23 ديسمبر، 2024 6:51 ص

نينوى .. خريطة الأمل لا الطريق

نينوى .. خريطة الأمل لا الطريق

معركة نينوى ليست ككل المعارك. فبالإضافة الى رمزية المحافظة “نينوى” والمدينة “الموصل” ماضيا وحاضرأ فإنها تكاد تمثل عنصر التوازن الذي هو الآن هش بكل المعايير نحو المستقبل. نينوى مثلها مثل محافظات أخرى مثل كركوك وديالى تكاد تختصر العراق من حيث تمثيل كل المكونات والاطياف والأعراق. ولأن هناك إشكالية مستمرة على صعيد الهوية الوطنية في العراق منذ مراحل التاسيس الأولى للدولة العراقية عام 1921 لأسباب وعوامل يطول شرحها فإن هذا الإلتباس في الهوية رافقنا في كل مراحل التطور والتغيير التي حصلت في العراق عبر عهديه الملكي والجمهوري, والأخير جمهوريات متباينة منذ الجمهورية الاولى التي اسسها عبد الكريم قاسم” الى جمهوريتنا الحالية التي هي وإن كانت إمتدادأ للجمهوريات التي سبقتها من حيث شكل نظام الحكم (الجمهوري) لكن هناك فارق جوهري وهو إننا نعيش اليوم مرحلة التداول السلمي للسلطة عبر الإنتخابات.  
ومن مظاهر ديمقراطيتنا على كثرة ما عليها من ملاحظات فإنه لم يعد بوسع أحد الوقوف عسك التيار. ولعل ماورد على لسان أحد كبارالقادة السياسيين يوما عبارة “ماننطيها” تحول الى موضع إنتقاد أحيانا قاسي الى أن “سلمها” هو الآخر بطريقة سلمية حين أصبح التغيير. مشكلة الإلتباس بالهوية الوطنية إنعكس على طريقة تمثيل المكونات في الدولة عبر ما عرف بالمحاصصة الطائفية والعرقية يضاف اليها الثغرات الكثر التي إنطوى عليها الدستور. فضلأ عن إشكالية التعامل مع بعض مواده وفقراته ومن جملتها الفيدرالية التي تحولت بعد نحو عشر سنوات على تشريع الدستور والتصويت عليه الى إشكالية وطنية باتت مثلما يرى معارضوها مدخلا لتقسيم العراق.
في مقابل ذلك فإن مؤيدي الفيدرالية وبصرف النظر عما يبطنه بعضهم من نوايا يرون ان الفيدرالية مادة دستورية وإنها لايمكن ان تؤدي الى تقسيم العراق. لكن العراق الذي إنتقل من الشمولية كنظام حكم فإنه لايزال يعيش الشمولية كنظام مجتمعي يرى في المركز القوة والمنعة والضمانة. هذه الإشكالية عشناها ولانزال نعيشها في كركوك التي خضعت كلها كمحافظة لمادة دستورية هي المادة 140. وكذلك الأمر مع محافظتي ديالى وصلاح الدين حيث دخلت اقضية ونواح فيها ضمن هذه المادة.
ومع أن نينوى هي الأخرى جزء من هذه الإشكالية لكن خضوعها لإحتلال داعش منذ سنتين وما ترتب عليه من إشكاليات عميقة إجتماعية وسياسية ومكوناتية جعلت من إمكانية  التعايش في مرحلة مابعد داعش أمرا في غاية الصعوبة مالم يتم جلوس اهالي نينوى على مائدة حوار وطني لكي ياخذ كل ذي حق حقه ويحاسب من تسبب في ما أرتكبت من جرائم وفقا للقانون.
والواقع ان هناك الكثير مما يجري الحديث عنه في هذا السياق حيث يتضح حرص الجميع على التعايش كمبدا عام لكن تتعدد الإجتهادات ووجهات النظر الى حد التقاطع في بعض المفاصل. وإنسجاما مع ذلك فإنه بدلا من التفكي السائد بضرورة وضع خريطة طريق لمستقبل نينوى فإن الاولوية لابد أن تكون لحسن النوايا من خلال خريطة جديدة هي .. خريطة الأمل قبل الطريق.