن أبدا أن يفرض رأيه على”ولي نعمته”و”صاحب إرادته”، فهذا الکلام الذي ذکره العامري وفي هذا الوقت له أکثر من مبرر ودافع.
کلام العامري هذا والذي يأتي في وقت يزداد فيه الترکيز على التدخلات الايرانية في العراق والتي تتجه للتمادي ولاسيما من خلال الإصرار على”بيدقها” فالح الفياض کوزير للداخلية، ولعل ترکيز طهران على هذا الموضوع له مايبرره فهي تريد الامساك بورقة الامن والاستقرار الداخلي في العراق واللعب والعبث به متى ماأرادت خصوصا وإن الايام القادمة ستکون ثقيلة عليها وفيها الکثير من الاحتمالات والتوقعات التي قد لاتسرها بالمرة.
رفض العامري المثير للسخرية للتدخلات الايرانية والسعي للإيحاء بأنها ذات طابع”تشاوري ونصائحي”، أشبه بنکتة لکنها لاتثير الضحك وإنما السخرية والتهکم، ولاسيما عندما يحاول قائد ميليشيا بدر وذراع طهران في العراق التقليل من شأن التدخلات الايرانية وجعلها هامشية والترکيز على تدخلات أخرى عندما قال:” هذه المرة يوجد تدخل سعودي امريكي وهذا ما عملوا عليه علنا في اجتماع فندق بابل و وصل بهم الامر الى حد التهديد لاطراف سياسية”! من الواضح إن لغة التهديدات والتصفيات والاغتيالات معروفة على المستوى العالمي کله بأنها لغة النظام الايراني، ولکن العامري يسعى من أجل أن يحرف ويسوه هذه الحقيقة ويلبسها ثوبا آخرا على مقاس الرٶية والتوجهات الايرانية.
“اذا يوجد تدخل فعلا في الشأن العراقي فهو من قبل السعودية والامريكان”، هذا الکلام کأنه کلام مسٶول إيراني لأنهم دأبوا دائما على ترديده للإيحاء کذبا بأنه لن يتدخلوا في الشأن العراقي، ولاشك بأنه لايوجد إنسان واحد في العراق کله يقتنع بهذا الکلام ويبرئ النظام الايراني من تدخلات جلبت وتجلب المآسي والمصائب والويلات على العراق والعراقيين.