قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «لتنقضنّ عرى الإسلام عروة عروة ، كلّما نقضت عروة تشبّث الناس بالتي تليها، فأوّلهنّ نقض الحكم ، وآخرهنّ الصلاة ».
و قال ص : (…لينقض عُرى الإسلام عُروة عُروة ، فيكون أول ما تنقضون من دينكم الأمانة ، وآخره الصلاة .) وفي رواية أخرى : الإمامة بدل الأمانة و كلتاهما تعني الحكم أي ولاية أمير المؤمنين ع.
و عن علي بن أبي طالب (ع ) قال :بينما أنا أمشي مع النبي ” ص ” في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل كث اللحية بعيد ما بين المنكبين فسلم على النبي ” ص ” ورحب به ثم التفت إلي فقال: السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته ، أليس كذلك هو يا رسول الله ؟ فقال له رسول الله ص : بلى . ثم مضى . فقلت : يا رسول الله ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ وتصديقك له ؟ قال”ص” : أنت كذلك والحمد لله إن الله عز وجل قال في كتابه ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً ) والخليفة المجعول فيها ( آدم ) ع فهو الأول ، وقال ( يَا دَاوودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرض فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ) فهو الثاني ، وقال عز وجل حكاية عن موسى حين قال لهارون عليهما السلام ( اخْلُفْنِي في قَوْمِي وَأَصْلِحْ ) فهو ( هارون ) إذ استخلفه موسى ع في قومه فهو الثالث ، وقال عز وجل ( وَأذانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إلى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ ) فكنت أنت المبلغ عن الله وعن رسوله وأنت وصيي ووزيري وقاضي ديني والمؤدي عني وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فأنت رابع الخلفاء كما سلم عليك الشيخ أو لا تدري من هو ؟؟ قلت : لا . قال “ص” : ذاك أخوك الخضر عليه السلام.)
الرباعية التالية و التي تتبعها تتعرض لما وقع يوم السقيفة حيث سجل التاريخ مظلمة و مخالفة شرعية و انقلاب على الأمر الإلهي المقدس بتنصيب الإمام علي ع وصيا و أميرا للمؤمنين .
وقد شرعوا في التنفيد عند التراجع عن الغزو و العودة إلى المدينة و قد لعن الرسول كل من خالف هذا الأمر لعنا و اضحا لا لبس فيه . و لما اشتد المرض بالرسول حاولوا الاستيلاء على إمامة الصلاة . و لما غاب الرسول روجوا اتهامين سكت عنها المسلمون سكوتا غريبا عجيبا مريبا:
· اتهم المسلمون بالشرك و هذا لم يفكر فيه أي من المسلمين حيث كان الإسلام غضا طريا كما نزل. و صياغة الاتهام في شكل احتمال غير وارد إطلاقا . و حقيقة الأمر فإن الاتهام ينطوي على شماتة لا مثيل لها صيغت في مضمون ديني ذي دهاء فكأن الاتهام يهدد فئة معينة بأن الرسول ص الذي كان يحميهم قد انتهى أمره فمن يحميهم الآن ؟ و هذا الاستنتاج يتفق بالتمام مع ما حدث و مع ما أكدته الآية الكريمة و أحاديث الرسول ص حول المودة في القربى . و عندما مرض الرسول ص بكت فاطمة ع و قالت : (….فمن لنا بعدك يا رسول الله ؟ ). و قبيل وفاته ص بكى فسئل عن سبب ذلك فقال ص : (أبكي لذريتي و ما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي ….)
· اتهم الرسول ص بالتكلم بما لا يعقل . و هذا الاتهام هو ضرب مباشر و سريع لمركزية الإسلام و معصومية الرسول ص و إدانة جريئة لآية شهيرة ( ما ضل صاحبكم و ما غوى و ما ينطق عن الهوى). و منع تدوين الحديث الشريف بعد غيابه ص يندرج ضمن نفس الخطة.
· و دعمت التهمتان بترويج إشاعة غريبة بأن الرسول ص لم يمت بل صعد إلى السماء و سيعود . و بث مثل هذه الأخبار يخفي أمرا آخر يراد التعتيم عليه .
و شرع في تنفيذ الانقلاب في لحظة من أغرب لحظات التاريخ . الرسول ص مسجى و آل البيت في مصيبة لا قبل لهم بها و المسلمون يبكون و الآخرون أصيبوا بحمى اختطاف الثمرة فقفزوا قفزا غريبا و استأسدوا و تنمروا في جرأة لا مثيل لها و كان ما كان و سيكون ما يكون و إنا لله و إنا إليه راجعون.
قال الإمام علي ع 🙁 و أيم الله لو شئت ما تركت عليها من كافر بالله و لا منافق برسوله و لا مكذب بوصيه و إنما أشكو بثي و حزني إلى الله و أعلم من الله ما لا تعلمون .) لقد أطاع الوصي ع الرسول ص فصبر و الشكوى إلى الله من الصبر . و كان بإمكانه أن يكتفي بمد رجله الشريفة لتسقط الممالك و تنهزم الجيوش و يكفي أن ينشر راية رسول الله ليندحر الأعداء و لكنه لم يفعل و أطاع الله و رسوله ص فصبر و هذا هو الصبر العظيم . و المنفذون يعرفون جيدا أن الإمام مأمور بالصبر و يعرفون جيدا أنه سيطيع و يصبر و لولا ذلك لما تجرؤوا على فعل ما فعلوا .و نتيجة لذلك كان تاريخنا سلسلة مرعبة من الانقلابات الدموية المتتالية الى يومنا هذا.
إن هذا الانقلاب:
* لا يخطط له إلا متسترون مختصون بارعون في محاربة الأديان السماوية و قتل الأنبياء و قد احتشدوا قبل ميلاد الرسول ص في الجزيرة العربية استعدادا للمواجهة إلى درجة أن أحدهم لما شاهد الوليد محمد ص صاح كالمجنون: (اقتلوه و اقتلوني معه ). و قبل ذلك اجتمع عدد كبير منهم و حاصروا والد الرسول ص في أحد الجبال و أرادوا تمزيقه إربا إربا لكن الله سبحانه و تعالى نصره و حماه . و مصادرنا لا تذكر هذا الخبر و لا تهتم إلا بإلصاق التهم بوالد الرسول ص. و هناك علامات استفهام كبيرة حول عمليات الموت المتتالي لكل من والد الرسول ص و أمه و خديجة و أبو طالب و ابنه ابراهيم ع في سنوات متقاربة .
* و لا ينفذه إلا عتاة أغبياء جبلوا بطريقة ما فانقلبوا على أعقابهم بمجرد غياب الرسول ع. و درجات الغباء معروفة عند الناس و هناك فرق بينها و بين الجنون . و في قضية الحال فإن الجنون أو الموت أهون مما فعلوا . و المختصون البارعون المسترون هم الذين حرضوا أولائك الأغبياء ثم قتلوهم واحدا واحدا . فالقائم بأي انقلاب بمجرد أن ينفذه يضع أول مسمار في نعشه.
إن فداحة هذا الجرم و ثقله و تأثيره على الصيرورة التاريخية و مصير البشرية جعل الحدس النوسترادامي المتيقظ يتفطن إليه و يلغزه في أربع رباعيات :
3,80
De regne anglais le digne dechassé,//Le conseiller par ire mis à feu//
Ses adherans iront si bas tracer ,//Que le bastard sera demy receu.
يطرد الجدير من الحكم الإنجليزي // المساعد يشعل النار بغضب // أما أتباع الجدير فيلاحقون يهانون بقسوة // و ليكن اللقيط في درجة ثانية
مفتاح هذه الرباعية هو عبارة regne anglais. و لا علاقة لها بالإنجليز.
و في رباعتين أخريين تعوض العبارة بالحكم الإنجيلي أو الحكم الإنساني لسلالة الإنجيلية
10,56
Le regne anglicque par regne respiré,//L’ong temps mort vif en Tunis comme souche
10,42
Le regne humain d’Anglique geniture,//Fera son regne paix union tenir,.
Anglique anglicque anglais : هذه الألفاظ كلها تتضمن حروفا تشير مباشرة إلى شخص معين هو الإمام علي ع ( a,l,i ) كما أنها تصف حكمه بالإنجيلي و لا وجود لسلالة إنجيلية وإنما المقصود بها الحكم الملائكي. و في الرباعية 56/10 هناك تذكير بالدولة الفاطمية أول حكومة شيعية في تونس و هي حية في التاريخ ميتة في الواقع الحاضر( mort vif). أما الرباعية 42/10 فهي تتحدث عن الحكم الإنساني المهدوي .
و تبعا لذلك يكون شرح الرباعية 80/3 كما يلي :
( يطرد الجدير من الحكم الشرعي // بغضب الوزير او المساعد ويشعل النار// أتباع الحكم الشرعي يهانون بشدة.// و ليكن اللقيط في درجة ثانية .)
– يشعل النار إشارة إلى محاولة حرق دار الشهيرة.
– عبارة ( ليكن اللقيط) فيها نوع من الشماتة يبديها الشاعر تجاه الشخص الذي لولاه لما نفذ ما نفذ و رغم ذلك كان في الدرجة الثانية لا الأولى.
7/33.
Par fraude regne, forces expolier,//La classe obsesse, passages à l’espie://Deux saincts amis se viendront s’allier// Esveiller hayne de long temps assoupie
الحكم المستولى عليه باطلا يستعمل القوة // وتفرض المواقف بعناد شيطاني وتستل السيوف// صديقان قديسان سيتحالفان من جديد// و يحييان حقدا دفينا منذ فترة طويلة//
في هذه الرباعية هناك حكم يفتك بالخداع ثم تستعمل القوة إذ تحالف اثنان لهما حقد دفين ضد طرف آخر و هو الجدير بالحكم . و قبل الشرح نعجل بالرباعية التالية التي تصف القصاص من الشخصين في محكمة العدل الإلهي في اليوم الموعود قبل يوم القيامة :
10/30
Nepveu & sang du sainct nouveau venu,// Par le surnom soustient arcs & couvert// Seront chassez mis à mort chassez nu, // En rouge & noir convertiront leur vert
الحفيد سليل القديس يأتي من جديد // بسبب نفس الاسم يمسك برمحه و رداءه // يطردون يجعلونهم موتى مطرودين عراة //
الرباعية 30/10 من أغرب الرباعيات على الإطلاق و درجة الإلغاز فيها معقدة . هناك حفيد قادم نسبه الصحيح مرتبط بقديس . فالحفيد هو الإمام المهدي ع و القديس هو الرسول ص.هذا الحفيد يعود مرة أخرى أو من جديد (nouveau venu ) أي أنه ولد سابقا ثم غاب ثم يظهر مرة أخرى فيكون له مجيء جديد.
المهدي يواطئ اسمه اسم النبي و بموجب هذه التسمبة(Par le surnom) فإنه ع يرث درع الرسول ص وهراوته و سيفه و رايته و عمامته و بردته .عن أبي جعفر ع قال 🙁 ثم يظهر المهدي بمكة عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله، وقميصه وسيفه، وعلامات، ونور، وبيان،.) و قد أشار المنجم إلى هذا الإرث ب( soustient arcs & couvert ) أي يمتلك سيفا أو رمحا/ درعا أو بردة.
إن الشخصين المتحالفين المتآمرين (33/7) هما اللذان سيطردان (30/10) و (يوضعان في الموت ) علما أن ضمير (هم ) في الفرنسية يستعمل للمثنى و الجمع في نفس الوقت ( ils =هما و هم ) . و الرباعيتان لا يكتمل معناهما إلا إذا ألحقت بهما الرباعية 43/8 التي تذكر الشخصين ثم الحفيد. فكأنما الرباعيات فد كتبت حسب الترتيب التالي : 33/7 + 30/10 + 43/8.
وهذه الرباعيات الثلاثة قد يفسرها البعض تفسيرا آخر و هي نفسها قد تنطبق على أحداث أخرى لكن السياق المعنوي والديني و التاريخي يساند هذا الشرح . و نظرا لكون الأحداث المذكورة يلفها التعتيم المفتعل تاريخيا و الغموض أو الخفاء مستقبلا و نظرا لما لها من حساسيات سببت شرخا عميقا بين المسلمين قديما و حديثا فنكتفي بالتلميح و الإيجاز ريثما يأتي القائم عجل الله فرجه ويوضح الغامض:
Deux saincts amis se viendront s’allier
Esveiller hayne de long temps assoupie
إذا كان هذان الشخصان قديسين Deux saincts فما علاقتهما بالحقد الدفين ؟ إن القديس لا يحقد أصلا و الحاقد لا يكون قديسا أصلا .هناك نشاز في المعنى يقتضى إبعاد إما الحقد أو القداسة عن الشخصين . الشاعر أكد أن الحقد هو ضارب بجذوره فيهما منذ زمن و بالتالي لا يمكن نفيه عنهما ( و أودع قلوبهم أحقادا بدرية و خيبرية و حنينية و غيرهم . و أضبت على عداوته و أكبت على منابذته). فهما حاقدان و لذلك سيتحالفان أو يتآمران ضد الطرف الآخر . أما عبارة Deux saincts amis ففيها إلغاز يغير المعنى الصحيح بالتمام . لقد ذكر الشاعر قي 30/10 القديس و هو النبي ص و هو المقصود بكلمة saincts الواردة في صيغة الجمع لأنها سبقت بعدد اثنان = Deux. و ليتضح الإلغاز و يتفق مع التاريخ يجب أن تقرأ العبارة كما يلي : Deux amis du sainct = صديقان اثنان للقديس.
هذه الرباعية تذكر حادثة تاريخية وقعت في يوم وصفه ابن عباس بالرزية و ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه الشهير الذي يعتبر وثيقة نادرة سلمت من التزوير و الإخفاء.
نوستراداموس يعتبر الحادثة – مع أخـــرى من الحوادث – قد غيرت مجــرى التاريـخ فجعلتـــه مليئـا بالكــوارث و الأوبئة و الأمراض و الشقاء . و هي مساوية لإخراج آدم من الجنة .
ماذا سيفعل الإمام المهدي عندما يخرج ؟ الرباعية 30/10 تلغز الإجابة :
Seront chassez et mis à mort chassez nu
هذا الحدث سيقع في عهد الإمام المهدي ع أي بعد أكثر من 14 قرنا فالمتحدث عنهما هما أموات ، إذ هناك إشارة إلى جثتين لأن كلمة mort من معانيها : الجثة ، رماد الجثة ، الميت . أما الطرد أو الإبعاد (chassez ) فقد وقع مرتين و كررت الكلمة مرتين . و طرد الجثة هو إخراجها من قبرها و هي في حالة موت منذ القديم . أما عبارة mis à mort أي وضع في حالة موت و ليس قتلا . و حالة الموت هذه يجب أن تسبقها حالة الحياة بينما نحن بعد أكثر من 14 قرنا . و هذا يعني أن هناك إحياء ثان للجثة ثم تتبعها حالة موت ثانية ثم تليهما عملية طرد ثانية . و نوضح الرباعية كما يلي :
الموت الأول : جثة في قبر – قديما جدا
الطرد الآول : إخراج الجثة – المستقبل
الإحياء الثاني : الجثة تتكلم – المستقبل
الموت الثاني : عودة الى الموت – المستقبل
الطرد الثاني : مصير الجثة – المستقبل
و مصير الجثتين يضبطه البيت الرابع : En rouge & noir convertiront leur vert
اللون الأخضر هو اللون الأصلي للجثة ( غضة طرية ) و الأحمر يشير إلى النار و الأسود يشير إلى الرماد. و المعنى واضح .
لكن الشاعر يتحدث عن الجثتين في الرباعية 43/8 اللاحقة بشكل أغرب :
بعد تقرير مصير الشيئين اللقيطين Par le decide de deux choses bastars
* الشاعر يصفهما بالشيئين الاثنين(deux choses ) أي لم يعودا بشرين مييتين بل مجرد شيئين يحددهما اللون الأسود أي رماد.
* ثم يصف هذين الشيئن بصفة بشرية (bastars ) جمع مفرده : لقيط . ولئن كان أحد الشيئين هو كذلك عند البعض فإن الشيء الآخر ليس كذلك عند الكل . و يبدو أن الشاعر يحدد مفهوما دقيقا للقيط فإذا ارتكب شخص ما جريمة شرعية محددة كقتل الأنبياء و الأوصياء فهو لقيط بحكم شرعي : قال الرسول ص : (لا يبغي على الناس إلا ولد بغاء أو فيه عرق بغية .) وقال الإمام الباقر (ع):( قاتل يحيى بن زكريا ولد زنى وقاتل الحسين بن علي ولد زنى ولا يقتل الأنبياء والأوصياء إلا أبناء البغايا)
إن نوستراداموس قد أصدر حكما بالغ الشدة عند البعض و لكنه يضع عدة استفهامات بالغة الخطورة تستوجب إعادة محايدة لكتابة التاريخ فالجرائم الكبرى لا تكون أمام الأعين بل في خفاء معتم عليه . و نحن – إذ نضع هذا التساؤل – نكتفي بدور التحليل لرباعيات تبين صدق صاحبها في كل ما تنبأ به و استشهد به الكثيرون من هذه الطائفة أو تلك و أكبر شاهد سيكون حتما عصر الظهور الذي أظل زمانه .و قبل نوستراداموس أثار القضية الإمام الصادق ع في حديثه مع المفضل حول وقائع زمن الظهور و الرجعة فقال :
(( ..يخرجان غضين طريين (vert = أخضر )….ثم يحييهما بإذن الله تعالى …ثم يقتص منهما …و يأمر نارا rouge) = أحمر ) تخرج من الأرض فتحرقهما (noir = أسود = رماد). ثم يأمر ريحا فتنسفهما (deux choses = شيئان اثنان = رماد ) في اليم نسفا .))
وعن البرهان في تأويل فرعون و هامان عن الباقر والصادق (ع):
( إن فرعون وهامان هنا هما شخصان … يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمّد في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا.)
و عن حنان بن سدير عن أبيه قال : سألت أبا جعفر ع عنهما فقال : (يا أبا الفضل ما تسألني عنهما فو الله ما مات منا ميت قط إلا ساخطا عليهما و ما منا اليوم إلا ساخط عليهما يوصي بذلك الكبير منا الصغير إنهما ظلمانا حقنا و منعانا فيئنا و كانا أول من ركب أعناقنا و بثقا علينا بثقا في الإسلام لا يسكر أبدا حتى يقوم قائمنا أو يتكلم متكلمنا. ثم قال : ألا و الله لو قد قام قائمنا و تكلم متكلمنا لأبدى من أمورهما ما كان يكتم و لكتم من أمورهما ما كان يظهر و الله ما أسست من بلية و لا قضية تجري علينا أهل البيت إلا هما أسسا أولها فعليهما لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين )
وفي حديث المفضل أيضا عن الصادق (ع::
( (ثمّ يظهر السيّد الأكبر محمّد (ص) في أنصاره والمهاجرين إليه ومن آمن به وصدّقه واستشهد معه ويحضر مكذّبوه والشاكّون فيه والمكفّرون له والقائلون فيه: إنه ساحر وكاهن ومجنون ومعلّم وشاعر وناطق عن الهوى، ومن حاربه وقاتله حتّى يقتصّ منهم بالحقّ ويجازون بأفعالهم منذ وقت ظهر رسول الله إلى وقت ظهور المهدي مع إمام إمام و وقت وقت ويحق تأويل هذه الآية: (وَنُرِيدُ أن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ *و نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَان وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانوا يَحْذَرُونَ). قال المفضّل: قلت: ياسيدي من هامان وفرعون؟ قال (ع): الأول والثاني ينبشان ويحييان …إلى أن قال: لكأني أنظر إلى معاشر الأئمة ونحن بين يدي جدّنا رسول الله نشكو إليه ما نزل بنا من الأمّة بعده وما نالنا من التكذيب والردّ علينا وسبّنا ولعننا وتخويفنا بالقتل، وقصد طواغيتهم الولاة لأُمورهم إيانا من دون الأُمّة بترحّلنا من حرمه إلى دار ملكهم وقتلهم إيانا بالسمّ والحبس والكيد العظيم فيبكي رسول الله و يقول: ما نزل بكم إلاّ ما نزل بجدّكم قبلكم ولو علمت طواغيتهم وولاتهم أن الحق والهدى والإيمان والوصية في غيركم لطلبوه. )
هذا ما قاله الإمامان الباقر و الصادق ع باختصار و يتفق مع ما كتبه نوستراداموس. و التحليل قام بربط الأحداث بالأقوال و مقارنتها ببعض فقط. .
بعد تقرير المصير للجثتين ماذا سيفعل الإمام ع ؟
8/43
Par le decide de deux choses bastars // Nepveu du sang occupera le regne // Dedans lectoyre seront les coups de dars // Nepveu par pleur plaire l’enseigne
بعد تحديد مصير الشيئين اللقيطين // الحفيد سليل (القديس) يملك الحكم // في المكان المقدس ينفذ قتلا بالرماح // الحفيد ببكاء يشرح قضية المظلمة //
Lectoyre = electorat = قداسة شخص و مكان مرتبطين بأحقية إرث مقدس و يشير هنا إلى المسجد النبوي الشريف .
les coups de dars : إشارة إلى عملية قتل كبيرة غير عادية و قداسة المكان و الأمر بالقتل تضفي شرعية دينية مقدسة على الحكم . و لولا ذلك لأقحم الشاعر لفظا يقيم الحكم بل اكتفى بنقل الحدث .
لنترك الإمام الصادق ع يروي ما سيقع و كلامه هو أفضل شرح للرباعية :
(…تجزأ الخلق ( الناس ) جزئين أحدهما موال ( لهما) و الآخر متبرئ….فيعرض المهدي على أوليائهما البراءة منهما …فيقولون: ….بل و الله نبرأ منك و ممن آمن بك…فيأمر المهدي ع ريحا سوداء (coups de dars ) فتهب عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية ..)
و في إرشاد القلوب للديلمي رواية أخرى عن أمير المؤمنين ع نختصرها :
قال أمير المؤمنين ع لفلان:
من علّمك الجهالة يا مغرور؟ أما والله لو كنت بصيراً، وكنت بما أمرك به رسول الله صلّى الله عليه وآله خبيراً، وكنت في دينك تاجراً نحريراً لركبت العقر، ولفرشت القصب، ولما أحببت أن تتمثّل لك الرجال قياماً، ولما ظلمت عترة النبي صلّى الله عليه وآله بفعل القبيح. غير أنّي أراك في الدنيا قتيلا …. وكأنّي أراك وقد دعيت فأجبت ونودي باسمك فأحجمت، و إنّ لك بعد القتل لهتك ستر وصلباً، ولصاحبك الذي اختارك ….
فقال له …: أما تستحي لنفسك من هذا التهكّن؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: والله ما قلت إلاّ ما سمعت، ولا نطقت إلاّ بما علمت. قال: فمتى يكون هذا يا أمير المؤمنين؟
قال: إذا خرجت جيفتكما …. من قبريكما اللذين لم ترقدا فيهما نهاراً، كيلا يشك أحد فيكما إذ نبشتما، ولو دفنتما بين المسلمين لشك شاك وارتاب مرتاب. وصلبتما على أغصان دوحات شجرة يابسة، فتورق تلك الدوحات بكما وتفرع وتخضر، فتكون فتنة لمن أحبّكما ورضي بفعالكما، ليميز الله الخبيث من الطيب، وكأنّي أنظر إليكما والناس يسألون العافية ممّا قد بُليتما به.
فقال: فمن يفعل ذلك …؟
قال: عصابة قد فرقت بين السيوف وأغمادها، وارتضاهم الله لنصرة دينه، فما تأخذهم في الله لومة لائم، ولكأنّي أنظر إليكما وقد أُخرجتما من قبريكما، غضّين طريّين رطبين حتّى تصلبا على الدوحات، فيكون ذلك فتنة لمن أحبّكما، ثمّ يؤتى بالنار التي أُضرمت لإبراهيم عليه السلام، ويجيء جرجيس ودانيال وكلّ نبيّ وصدّيق ومؤمن، ثمّ يؤمر بالنار التي أضرمتموها ……فتحرقا بها. ويرسل الله عليكما ريحاً مرّة فتنسفكما في اليمّ نسفاً بعد أن يأخذ السيف ما كان منكما، ويصير مصيركما جميعاً إلى النار، وتخرجان إلى البيداء إلى موضع الخسف الذي قال الله عزوجل: (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب ( يعني من تحت أقدامكم. قال : يفرق بيننا وبين …؟ قال : نعم . قال: إنّك سمعت هذا و إنّه حق ؟ قال: فحلف أمير المؤمنين ع انّه سمعه من النبي صلّى الله عليه وآله، فبكى فلان… وقال : إنّي أعوذ بالله ممّا تقول ، فهل لذلك علامة ؟ قال : نعم، قتل فضيع، وموت سريع، وطاعون شنيع . ولا يبقى من الناس في ذلك الوقت إلاّ ثلثهم، وينادي مناد من السماء باسم رجل من ولدي، وتكثر الآيات حتّى تتمنّى الأحياء الموت ممّا يرون من الآيات، فمن هلك استراح ومن كان له عند الله خير نجا. ثمّ يظهر رجل من ولدي يملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، يأتيه الله ببقايا قوم موسى ويحيى له أصحاب الكهف، ويؤيّده الله بالملائكة والجنّ وشيعتنا المخلصين، وينزل من السماء قطرها، وتخرج الأرض نباتها. فقال له : أمّا إنّي أعلم أنّك لا تحلف إلاّ على الحقّ ، فوالله لا تذوق أنت ولا أحد من ولدك حلاوة الخلافة أبداً . فقال له أمير المؤمنين ع: (إنّكم لا تزدادون لي ولولدي إلاّ عداوة. ).
فلمّا حضرت فلان الوفاة أرسل إلى أمير المؤمنين ع فقال له: اعلم أنّ أصحابي هؤلاء قد أحلّوني ممّا وليت من أُمورهم فإن رأيت أن تحلّني.
فقال أمير المؤمنين ع : أرأيت لو أحللتك أنا فهل لك بتحليل من قد مضى، رسول الله صلّى الله عليه وآله وابنته، ثمّ ولّى وهو يقول: وأسرّوا الندامة لمّا رأوا العذاب. ) انتهى.
أما في يوم القيامة الكبرى فعن أبي الجارود قال : قلت لأبي جعفر ع :(أخبرني بأول من يدخل النار). قال ع 🙁 إبليس و رجل عن يمينه و رجل عن يساره . )
تلك هي ملامح الحدث التاريخي الأول في الشعر النوسترادامي يجمعه إطار زمني غريب هو الماضي البعيد الضبابي و المستقبل المجهول الضبابي و لكن قدرة التنبوء أزاحت شيئا من الضباب .
و نختم بكلام أمير المؤمنين حول هذه القضية :
( أيها الناس سعيتم في ظلمات الفتن باختياركم لأنفسكم و عصيتموني و أنا سفينة النجاة من ركبها نجا و دخل الجنة و من حاد عنها غرق و كان من الهالكين و اتبعتم سنن الفجار و خططتم تيجان أهل الفخر يجمع أهل الغدر و استبدلتم نور الأنوار بمن سعى في غضب الجبار و اقتسمتم مواريث الأطهار الأبرار و احتقبتم ثقل الأوزار بغصبكم نحلة النبي المختار و صرتم مخلدين في النار. فيا لها من مكيدة في جميع الأمصار . فكأنني بكم تترددون في العمى كما يتردد البهيم في الطاحونة .
أما و الله لو أذن لي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن أحاربكم لحصدت رؤوسكم عن أجسادكم كحب الحصيد بقواضب من حديد و لفلقت من جماجم شجعانكم ما أقرح به قلوبكم …..فلعمري لقد جحدتم أن تكون النبوة و الخلافة فينا و أنتم تذكرون أحقاد بدر و ثارات حنين . أما و الله لو قلت ما أنزل الله فيكم لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم كتداخل أسنان دورات الرحى فإن نطقت بحقي قلتم حسدنا و إن سكت قلتم جزع ابن أبي طالب من الموت … فعن قليل ينجلي لكم القسطل فتجنون فعلكم مرا و تحصدون غرس أيديكم ذعفا و سما قاتلا و كفى بالله حكما و بمحمد صلى الله عليه و آله و سلم خصيما و بالقيامة وقفا و لا يعذب الله فيها سواكم و لا أتعس فيها غيركم و السلام على من اتبع الهدى) .
حدّث حذيفة بن اليمان وجابر الأنصاري، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنّه قال: «الويل ثمّ الويل لاُمّتي من الشورى الكبرى والشورى الصغرى ». فسئل صل الله عليه و آله عنهما فقال : «أمّا الشورى الكبرى فتنعقد في بلدي بعد وفاتي لغصب خلافة أخي وحق ابنتي والصغرى تنعقد في الغيبة الكبرى لتغيير سنّتي وتبديل أحكامي. ».
بعد الشورى الكبرى عاش المسلمون اصنافا من الويلات لا تعد و لا تحصى كنتيجة حتمية لذلك الانقلاب و اليوم نحن شاهدون على الشورى الصغرى و قد حملت الينا ويلات و ويلات جملة و تفصيلا و تسارعت الكوارث علينا و كأن الدنيا على عجلة من أمرها و الآتي أدهى و أمر . فالمختصون في محاربة الانبياءو الاديان كانوا فرادى و مجموعات صغيرة و اليوم هم في قالب دولة صغيرة و لكنها تسيطر على القوى العالمية و توجهها لتدمير الأمة الاسلامية التي بدا حالها و كأنها أسوأ أمة أخرجت للناس .و ستنفي عنها صفة الامة عندمانتفاجأ باسرائيل الكبرى كآخر نتيجة حتمية لذلك الانثلاب . و لا حول و لا قوة الا بالله.
لقد سجل نوستراداموس معالم ذلك الانقلاب و توغل في التعمية عليه و هذا لا يعتبر تنبؤا اذ هو يتعلق بالماضي البعيد و لكنه اهميته تكمن في تحديده لمصير البشرية الاسود و المفعم بالمظالم و الحروب.