23 ديسمبر، 2024 5:42 ص

نوعيه الفساد أمام مشاريع الاصلاح

نوعيه الفساد أمام مشاريع الاصلاح

المقارنة عموماً تسلط الضوء على الفروقات والمشتركات ثانياً ، وتتبلور الهوية حاملة بصمتها الفريدة ، فهناك ثلاثة أنماط من الفساد وهما ( الفردي والعائلي والمتواطئ ) فالأول التقليدي أن ينحرف موظف أو سياسي ليعمل لحسابه أو مجموعة قريبة جداً منه التواطئ مثل حاله ( أولمرت رئيس وزراء اسرائيل السابق ) وغالباً ما يحصل فساد من هذا النوع في الدول الديمقراطية ولذلك يكتشف في بدايته نظراً لسلطة الديمقراطية والنوع الثاني وهو العائلي بنوعيه الملكي والجمهوري وعادة ما يكون شاملاً محتكراً بالعائلين الملكية والجمهورية ( ذات التوريث ) . كما لمسناها في الاستبداد العربي .
أما النوع الثالث فهو القاسم المشترك لجماعات مؤتلفه ويكون الفساد هو الوحيد المتفق عليه كما جسدته الامتيازات التي لا يتساهلون فيها الرواتب الفريدة نوعاً وكماً وشذوذاً عن العالم كبرلمانين حيث لا يوجد برلمانين في العالم يعطي تقاعد كما أن الامتيازات ( حمايات جوازات دبلوماسية عدا ما ينتجه استثمار النفوذ وهذا القاسم المشترك الاسود الجامع المانع كهويه للتواطئ الفريد العجيب وهو بذلك يكون عابراً للاثنيات والطائفية وحتى ضمن هذين التوصيفين الوحيد الذي لا خلاف عليه ، أي بين منتسبي الطائفه والعرق واقصى ما يتجلى ذلك في عملية الفساد هو الدوران حولها الا بعد أن يجنح أحدهم هارباً بالمال عندما يخالف قواعد اللعبه في التجاوز على الصندوق المعد للموسم الانتخابي وأخذ أكثر مما مقرر ولذلك لا يعلن عنه أو يتبرؤن منه ، أي أنه عمل لحسابه . وهذا ممنوع ويفقد التواطئ أبرز مقوماته . ولذلك تأخر قانون الانتخابات أو حرف في عملية تحديد مداخيل الاحزاب والمنظمات الذي أصبح اداة من ادوات التواطئ المنظم لا عادة أنتاجه . ومع مرور الأيام يظهر ما يؤكد ذلك أي عملية التواطئ المنظم ، وهي تمتد من ملفات رئيس الوزراء السابق التي هدد بها وصولاً إلى البرلماني الذي أعلن على رؤوس الاشهاد مؤكد نظرية التواطئ التي أصبحت حقيقة بعد البرهانين أعلاه .
فهل هذا النوع الفريد أي فساد التواطئ المنظم جاء من مجرد تلاقي العوامل الموضوعية أي عشوائياً . أم كان ورائه ارادة ؟
أن الإجابة على هذا التساؤل تحدد اليات مواجهته ، كونه ( فريد غريب جديد ) بحيث عجزت الوسائل التقليدية عن تحجيمه وردعه والوسائل ثلاثه ( الرقابة التقليدية والمفتشين العاملين والنزاهة ) ومعلوم فقد كانت نتائج عملهم غير مشجعة .
بذلك تصبح مجرد عمليه تجمع العوامل الموضوعية غير كافيه لتشخيص الحالة فالإرادة السابقة التي وضعت حجر الاساس ( فترة بريمر ) كانت هي السنه التي تطورت وتبلورت وتصلبت وشرع لها اعراف وتقاليد لها ارديه واقنعه دينية وطائفيه وعشائرية ومناطقية بحيث أصبحت قاسماً مشتركاً يجمع هذه الاعمدة متجاهلة البعد الافقي للمجتمع مما حصر
المواطنة في خانق ضيق ، كما نلمسه من ممارسات ضد أي تنوع خارج المنظومات التقليدية التي سبقت الدولة الحديثة .
تجلى هذا الصراع متجسداً في المرجعية التي كانت ولازالت خارج هذه الاوساط بما تملكه من رصيد ديني شامل واحترام شعبي بسبب تاريخيها المعروف ولكنها بجناح واحد غالباً ما يلتقي مع جناحه الثاني ( المواطنه ) وهذا ما يرفد الاصلاحات الحالية التي جاءت متأخرة بعد سقوط ورقه توت النفط وتغول داعش التي كان الفساد المتواطئ عاملاً اساسياً في تمددها .
وهكذا ولحد الان لم تنفع الوسائل التقليدية الثلاثة ( رقابة ، مفتش عام ، نزاهه ) في الحد من هذه الظاهرة الفريدة التي لم تنشأ على مقاسات الوسائل المذكوره . كونها ظاهره ( سياسيه قانونيه اقتصاديه أخلاقية ) والأجهزة الثلاثه أصبحت في وضع دفاعي حيث تعرض عناصرها إلى التهديد والقتل ناهيك من استدراج قسماً منهم نحو هاويه الفساد . ولذلك ستكون عملية الاصلاحات التي نباركها سواء من التيار الصدري المعني أو الحكومة الحالية ، في مواجهة التحديات الاربعة ( السياسية والاقتصادية والاخلاقية والقانونية ) .
فالقضاء لم يكن ادائه متكاملاً لان الادوات التقليدية التي تجلب المتهم محددوه في نشاطها وغالباً اقتصرت على الحالات الفردية أي خارج لعبة المنظومة الفاسدة اضافة للتهديد والضغط السياسي .
أذن العملية ليست بسيطة ولا يمكن اختزالها بتغير وزاري الا اذا كان ببرنامج بديل عن ما اسس له ( بريمر ) . وبعد فك ارتباط المنظومة المتواطئة من امتداداتها الاقليمية .
التي من المؤسف جداً أنها توظف عناصر لادارة مصالحها وليس لادارة علاقات مستقرة معقولة سياسياً واقتصاديا بل عبرت عن قصر نظر ربما فرضته طبيعة الصراع الدولي بأجندته الجديدة وصعود قوى من جديد كصعود روسيا والصين وبنهاية الحرب الباردة لذلك تصبح الاصلاحات ثوره في هذه الحاله تبدأ بجلب الفارين والاموال المهربة وبالأسماء تدريجياً وهذا عمل ليس بسيطاً وفتح الملفات المغلقه والمحفوظه بما يتناسب مع قوة أجهزتنا المختصة بدون مبالغة وتطرفات وهذا يحتاج جهد جماعي وكانت مبادرة الصدر في تسمية أشخاص لم تخطر على بال المتواطئين أول الغيث وتعبيراً عملياً عن تلاقي المواطنة والمرجعية بقيادة التيار الصدري كبداية لمشروع كتله تاريخيه .