23 ديسمبر، 2024 12:52 ص

يشاءُ القدرُ الجميل أنْ يضيفَ الى نور صبري البطل الرياضي المحبوب المهذب الرصين مهمة لم تكن في حسبانه : أن يكون رمزاً لرؤيا شعبية عامة للمدنية واحترام الذات والحرية المنضبطة التي تقف عند حريات الاخرين ولاتمس عقائدهم أو كراماتهم، حين ظهر الى جانب ابنته الدكتورة زينب مهنئا اياها بتخرجها وتفوقها ، ليشاركَ جمهوره والشعب الذي أحبّه فرحَه الشخصي ومناسبته العائلية، لم يجدْ اولئك الذين يتصيدون في مستنقع التفكير المريض الذين يُأوّلون مايرون ومايسمعون كما يشاؤون، وينبّهون الناس الى ما لم ينتبه له أحدٌ، لم يجدوا نقصا في نور فذهبوا الى ادانته لأنّ صورة ابنته في بيتها معه بلاحجاب. ليواجَهوا بهياج جماهيري مضاد تضامناً مع نور من المؤمنين قبل غيرهم.
ليس الأمر في حدود نقد لصورة، من حق أي شخص أنْ يبدي رأيه فيها سلباً أو ايجاباً ، لكن الموضوع الأساس هو الكشف عن سحالي الظلام وديدان التخلف ولغة التكفير والتخوين التي تتطفل على كل ماهو معتدل وطبيعي في العراق وغير العراق . هذه الديدان هي نفسها جمهور السياسات الفاشلة وجمهور الفساد الذي يتسلق الى أعلى مناصب الدولة وجمهور الكراهية وجمهور المتخلفين الذين يحرفون الصبية والشباب عن جادة العلم والمساهمة الفاعلة في بناء مجتمع صحي ، وهم ومن وراءهم يُغيضهم أن تكون للمجتمع رموز ثقافية وفنية وفكرية ودينية رفيعة غير رموزهم السوداء فيحاولون النيل منها بأية ذرائع. وهو حال لاينحصر بالعراق وحده.
فقد حدث مع اللاعب العالمي المصري محمد صلاح حين سُئل في حوار تلفزيوني :
( هل عمرك شربت الخمر )؟
اجاب : لم يحدث أبداً
سألَه المذيعْ : لماذا ؟
أجابَ صلاح : لأنّي لا أحبّه .
وهنا انهالت سحالي مصر على اللاعب الوقور الملتزم اجتماعياً ودينياً ترميه بشرر النعوت الوضيعة ، لأنّه قال لا أحبه ولم يقل حرام !!!. حتى حسمها علماء مسلمون طبيعيون بان الرجل كان يتحدث كانسان وليس كداعية .
مَنْ يملك الحق في أن يرسم طرقاَ لحياة الناس وعيشهم ولغة تعبيرهم في مجتمعات متنوعة العقائد والأفكار والوسائل ، ومن يملك عصا الطاعة ليفرض على الجميع مايراه صحيحا ً، ومن يسمح لهؤلاء السحالي أنْ يستبدلوا اسلوب الدعوة والاقناع والكلمة الحسنة بالفرضِ والقسْر والقمعْ ؟ وأن يجعلوا من المجتمع يدين سلوكهم بهذه الصورة ويظهرهم أقلية مريضة في مجتمع ليس كافراً لكنه مجتمع طبيعي يتصرف الفرد فيه بما لايمسّ عقائد وحريات الاخرين .
ولذلك فمن حسن حظ نور أنه نشر صورته مع زينب الصبيّة التي تحيطها هالة من الحياء وشعلة من الذكاء ، وهو في شبابه يرعاها ويحرس حياتها وسيرتها. من حسن حظه أنّ صورتهما كانت (سونار) لكشف الأورام في جسد المجتمع المريض ، وكشف الصحة أيضا في هذا الجسد من خلال التضامن الشعبي معه ومع صورته الوقورة الجميلة.