الموقع القيادي والشخصية المتزنة والحنكة السياسية التي يتمتع بها في الاوساط السياسية، جعلت من السيد نيجيرفان بارزاني رئيس اقليم كوردستان موضع الانظار والاهتمام الداخلي والاقليمي والعالمي. وكسابق مشاركاته الرسمية في المنابر الدولية التي جمعت رؤساء كبرى الدول على طاولة النقاش حول قضايا سياسية واقتصادية وامنية دولية، فان دعوته رسميا من قبل الحكومة البريطانية مع رؤساء وقادة (150) دول العالم للمشاركة في مراسم توديع الملكة اليزابيث الثانية، خير دليل على ذلك.
ومن الجدير بالذكر، ان قائمة المدعوين للمشاركة في هذه المناسبة التأريخية لم تعد عشوائيا، لا سيما لو علمنا بأنها قد اعدت من قبل الحكومة البريطانية وباشراف مباشر من رئيس الحكومة ووزير الخارجية والقصر الملكي، اي اختيرت الاسماء بكل دقة وحساسية، لانها تعكس رؤية بريطانيا السياسية بخصوص حلفائها وشركائها الحقيقيين حول العالم.
في عصر قد يستحيل على الدول التي تعاني من مشاكل وازمات سياسية داخلية خانقة مواكبة الدول العظمى من حيث دورها في القرار السياسي الدولي والقوة الاقتصادية والتكنولوجيا العسكرية، يبقى عليها ان تحاول جاهدا حل مشاكلها والاستنهاض بنفسها وان تستثمر طاقاتها الكامنة في مجالات اخرى، لكي لا تتأخر عن ركب التقدم العالمي وان تضمن لها مكانة في المجتمع الدولي. واقرب الطرق الى ذلك، هو تبني الالتزام بقيم ومباديء تتوافق مع العالم المتمدن والحر.
مشاركة رئيس اقليم كوردستان ممثلا العراق واقليم كوردستان في هذا الحدث التأريخي الذي يعتبر الاول من نوعه في تأريخ بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، هي بارقة امل لكل مواطن يريد للبلد الامن والاستقرار والتعايش والازدهار، بلد اثقلت كاهله الصراعات السياسية المميتة وخنقته الازمات والمشاكل المتراكمة التى حال دون الخروج منها. وهي دلالة على نجاح سيادته في اللجوء الى الدبلوماسية كقوة ناعمة لخوض غمار الحراك السياسي الداخلي والدولي.
العراق اليوم بامس الحاجة الى عقول سياسية نيرة، عقول تؤمن بتقبل الاخر والتعايش السملي بين جميع الاطياف وبضرورة عودة اطراف النزاع الى طاولة المفاوضات والاحتكام الى الدستور لحل المشاكل العالقة التي الت بالبلد الى الويلات وكوارث انسانية وفي مقدمتها الفقر والعوز والحرمان من ابسط حقوق المواطنة. وهذا ما أكد ويؤكد عليه رئيس اقليم كوردستان مبتغيا من وراء ذلك الخروج من الانسداد والجمود السياسي الذي اوشك بأن يؤدي بالبلد الى حافة الهاوية وانهيار مؤسسات الدولة رويدا رويدا، هذا اذا ما لم تعد القيدات السياسية الى رشدها!
ان سر الوجود الدائم ذات التأثير لرئيس اقليم كوردستان في المحافل الدولية يكمن في دبلوماسيته الناجعة وشبكة علاقاته الاقليمية والدولية، وفي محاولاته الجادة لتقريب وجهات النظر المختلفة، مبتغيا لم شمل جميع الاطراف المتنازعة عراقيا وكوردستانيا والتئام جروح الشعب، وهذا ما تنتظره دول العالم من احزاب وقوى سياسية تحكم بلدا ناهضت الدكتاتورية من اجل بناء نظام ديموقراطي تحفظ في ظله كرامة الانسان وترسيخ اسس المواطنة.
الحضور البارز للرئيس نيجيرفان بارزاني يرافقه معالي سفير العراق لدي المملكة المتحدة في وسط هذا الجمع الغفير من القادة والرؤساء ذات النفوذ والقوة والهيمنة، ما هو الا رسالة واضحة من حكومة البلد المضيف، بانه لازالت هناك فرصة امام القادة والاطراف العراقية المتنازعة لكي يعودوا بالامور الى نصابها الصحيح، هذا اذا ارادت هؤلاء الخير لبلدهم ولمستقبل شعبهم، والقيادي الجدير الذي يؤتمن عليه باستلام هذه الرسالة وايصالها، هو رئيس اقليم الكوردستان الذي يشارك العالم الحر (السلم، الحوار، التعايش، تقبل الاخر، المواطنة، حرية الرأي والفكر، الحرية الاجتماعية والدينية وحقوق الانسان)، اضافة الى ان سيادته يقف على نفس المسافة من كافة الاحزاب والقوى والاطياف العراقية.